العلامة الحلبي .. ( بين مرسي و مبارك )

العلامة الحلبي .. ( بين مرسي و مبارك )
أخبار البلد -  

إنّ الحمدَ لله تعالى ، نحمدُه ونستعينه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هاديَ له ، وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسوُله .

أما بعد ..
فإنَّ أصدق الحديث كلامُ الله ، وخيرَ الهدي هديُ محمد ٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمور مُحدثاتها وكلَّ محدثة بدعة ، وكلَّ بدعة ضلالة ، وكلَّ ضلالة في النّار .


يقول الله – تعالى - في محكم التنزيل : { وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
هذه الآيات الكريمات من كتاب ربنا - عز وجل - دلّت على الوصف الغالب على الإنسان ، وهو الخسران ، وهو وصف ٌ عارض ، وليس لازماً ؛ بمعنى أنه ينفكّ عنه ؛ ولكن بما ذكر في الآيات من شروط وهي : الإيمانُ بالله المتعال ، وعملُ الصالحات من الأقوال والأفعال ، والتواصي بالحق والصبر في كل حال ومآل .

ولذلك ؛ فلا عجب أن قال الإمام الشافعي - رحمه الله – : " لو ما أنزل الله على خلقه حجّةًً إلا هذه السورة لكفتهم "

والتواصي بالحق والصبر مقتضاه : الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو " وإن كان من عمل الصالحات إلا أن الله - جل وعلا- خصه بهذا الذكر لشدة أو لحصول الغفلة عنه من كثير من الناس ؛ لأن بعض الناس يظن أنه إذا اهتدى في نفسه، فإن ذلك يكفي، وهذا من الخلط ؛ ولهذا قال الله تعالى : {.. وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بالصبرِ } فلا ينفع الإنسان أن يخرج من هذه الخسارة إلا إذا أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر " كما قال ابن القيم - رحمه الله تعالى – في كتابه ( مفتاح دار السعادة ).

والحقُّ : ما كان عليه أصحاب النبيّ – صلى الله عليه وسلّم – ومن تبعهم بإحسان – عقيدةً وفقهاً واتّباعاً - ؛ وضدّه الباطل : مسالك أهل الكلام والهوى – مخالفةً وفكْراً وابتداعاً – ‘ وما كان إغواءً وإغراءً من شياطين الإنس والجنّ – ابتداءّ - !

و ( أهل السنة أعرف الناس بالحق ) ، وأكثرهم طلباً له بالصدق ؛ حاديهم : نيل رضا الله – خالق الخلق - ، وناديهم : ميادين العلم ، وتبليغه للناس بالحلم والرفق .


على النقيض من أهل الأهواء والحزبيين – عند خطابهم و ( نصيحتهم ! ) للمسلمين ( حكّاماً ومحكومين ) - ؛ فإنّ علماء أهل السّنة يبْنون ( نصيحتهم ) على العلم الصحيح ، و الفهم السليم للواقع ، والعدل والإنصاف ؛ ويبيّنون معانيها بالعبارات الصريحة دون مواربة والتفاف ، أو جوْرٍ وإجحاف ، لا يغرّهم الاستعطاف ، ولا يُغريهم الاستلطاف .


وهذا أصلٌ ينبغي لكل ذي نَصَفَة ٍ الاعتناء به ، فإنه مما يعين على استيعاب ما يصدر عن أهل العلم وفهمه على وجه ٍ سليم ، أو قل - على الأقل - : النجاة من الفهم السقيم ، وفي كُلٍّ أنت على الحقّ – إن شاء الله - مقيم .


" بين ( مرسي) ، و(مبارك) .. أحوال ومواقف –بعيداً عن تأثيرات العواطف- ! "

مقالة سديدة ، وكلمة شديدة لشيخنا الحلبي ( علامة الشام ) .. توجّه – إلى الحقّ – الأفهام ، وتجلي – عن العقول – الأوهام ، لا لُبس – لمن تدبّر – فيها ولا تعقيد ، ولا يُبْسَ – لمن تفكر – بها ولا تقييد ، فلا بأسَ لمن تحيّر فيها أن يكون منه – بالعلم والإنصاف لا سواهما – جدلٌ أو تفنيد.

وأنا – هنا – لست بصدد التفسير لما قاله شيخنا العلامة أو التعقيب ؛ و إنما ( محاولة ) استخلاص بعض ما فيها - من الفوائد – والتنقيب ؛ فلستُ – بالتأكيد – أقْدَرَ من شيخنا الحلبي على بيان قصده ومُرادِه ، ولا أجْدَرَ من كثيرين على إثبات ضدّه أو انتقادِه .

ومقالة شيخنا الحلبي – حفظه الله – فيها كثير مما يمكن الوقوف عنده ؛ من أصول علْميّة ينبغي تقريرها ، أو قضايا عصريّة يلزم تحريرها ؛ لكنّي – اختصاراً – سأتطرق إلى أمرين اثنين يسترعيان الاهتمام ، ويستأهلان بسطَ الكلام ..

فأما الأول : فشكره الدكتور مرسي ( حاكم مصر ) لما صدر منه – مع بدايات حكمه – ، وفي خطابه الأخير – في إيران - كالترضي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - ، و ( إدانته ) النظام السوري المُستبيح لدماء أهل السنة هناك ، وغير ذلك مما أثْلجت به صدور المؤمنين – فضلاً من الله تعالى - .

ولا غضاضة أن يشكر العلماءُ الصنيعَ الحسن للملوك والحكام ، وما فيه – من أقوالهم - خيرٌ للإسلام والمسلمين ؛ فالحقّ إذا صدر – ولو من المخالف – فحقّه أن يُذكر ، ويثنى عليه ويُشكر ؛ فذلكم أدعى أن ( يُكرّر ) ؛ وأمّا أن يُشَكّ في نيّة صاحبه – دون أدلّة أو قرائن - و ( يُسْتنكر! ) ؛ فهذا ليس من العدل والإنصاف في شيء لمن تمعّن في النصوص الشرعية وتدبّر .

ومن يطالع ما قاله العلامة الحلبي في ( شكر الدكتور مرسي ) ؛ يرى جليّاً – دون عناءٍ أو مزيد إمعانٍ – مرامَ الشيخ من كلامه ، وحُسْنَ معانٍ ؛ إذ كان دعوة ونصيحة وتنبيهاً – فضلاً عن الشكر - .. دعوة لهذا الحاكم المسلم للثبات على ما صدر منه – حقّاً و حقيقةً - ، ونصيحة له بالتقدّم أكثر – قدْر الاستطاعة – نحو ما فيه صلاح المسلمين في دينهم ودنياهم ؛ خاصة - اليوم – نصرة أهل السّنة بالوسائل المتاحة ، وسدُّ المنافذ على أعدائهم ، وعدم ( تمكينهم ) من نشر عقائدهم وأفكارهم تحت أيّ مسمىً كان – أو قد يُسْتحْدث مسْتقبلاً ! - .

وأخيراً كان ( تذكير ) العلامة الحلبي – حفظه الله – للرئيس مرسي بـ ( الأسباب الحقيقية ) لعزّة وتمكين الأمة وصلاحها ؛ وعلى رأسها : إصلاح العقيدة والتوحيد ، وواجب ربط المسلمين بتلك الأسباب ؛ وهذا أصلٌ مقدّمٌ ، معظّم عند ( أهل السنة ) دون ارتياب ؛ فإننا – واللهِ – لو أتينا - أو ابتغينا - العزّة من كلّ باب دون ذاك الباب ؛ لوجدناها مؤصدة ، وبـ ( مزالق الهزيمة والتخلّف – مُحدّدة .



وأمّا الأمر الثاني : فـ ( رسالة العلامة الحلبي ) لإخوانه السلفيين – خاصة سلفيي مصر- في مقالته تلك ، وحثّهم – فيها – على عدم استعجال النتائج ، و ( استباق الأحداث ) ، وضرورة التفريق بين كون الدكتور مرسي - الآن – حاكماً مُسلماً لدولة مسلمة ، وكونه واحداً من ( الإخوان المسلمين ) سابقاً ..

من حقّ البعض أن يتوجّس القادم ، ويتخوّف أو يتشاءم ؛ فإنّ ( السياسة العصريّة !) أمرُها ( عويص ) ، وبحرُها ( غويط ) ، ومن ظنّ أن – إذا غاص فيها – لن ترهقه فهو ( عبيط ! ) ؛ " إذ الصادقُ في تأملّه يرى قوماً دخلوا [ في السياسة ] ليُغيّروا فتغيّروا ، وحقّ فيهم قول النبيّ – صلى الله عليه وسلّم - : ( من أتى باب السلطان افتتن ) " كما قال الشيخ عبد المالك الجزائري .

ولكنّ الأمر الواقع – الآن - هو حكم الدكتور مرسي – وفقه الله للحق – في بلاد مصر المسلمة ؛ بما فيها من مشاكل شائكة متراكمة ، وأحزاب وقوى متصارعة مترامية ؛ مما سيلقي عليه أعباءً متزايدة ليس من السهولة بمكان حمْلُها ، وسيلقى ( عُقداً ) ليس من اليسير حلُّها .


فـ ( المؤمَّلُ ) مدُّ يد العون بمختلف الوسائل الشرعيّة المتاحة ، والابتعاد عن مواطن التخذيل ، والتثبيط والتهويل ؛ فإن حصلَ من الخير ما يحبّه الله – تعالى – ورسولُه ؛ كان لمن أعان عليه أجرٌ وثواب ؛ وإنْ حصل خلاف الخير فلن يضرّ أحدنا أن أعان وأخذ بالأسباب ، وله – عند الله – ما نوى ، و – إن شاء الله – حسن مآب .

وبعد ..

فهذا نصحٌ صحيحٌ ثمين ، وتذكير صريحٌ متين ؛ من عالم حريصٍ أمين ؛ ولا نزكّي – على الله – أحداً من العالمين ؛ تحرّى فيه شيخُنا الإنصافَ والدّقة ، و إعطاء صاحب الحقّ حقّه ؛ وهي كلمات – على اختصارها – ذكيّة في التأصيل والتأسيس ؛ لا غموض فيها ولا تلْبيس ، وأظن ألا يؤخذ منها حجّةً للقول بتغيّر ثوابت ( الدعوة السلفيّة ) أو ( التسييس ! ) .

خاتمة :

كلمات فارقة ، ومعانٍ رائقة ؛ من مقالة شيخنا الفائقة ..
" نذكّر سيادة الرئيس الدكتور محمد مرسي – زاده الله توفيقاً – بأهميّة ربط عموم الأمة المصريّة بعوامل الإصلاح الحقيقي ، والذي أهمها – قبل الاقتصاد ! والإدارة ! والسياسة ! و .. و .. _ : الإيمان الحق ، وذلك بـ : إصلاح العقيدة والتوحيد ... "



أسأل الله تعالى أن يوفق ولاة أمورنا لما يحبّه ويرضاه ، وأن يحفظ علماءنا من كلّ شرّ وسوء ، وأن يجعل بلدنا هذا آمناً مُطمئنّاً وسائر بلاد المسلمين ، وصلّ اللهم وسلّم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

شريط الأخبار لماذا انهارت شركة توشيبا اليابانية وتخلى عنها كل شركائها في العالم؟ "الكهرباء الوطنية" تستأجر خزانا عائما للغاز قبل الانتقال لـ"الوحدة الشاطئية" "إعادة تشكيل المنطقة".. قمة ثلاثية "تاريخية" تُعقد في القدس مؤشر بورصة عمان يسجل ارتفاعا تاريخيا بوصوله للنقطة 3506 "الجمارك" تدعو إلى الاستفادة من الإعفاءات من الغرامات المترتبة على القضايا جمعية لا للتدخين: تخفيض ضريبة السجائر الإلكترونية "صدمة" الأردن يتقدم 10 مراتب في مؤشر نضوج التكنولوجيا الحكومية "الإقراض الزراعي": 8 ملايين كقروض بدون فوائد ضمن موازنة العام القادم فريق الشرق الأوسط للتأمين يحرز المركز الثالث في هاكاثون الابتكار في التأمين 2025 وزير البيئة: مخالفة الإلقاء العشوائي للنفايات قد تصل إلى 500 دينار الفقاعات الاقتصادية... لم لا نتعلّم التأمين الإسلامية تحصل على المركز الثاني في هاكاثون الابتكار في التأمين 2025 تخفيض الضريبة على السجائر الإلكترونية ومنتجات تسخين التبغ تعديل الضريبة الخاصة على السجائر الإلكترونية ومنتجات تسخين التبغ قرار تاريخي... الهيئة العامة للقدس للتأمين توافق على الاندماج مع التأمين العربية بعد صدور الإرادة الملكية بالموافقة عليه.. (النص الكامل لقانون الموازنة) التربية تنهي استعدادها لبدء تكميلية التوجيهي السبت المقبل لأصحاب المركبات منتهية الترخيص في الأردن منتخبا إسبانيا وإنجلترا يقدمان عرضين لمواجهة النشامى "وديًا" ملحس: 172 مليون دينار قيمة الاراضي التي اشتراها الضمان الأجتماعي في عمرة