أخبار البلد -
في المقال السابق بخصوص قرار وقف استيراد السيارات المصنوعة قبل خمس سنوات، تناولت النتيجة "الإيجابية" الوحيدة التي تتمثل في زيادة عدد "الجاعصين" في سيارات حديثة. لكن تعالوا اليوم نناقش الأمر بوقار أكثر.
فصاحب القرار يقول إنه يهدف إلى تحديث قطاع النقل وتحقيق أهداف بيئية ومالية أخرى، وهو نمط من التفكير قصير المدى جداً. فما سيحصل كنتيجة مباشرة للقرار هو أن العرض من السيارات القديمة سيكون ثابتاً بسبب توقف الاستيراد، وسيزداد سعرها، وبالمقابل سيكون العرض من السيارات الحديثة مرناً بسبب حرية الاستيراد.
صاحب القرار يعتقد أن المشهد سيتوقف هنا وأن قطاع النقل سيميل إلى التحديث، لأن السيارات القديمة ستتلاشى تدريجياً، وهذه فكرة ساذجة، لأن السيارة الحديثة ستتقدم في العمر، فتلك سنّة الحياة حتى عند السيارات، ولن يتحقق التحديث المطلق إلا بقرار آخر يقضي بإعدام كل سيارة تصل إلى عمر خمس سنوات.
الفارق الوحيد الذي سينتجه القرار، هو أن السيارات القديمة ستكون اعتباراً من الآن ذات منشأ محلي، أي أنها سوف تهرم وتتقدم في العمر في شوارعنا، وسيتوقف المشتغلون بالسيارات القديمة عن تبادل أفكار مثل "جمرك جديد"، أو "استهلاك أوروبي" أو "خليجي" أو غيرها. فالسيارات القديمة جميعها ستكون "استهلاكا محليا".
لكن لماذا لا نسأل عن المستفيد الفعلي من القرار؟ فقد أعلن تجار المنطقة الحرة المشتغلون بالمستعمل عن احتجاج مفتوح وعددوا الأضرار التي تتعلق بمصير ألوف العاملين، إضافة إلى المستهلكين من الفئات المتوسطة. إن الجهة الوحيدة صاحبة المصلحة هي تجار السيارات الجديدة وأصحاب الوكالات.
كما ترون، تتمتع الحكومة بنظرة أعمق، فرغم أن قرارها سيعني اضطراباً في سوق السيارات، لكنه يثبت أنها تراعي "ما وراء الجعصة" أيضاً .