قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني بمقاطعة الانتخابات النيابية القادمة أثار الدهشة ، خاصة وأنه يأتي متزامنا مع قرار الاحزاب القومية واليسارية بالمشاركة ، فلماذا يقرر الحزب الشيوعي لنفسه العزلة عن المجموعة التي تشاركه في أكثر التوجهات ، لينضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في موضوع المقاطعة ، ولماذا يحرم نفسه من مناسبة وطنية لطرح برامجه وتعريف الناس على قادته.
عندما يقاطع الإخوان المسلمون الانتخابات فإنهم يأملون أن يجرحوا شرعيتها ، باعتبار أنهم القوة المنظمة الاولى في البلد ، فماذا يريد الحزب الشيوعي أن يحقق نتيجة قراره بالعزلة عن التيار القومي واليساري كحزب صغير موجود بقوة الاستمرار وبشكل رمزي غير مؤثر.
الإخوان المسلمون قرروا المقاطعة لأسباب مفهومة ، فلديهم مطالب سياسية أهمها تغيير قانون الانتخاب ، وإعادة صياغته على مقاسهم ، لأن نظام الصوت الواحد لا يسمح لهم بتقديم أكثر من مرشح واحد في الدائرة الواحدة ، فهم يريدون الحصول على أغلبية مطلقة في المجلس ، ليتسلموا الحكم ، فلماذا يقاطع الحزب الشيوعي ، وهو لا يرغب ولا يستطيع أن يقدم أكثر من مرشح واحد في عدد محدود من الدوائر ، وليس له في هذه المرحلة مطامح بأغلبية نيابية تستلم الحكم وتغير الدستور وتفرض على البلاد دستوراً جديدأً من صنعها على الطريقة المصرية.
في قرار المقاطعة أن الحزب الشيوعي يمكن أن يعود عن قراره ويخوض الانتخابات القادمة إذا تراجعت الحكومة عن تحرير أسعار المحروقات ، فالحزب يريد أن يستمر دعم الأغنياء قبل الفقراء بدون تمييز ، ولو كان ذلك على حساب إغراق البلد بالمديونية. ويريد من الحكومة أن تتراجع عن قرارها الصحيح لكي يتراجع هو عن قراره الخاطئ!.
هذا السبب يدعو للدهشة ، لأنه يدل على قطيعة تامة عن الأحداث والوقائع الجارية ، فقد تم تنفيذ قرار إصلاح الدعم ، وتمت حماية العائلات الفقيرة التي يفترض أن الحزب الشيوعي يناصرها بمبلغ 420 ديناراً ، تكفي لدفع فروقات الثمن على 120 أسطوانة غاز سنوياً. أما أصحاب السيارات الخاصة التي يستورد الأردن ربع مليون منها سنوياً فهل يجوز أن تدعم الدولة وقودها على حساب المال العام؟ ألا توجد أولويات أخرى غير دعم البنزين لإنفاق المال العام إذا كان متوفراً.