يبدو أن غالبية القوى والفاعليات والشخصيات السياسية، وممثلون عن تجمعات ومناطق في كافة محافظات المملكة، يجمعون على رفض الصوت الواحد في قانون الانتخاب، ويدعون مجلس النواب إلى رفضه، وعدم اعتماده؛ لآثاره السلبية على الحياة الاجتماعية والسياسية في الأردن. كما يبدو من النقاشات التي أجرتها اللجنة القانونية النيابية حول مشروع قانون الانتخاب الموجود بين يديها، أن الغالبية تؤيد قائمة على مستوى الوطن، وترفض القائمة المغلقة أو الحزبية.كما أن الكثير من الفاعليات والهيئات والشخصيات دعوا مجلس النواب إلى تبني توصيات لجنة الحوار الوطني فيما يتعلق بقانون الانتخاب والنظام الانتخابي.نعم، هناك وجهات نظر مختلفة ومتنوعة حول النظام الانتخابي، وتوزيع الدوائر الانتخابية، ويمكن أيضا التوصل إلى تفاهم حولها.ومن هنا، يتبين أن إمكانية الوصول إلى قانون انتخاب توافقي ممكن، وليس صعبا على الإطلاق. فالعامل الأساسي الذي يجمع الناس والقوى السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني، بخصوص قانون الانتخاب، يتمثل في رفضهم للصوت الواحد. فالغالبية ترفض الصوت الواحد، وترى أنه سبب في تراجع الديمقراطية في الأردن، وعدم القدرة على الوصول إلى مجالس نيابية تمثل حقيقة إرادة المواطنين. ومن هنا، يمكن لمجلس النواب أن يدفن الصوت الواحد وإلى الأبد. ودفن الصوت الواحد يتم من خلال الإقرار بوجاهة وضرورة النظام الانتخابي المختلط.الطريق مهيأة أمام مجلس النواب للوصول إلى قانون انتخاب يرضي غالبية القوى السياسية والحزبية، سواء التي شاركت في الحوار أم لم تشارك. ويتم ذلك من خلال إلغاء الصوت الواحد، وعدم التعامل معه نهائيا. كما يتم عن طريق إقرار القائمة الوطنية، وزيادة عدد مقاعدها بدلا من الـ15 مقعدا التي نص عليها مشروع قانون الانتخاب. الجميع يقر بأهمية القائمة الوطنية في تعزيز الديمقراطية من خلال الوصول إلى حكومات برلمانية. فعن هذه الطريق (القائمة الوطنية) نصل إلى كتل وائتلافات برلمانية يمكن أن تشكل الحكومات، ويمكن أن تحجب الثقة. فالمرشحون على القائمة الوطنية لن يكونوا حزبيين فقط، لأن الفتوى الدستورية التي قدمها المجلس العالي لتفسير الدستور، أكدت عدم دستورية اشتراط العضوية الحزبية للترشح على القائمة الوطنية، وبالتالي فتحت الباب واسعا لقوى وتجمعات وشخصيات مستقلة للمشاركة في الانتخابات عن هذه الطريق. ولكن تحديد 15 مقعدا من مجموع مقاعد مجلس النواب للقائمة الوطنية لن يساهم في تعزيز الديمقراطية والوصول إلى حكومات برلمانية. ولذلك، فإن زيادة عدد مقاعد الدائرة الانتخابية ضروري، لاسيما وأنها ستصبح مفتوحة للجميع، وليس للحزبيين فقط. فما المانع أن يصل عدد مقاعد القائمة الوطنية إلى 50 % من مقاعد مجلس النواب؟ نعم، هناك من سيقول إن من المبكر الآن، ونحن في بداية الإصلاح السياسي والحزبي، وعدم وجود أحزاب قوية باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي، منح القائمة الوطنية 50 %، علما أن الانتخابات حسب ما هو مقرر يجب أن تجري هذا العام. ولكن ذلك ليس مبررا مقبولا. فقد يكون منح هذه النسبة للقائمة الوطنية حافزا أمام القوى والهيئات السياسية والحزبية والشخصيات لعقد ائتلافات، وخوض غمار المنافسة. كما أنها ستشجع الأحزاب على تفعيل عملها، وخصوصا على الصعيد الشعبي. ولكن التذرع بضعف الأحزاب لعدم زيادة مقاعد القائمة الوطنية، لن يفيد الأحزاب، لا الآن ولا على المدى البعيد.إن الحديث المستمر عن ضعف الأحزاب، لتبرير عدم التقدم إلى الأمام في قانون الانتخاب، يبقي الأحزاب في حالة ضعف حقيقية. فالأحزاب السياسية تقوى ويشتد عودها بالعمل والمنافسة والقدرة على الوصول إلى مجلس النواب وتشكيل الحكومات، وليس من خلال الأقوال والتنظير. وللعلم، فإن الحديث عن تعزيز الأحزاب كان وراء تعديل قانون الأحزاب. وللأسف، فإن مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب، وأعاده إليه مجلس الأعيان مؤخرا، لا يصنف ضمن القوانين المحفزة للأحزاب، وإنما المثبطة. لذلك، فإن إيجاد بيئة مشجعة ومحفزة للأحزب يتم من خلال وضع قانون انتخاب يساعدها على الوصول إلى مجلس النواب، وليس العكس.مجلس النواب الحالي يستطيع تغيير صورته السلبية التي ارتسمت في أذهان الكثيرين، من خلال إقرار قانون انتخاب عصري، يدفن فيه الصوت الواحد للأبد، ويضع نسبة مناسبة للمقاعد المخصصة للقائمة الوطنية