في اتخاذ موقف بالمقاطعة أو بالمشاركة في الانتخابات العامة القادمة
ينطلق البعض من حسابات صحيحة وأسباب منطقية تفرضها مصالحه الذاتية. وينطلق البعض
الآخر من مجرد تقليد تيار أصحاب الأصوات العالية بدون حساب أو منطق سياسي مفهوم
وهو موقف يؤدي إلى العزلة ولا يعيق سير القافلة.
الإخوان المسلمون وحدهم حسبوها جيداً وتوصلوا إلى نتيجة محسومة هي أن
خيار المقاطعة هو الأفضل بالنسبة لهم، وعندهم في هذا القرار سببان:
الأول: أن الصوت الواحد لا يسمح لهم بالسيطرة على المجلس القادم، ولا
يعطيهم من المقاعد أكثر مما يأخذون من الأصوات، ومن هنا الضغط والشحن الإعلامي
لشيطنة الصوت الواحد ودفنه لأنه لا يخدم مصلحتهم الحزبية، وهم يأملون أن يؤدي قرار
المقاطعة إلى إعادة فتح قانون الانتخاب مرة أخرى، وتفصيله على مقاسهم.
الثاني: إن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بدون كوتا مضمونة لهم كما كان
يحدث في الماضي ، سوف يكشف قوتهم الحقيقية، فهم لا يستطيعون الحصول على أكثر من
ُخمس مقاعد المجلس ، في حين أن المقاطعة تسمح لهم بإدعاء غير ذلك.
في الجانب الآخر نجد حوالي ثلاثين من الأحزاب اليسارية والقومية
والليبرالية والشخصانية التي تعرف حجمها الحقيقي، ولها مصلحة في القائمة الوطنية
التي ستكون عملياً مكرسة للحزبيين ، وعلى كل حال فإن من مصلحتها أن تشارك في
المعركة الانتخابية، ليس للحصول على أغلبية برلمانية، فهذا غير وارد موضوعياً، بل
لأن المشاركة تعطيها فرصة طرح أفكارها وبرامجها، والاتصال الواسع مع الجمهور، وكسب
الأنصار. والقانون الحالي هو الأفضل بالنسبة لمصالحها الحقيقية إلا إذا كانت ترى
لها مستقبلاً أفضل في ظل حكم إخواني شمولي.
المقاطعة تستهدف المساس بشرعية الانتخابات والبرلمان القادم ، وليست
موجهة في الواقع ضد قانون الانتخاب، بقدر ما هي موجهة ضد شرعية النظام الذي أعطاها
حرية العمل والتعبير، وتغاضى عن تجاوزاتها ومخالفاتها.
إذا صح أن الحكومة مهتمة جدأً باستدراج الإخوان للمشاركة في
الانتخابات القادمة، فإن حماس أو زعيمها خالد مشعل ليس الوسيط المناسب القادر على
التأثير على قرارات الإخوان في الأردن، وعليها أن توسط أميركا، فهي القادرة على
استصدار القرارات المناسبة من جماعة الإخوان سواء كانوا في الحكم (مصر) أو في
المعارضة هنا.