أخبار البلد -
تشكل دول الخليج الآن مقصداً للكتاب والمثقفين والفنانين العرب، بمن فيهم من تربى وساهم في نقد مفاهيم الرجعية السياسية والبترودولار والبرجوازية النفطية وغيرها من المفاهيم التي ربطها المثقفون أنفسهم بالمال الخليجي.
هناك الآن مئات العناوين لمراكز أبحاث وملتقيات وندوات وورش عمل وجلسات عصف ذهني تجري في الخليج تتناول شتى تفاصيل المجتمعات والدول العربية.
من المهم الانتباه إلى أن أغلب هذه الأنشطة يجرى في كل من قطر والامارات تحديداً، ويندر أن تجرى في باقي الدول مثل السعودية والكويت وعُمان والبحرين. لاحظوا إذاً أنها تجري في الدولتين اللتين تفتقدان إلى توفر عنصر المجتمع الوطني المتكامل، بسبب أن "المواطنين" الأصليين يشكلون أقلية بين السكان فيهما. وهذا العامل مهم لأنه يعني (وربما لأنه يضمن) عزلة هذه النشاطات الفكرية عن المحيط الذي تجرى فيه.
علاقة الثقافة العربية في الدول الفقيرة بدول الخليج الغنية ليست جديدة، لكنها تتخذ اليوم صبغة مختلفة كلياً. ففي عقدي السبعينات والثمانينات، كانت الكويت مثلاً موقعاً مهما وشكلت ميداناً مهماً لكثير من الأنشطة من أبرزها سلسلة الإصدارات الفكرية والأدبية المنتظمة منذ عشرات السنين، كما شهدت البحرين نشاطات لفترة من الزمن نشاطات من المستوى ذاته رغم التفاوت في الحجم.
كانت النشاط الثقافي السلبي للمال الخليجي يتكثف في الخارج، حيث نشأ مفهوم البترودولار للإشارة إلى دور هذا المال في نشاط إعلامي وثقافي كثيف، غير أنه منذ مطلع القرن الجديد دخل المال الخليجي من باب جديد على الثقافة أو اللاثقافة العربية، فهناك مال تخصص في الثقافة الهابطة (فضائيات الفن الرخيص والدورشة والشعوذة على الهواء)، إلى جانب مال تخصص في الثقافة "الرفيعة" أغلبها قابل للتوظيف، وهي صورة توحي بنشوء شكل من أشكال تقسيم العمل الثقافي بين أنواع ومصادر هذا المال.