أخبار البلد -
التقت اللجنة القانونية في مجلس النواب كل تلاوين المجتمع؛ من الأحزاب إلى النقابات، إلى مؤسسات المجتمع المدني، إلى ممثلي البلديات والعشائر والمجالس الاستشارية في المحافظات. وكان الإجماع قويا على دفن الصوت الواحد وتوسيع الدوائر. مع ذلك، كان ثمة حملة غامضة للعودة إلى الصوت الواحد، وتهيئة للأجواء من داخل مجلس النواب نفسه. وآخر المقترحات التي سُربت، أُلبست زورا اسم "صوت للدائرة وصوت للمحافظة"؛ والمقصود ليس صوتا للناخب داخل دائرته وآخر خارج دائرته يمكن أن يستفيد منه أي مرشح في دوائر المحافظة، بل يذهب فقط إلى متنافسين على مقعد –أو أكثر- يخصص للمحافظة.
لسنا على علم بمدى حظوة هذه الاقتراح عند دوائر القرار أو بعضها، لكننا ننبه سلفا أنه مشروع احتيالي بائس وعقيم للعودة إلى الصوت الواحد والنظام القديم حرفيا، بعد تلبيسه طبقة رقيقة من السكر، هي مقعد المحافظة! وهو ليس سكرا، بل سكّرين، وليس حلوا بل بمرارة الخديعة والاحتيال.
الجزء الأول من المقترح هو تثبيت الصوت الواحد والدوائر القديمة، وبنفس عدد النواب (120 نائباً)؛ والجزء الثاني إضافة اثنين وعشرين مقعدا توزع على المحافظات، فيزاد لعمان خمسة مقاعد، ولإربد ثلاثة، واثنين للمحافظات المتوسطة، وواحد للصغيرة. يعني، مثلا، تبقى دوائر الكرك ومقاعد كل منها كما هي، لكن يضاف مقعدان للمحافظة يتنافس عليهما مرشحون على حدة، وللناخب صوت لأحد مرشحي الدائرة وصوت لأحد مرشحي المحافظة!
واضح أن الصيغة هي بقاء نظام الصوت الواحد القديم، مع التمويه عليه بالإضافة! فما وظيفة هذا المقعد المختلف أو السوبر؟! وكيف يعالج أمراض النظام الانتخابي؟! وكيف يدعم التنمية السياسية، وتوسيع المشاركة وتوسيع التمثيل، وتأطير المنافسة في قوائم ورؤى برامجية، وتحجيم مفهوم نيابة الخدمات والواسطة؟!
هذه الأسئلة كلها ليست في ذهن "الشطّار" الذين صاغوا الاقتراح؛ فالفكرة الوحيدة هي كيف نتحايل لإعادة النظام القديم، ونتجنب أي تطور إيجابي وتقدمي وحداثي. هذا المقعد البائس للمحافظة يظهرنا شكلا وكأننا تجاوزنا الصوت الواحد ووسعنا الدوائر إلى المحافظة، بل لقد أطلق على مقعد أو مقاعد المحافظة اسم القوائم كبديل لقوائم التمثيل النسبي الوطنية! المناورة مكشوفة! شكر الله سعيكم.
بالمناسبة، ماذا عن المحافظة المكونة من دائرة واحدة مثل جرش والعقبة؛ فهل سيكون لجرش أربعة مقاعد على حدة ومقعد آخر على حدة في دائرتين أولى وثانية على غرار الدوائر الوهمية؟! لنكف عن هذا الهذر وهذا التحايل على التطوير الجوهري والنزيه.
لن يمر التشاطر على القوى السياسية والاجتماعية. وعلى الجميع أن يعرفوا أن الإسلاميين لن يكونوا وحدهم في المقاطعة لدرجة العصيان المدني الانتخابي، بل معظم القوى السياسية ودعاة الإصلاح الأكثر اعتدالا. وقد تحدثت مع حلقات منهم، وعبروا عن هذا الموقف، إذ يتجاوز العبث حدود الاحتمال. نحن على يقين أن جلالة الملك لن يسمح بهذا.