أخبار البلد -
نقترب من نهاية النصف الاول من العام المالي الحالي ومع ذلك يعلن رئيس الوزراء اول من امس ان الاردن تسلم فقط 19 مليون دينار من اصل مجموع المنح والمساعدات المتوقعة والمدرجة ضمن الموازنة العامة للدولة العام الحالي البالغ 870 مليون دينار اي نحو 2.2% من اجمالي المساعدات، وهذا يعني احد ثلاثة اسباب ..الاول اننا لم نستطع اقناع المانحين اننا بحاجة ماسة للمنح والمساعدات، والثاني لم نتواصل معهم بالرغم من الظروف الضاغطة، والثالث ان ارقامنا غير دقيقة اذ نتابع تصريحات لوزارة التخطيط وجهات اخرى عن توقيع اتفاقية هنا او زيادة هناك من المساعدات والمنح الاجنبية، اضافة الى المساعدات العربية التي غابت حتى الآن عن المشهد المالي الاردني بالرغم من اهميتها التي شكلت طوق النجاة المالي للمملكة خلال العام الماضي من خلال المنحة المقدمة من المملكة العربية السعودية الشقيقة.
وبالعودة الى مصادر المنح العربية والاجنبية نعيد الى الاذهان المنح الامريكية المستقرة سنويا الى جانب المساعدات الاوروبية واليابانية، وكذلك الخليجية المقدرة حسب الصندوق الاخير الذي اطلقته دول مجلس التعاون الخليجي البالغ حجمه خمسة مليارات دولار حصة الاردن منه 2.5 مليار دولار للسنوات المقبلة، اي بمعدل نصف مليار دولار سنويا بدءا من العام المالي الحالي، وان تقديم هذه الاموال رهن بقدرتنا في تقديم مشاريع تنموية بالسرعة لتوظيف هذه الاموال في خطط التنمية والتخفيف عن المالية العامة وتحديدا ضمن البرنامج الراسمالي في الموازنة الذي تقلص الى مستويات صعبة باتت تهدد تحقيق النمو المستهدف في البلاد.
ان موقع الاردن المتميز ودوره الجيوسياسي مشهود ومعترف به، الى جانب جهود الدولة الاردنية في تحقيق اصلاح شامل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يقوده جلالة الملك يشكل عامل استقرار اقليمي ويتطلب دعم ومساندة المانحين عربيا ودوليا، وهذا يتطلب من الحكومة متابعة ملفات المنح والوعود العربية والدولية في دعم الاقتصاد الاردني الذي تضرر كثير من الازمة المالية العالمية وتداعيات الربيع العربي الذي ساهم في تقليص حركة السياحة الى الاردن والمنطقة بشكل عام، وزيادة تكاليف المعيشة جراء ارتفاع قيمة المستوردات بخاصة فاتورة الطاقة .
ان تباطؤ المنح والمساعدات العربية والاجنبية تنذر بعواقب وخيمة على المالية العامة والدين العام، وان الاكتفاء باطلاق هذه الارقام دون تحرك حكومي منتج من شأنه ان يعقد حياتنا لاسيما وان الاردن لم يبلغ المستوى المريح في الاعتماد على الذات، وان تعريض الاستقرار المالي في البلاد للتأزم من شأنه ان ينعكس على الاستقرار الاقتصادي الاجتماعي، ويؤثر على دول المنطقة بشكل عام، فالحكومات قامت بما يمكن القيام به واطلاق الخطة تلو الاخرى للاعتماد على جيوب المواطنين حتى بلغت مستويات لايمكن الاستمرار في هذا النوع من الخطط بعد ان تراجعت قدرات المواطنين على المساهمة في رفد المالية، لذلك المنح والمساعدات يجب ان تعتلي اهتمامات الحكومة.