كما يقال في السياسية ليس هناك صديق أو عدو دائم وإنما هناك مصالح ليس بالضرورة أن تكون دائمة. يعتقد الكثيرون بان ما أشيع بانه قد ورد على لسان سعادة السفير الإيراني في مقابلته مع فضائية (جو سات) لم يستغل سياسيا كما يجب. فمن المعروف بان المملكة تحتوي العديد من المناطق التي تعتبر مزارات مقدسة للطائفة الشيعية على رأسها مقام سيد الشهداء جعفر بن ابي طالب. وبصرف النظر عن صحة أو دقة العرض الايراني بتقديم النفط مجانا للأردن لمدة ثلاثين سنة فان اي حكومة تمر بما تمر به المملكة لا تستطيع أن تتجاهل هذا العرض (سواء أكان جديا أم لم يكن) ولا تستطيع ان تجيب المواطن العادي الذي فغر فاه متسائلا لماذا لا؟
لو حلمنا بان الجنوب يستحق منا ان نتقدم بمخطط شمولي (ليس على طريقة الليبراليين في عمان) لمنطقة مؤته وذلك بان يتم عمل حزام دائري حول منطقة مزار الشهداء الصحابة في مؤته بمساحة لا تقل عن عشرة كيلوميترات مربعة بعد إستملاك الاراضي والمباني وتعويض اصحابها تعويضا يزيد عن الاسعار الدارجة وذلك لتأهيل المنطقة للحج الشيعي من إيران ومن العراق ومن غيره -والذي هو حج متكرر على طول السنة- إضافة الى بناء ما تحتاجه من خدمات فندقيه ومساكن للحجاج. كذلك يمكن لنا ان نحلم ببناء مطار صغير في المنطقة الشرقية لمؤته وهي منطقة سهليه وقريبة من شبكة طرق جيدة أهما الطريق الصحراوي للعقبة يستقبل طائرات نقل الحجاج من العراق ومن ايران بطائرات صغيرة (النقل العارض Charter). وحتى يتم السيطرة على عملية الدخول والخروج فإن للدولة الاردنية بصفتها السيادية أن تقرر الموافقة لهؤلاء بالحج الى الاردن بعد الحصول على فيزا حج خصوصية مقابل رسم مقداره مائة دولار وإن تمنح أذون إقامة لمدة لا تزيد على الشهر على اساس المجموعات بحيث يتم التأكد من خروج المجموعة كمجموعة وليس بشكل فردي كما هو الحال مع ما تتطلبه الشقيقة المملكة العربية السعودية لمجموعات الحج. لنتصور مقدار الدخل السنوي الذي سيتحقق للمملكة لقاء دخول خمسة ملايين حاج من رسوم التأشيرة فقط حيث ستبلغ (خمسمائة مليون دولار) ناهيك عن مصاريف السفر والاقامة ومشتريات الهدايا وغيره. يضاف الى ذلك ما ستحصل عليه المملكة لقاء الموافقة على مثل هذه الترتيبات من النفط سواء أكان مجانيا أو بسعر مخفض. إن دخول هذا العدد سيتبعه بالطبع إستثمارات إيرانية في جوانب أخرى يفترض انها ستدر دخلا على المملكة.
إن لهذا الحلم الاقتصادي تكلفة سياسية بالطبع قد تتمثل في ان دول المعسكر الغربي (الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا الغربية) لن تقبل بإيجاد موطيء قدم للعملاق الايراني في خط المواجهه مع إسرائيل، كما أن دول الخليج العربي وبالذات المملكة العربية السعودية لن تقبل بدخول الإيرانين الى الفناء الخلفي للمملكة لما سيشكله ذلك من صداع دائم. كما وقد يكون لمثل هذا التفكير إنعكاسات على الجبهه السورية ايضا بالنظر الى موقف الاردن وهو موقف لن يعجب دولة قطر على سبيل المثال. وبالطبع فان بمقدور هذه الدول مجتمعة أن تتحاشى هذا الحلم المزعج نوعا ما بان تقوم بمعالجة الاسباب الاقتصادية التي تضغط على الاردن للتفكير أو لمجرد الحلم بمثل هكذا سيناريو. وبغير ذلك فاني أعتقد أن من حق الشعوب أن تفكر أو حتى أن تحلم بما يحقق مصالحها.