يقصد بالمال السياسي استخدام المال للفوز في الانتخابات ، فهو يمّـكن المرشح من الإنفاق بسخاء ، ليس لشراء الأصوات بشكل مباشر ، وإن كان هـذا واردأً ، ولكن للحصول على الأصوات بوسائل الإغراء المادية الأخرى ، حيث يكون المرشح بمنتهى الكرم ، ينفق بدون حساب فالحملات الانتخابية عالية التكاليف.
في الوضع المثالي يجب أن يتم التنافس بين المرشحين على ضوء كفاءاتهم وبرامجهم ، وليس على ضوء قدرتهم على الإنفاق واجتذاب الأنصار ، ولكن الواقع يجعل المال السياسي حقيقة لا مناص منها. وعلى سبيل المثال فقد بلغت نفقات الحملة الرئاسية الاخيرة في الولايات المتحدة حوالي ستة مليارات من الدولارات تبرع بها أفراد وشركات لكلا المرشحين.
الأصل أن المرشح لا يعتمد على ثروته الخاصة في تمويل حملته الانتخابية ، وقـد لا تكون له ثروة ، فالاعتماد على التبرعات والدعم المالي الذي يتلقاه ، وهنا تأتي الخطورة ، لأن كبار المتبرعين يريدون الحصول على مقابل بشكل مصالح خاصة يخدمها المرشح إذا فاز.
في الحالة الأردنية ما زال الاعتماد الأساسي على المال الشخصي للمرشح ، الامر الذي يكاد يغلق الباب عملياً على الفقراء ومحدودي الدخل ، ويجعل النيابة حكراً على رجال الأعمال وأصحاب المصالح الكبيرة من تجار ومقاولين وأصحاب شركات خاصة وأن كلفة الحملة الانتخابية لا تقل عن ماية ألف دينار.
ليس هناك طريقة عملية لمنع التبرع لصالح مرشح ما ، فالتبرعات الصغيرة لا تؤدي إلى ضرر ، ولا تشكل قيدأً على حرية المرشح ، ولكن التبرعات الكبيرة تجعل المرشح مجرد مندوب يمثل صاحب المال.
أما الخطورة الأكبر فتكمن في حصول المرشح على دعم خارجي ، فالمعروف أن دوائر في بعض الدول تقوم بتمويل مرشحين في بلدان أخرى لغايات سياسية معروفة مما يشكل اختراقاً لسيادتها.
إذا كانت الدولة لا تستطيع أو لا يجوز أن تمنع جميع أشكال المال السياسي ، سواء كان شخصياً من مرشح ثري ، أو من تبرعات الأصدقاء والمؤيدين لبرنامجه ، فإن الحد الادنى المطلوب هو الإفصاح والشفافية الكاملة ، بحيث يكون على كل مرشح أن يحتفظ بقيود توضح جميع مصادر التمويل التي حصل عليها ، وتفاصيل الإنفاق على الإعلانات واليافطات ووسائل النقل والمركز الانتخابي وغير ذلك ، وأن تكون التبرعات والنفقات معززة بمستندات مناسبة ، وأن تخضع هذه القيود والمستندات للتدقيق ، وأن يكون إخفاء معلومات هامة جريمة يتحمل النائب مسؤوليتها.