بسام حدادين يكتب قانون "الضمان" في ذمة الرئاستين
- السبت-2012-08-25 | 10:20 am
أخبار البلد -
دورة استثنائية ثانية لمجلس الأمة، بمقاييس وأولويات حكومية تتجاهل إرادة النواب، في مخالفة صريحة للدستور.تصر حكومة د. فايز الطراونة، كما سابقاتها، على اعتبار أن التنسيب بجدول أعمال الدورات الاستثنائية هو حق للحكومات دون غيرها، ولا بأس من "التشاور" مع رئاسة مجلس النواب. وجرت العادة أن "تتوافق" الرئاستان (الحكومة والنواب) على جدول الأعمال دون الإعلان الرسمي عن ذلك.مناسبة هذا الكلام هو تجاهل الرئاستين لعريضة موقعة من الأغلبية المطلقة من النواب (النصف+ 1) تطالب بإدراج القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي على جدول أعمال الدورة الاستثنائية. يحصل هذا الاعتداء الصارخ على الدستور في وضح النهار، بدون الالتفات إلى صرخات النواب وتحذيرات السياسيين وفقهاء القانون الدستوري.المخالفة الدستورية الصريحة التي أشير إليها تكمن في مخالفة المادة 82/ 2 من الدستور، والتي نصها: "يدعو الملك مجلس الأمة للاجتماع في دورات استثنائية أيضا متى طلبت ذلك الأغلبية المطلقة لمجلس النواب بعريضة موقعة منها تبين فيها الأمور التي يراد بحثها". وواضح من النص أن حق الأغلبية النيابية في الدعوة إلى دورات استثنائية، وحقها في تبيان ما ترغب في بحثه من أمور فيها، هو حق مطلق غير مقيد بشرط. ويلزم النص السلطة التنفيذية التي ناطها الدستور بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه (المادة 26) باحترام رغبة الأغلبية النيابية وتنفيذ إرادتها. وإذا كان الدستور يعطي الأغلبية المطلقة من النواب هذا الحق على إطلاقه وشموليته، فكيف ستكون عليه الحال إزاء طلب جزئي للأغلبية النيابية، يطلب فقط إضافة بند واحد على جدول أعمال الدورة الاستثنائية؟! بأي حق، وبموجب أي سلطة، تتجاهل الرئاستان طلب الأغلبية النيابية المطلقة؟ أليس هذا هو التعسف في استعمال السلطة بأبهى صورة؟ كيف لو أن الأغلبية النيابية المطلقة وقعت عريضة تطلب فيها عقد دورة استثنائية لسحب الثقة من الحكومة، وهو طلب يستند إلى نص دستوري لا اجتهاد فيه، فهل من حق الحكومة تجاهله؟تقدم لنا تبريرات واهية لعدم إدراج قانون الضمان الاجتماعي على جدول أعمال الدورتين الاستثنائيتين الأولى والثانية، من مثل أن مدة الدورة قصيرة لا تتعدى الشهر، وأن القانون طويل يتضمن 109 مواد، وسوف يستنزف مدة الدورة التي عليها إقرار قوانين لا يمكن تأجيلها. وهذه التبريرات تُسقط مسبقا شرط الالتزام بالدستور كما أسلفنا. ثم من جعل من هؤلاء أوصياء على مجلس النواب، ليقرروا بالنيابة عنه أولويات مناقشاته؟ ومن قال لهم إن قانون الضمان سيستنزف وقت الاستثنائية؛ فقد شرع مجلس النواب بمناقشته وأقر 5 مواد منه، ومعروف للجميع أن المواد مثار الجدل والخلاف لا تتعدى الخمس مواد، أما البقية الباقية فهناك توافق حكومي-نيابي عليها، وبمباركة مؤسسة الضمان الاجتماعي؟ وما الذي يمنع أن يكثف المجلس جلساته لإقرار هذا القانون الإصلاحي الذي تتأثر به كل الأسر الأردنية تقريبا، وتنتظر بفارغ الصبر رفع الإجحاف الذي طالها ومس حقوقها ومكتسباتها بتعديلات صدرت بقانون حكومي مؤقت.واجب الرئاستين أن تتمسكا بالنص الدستوري أولا، بإدراج قانون الضمان على جدول أعمال "الاستثنائية"، ثم يجري حوار نيابي-حكومي شامل، وليس بين الرئاستين فقط، يشترك فيه رؤساء الكتل البرلمانية، ورؤساء اللجان، وأعضاء المكتب الدائم، يجري فيه الاتفاق على أولوية القوانين وكيفية إدارة الوقت.لكن الحق أقول لكم: إن سبب عدم إدراج قانون الضمان على جدول "الاستثنائية" هو المعارضة الشديدة من الحكومة وأباطرة الضمان الاجتماعي الذين سيخسرون من امتيازاتهم بسبب التعديلات الجوهرية التي أقرتها لجنة العمل النيابية بالتوافق مع ممثلي العمال والنقابيين.وعدم إدراج توصيات لجنة العمل يعني موتا سريريا لها، لأن تشكيل لجنة عمل جديدة لاحقا يعني أنها لن تكون ملزمة بالدفاع عن توصيات سابقتها