ناقشتندوة نظمتهامؤخرا مؤسسةالدراسات الفلسطينية،في لارنكابقبرص، "الصراعالعربي الإسرائيليفي ضوء المتغيرات العربيةوالإقليمية". وبطبيعةالحال، كانتالثورة المصريةضمن أول أوراق الندوة.تحدّث في الشأن الباحثالشاب يوسفالشاذلي، الذييتابع دراساتهالعليا في معهد الدراساتالسياسية والدوليةبجامعة لوزان،في سويسرا،والذي كان حاضراً بنفسهفي مختلفميادين الثورة.وينفي الشاذليفرضية "غيابالقضية الفلسطينيةمن ميدانالتحرير والميادينالأخرى". ويدعمنفيه بالإشارةإلى شعاراتهتف بها وعلّقها المحتجونمبكّرا، من نوع "كلموهبالعبري، ما بيفهمش عربي"، الموجه للرئيسالمصري السابق؛و"يا مبارك يا مبارك تل أبيب في انتظارك"؛ واستخدامنجمة داوودفي اللوحاتالاحتجاجية. وكانت هناك شعاراتخاصة بقضيةعقود تصديرالغاز المصريلإسرائيل. ولكن هذا لا يعني، كما يُوضّح يوسف،عدم وجودترتيب واضحللأولويات لدى المُحتجّين؛ فقد رَفَضوا حَرفالانتباه لإسرائيل،قبل إتمامالأهداف الوطنيةالمباشرة. ويضرب مثالا على ذلك أنّ خطيبا في ميدان التحرير،في بداياتالثورة، انتقدإسرائيل وهتف "الشعب يريدإسقاط إسرائيل"، فأصرّ شبابعلى هتافمضاد بعبارة "الشعب يريدإسقاط النظام"، وحثّوه على التركيز على الأولوية المصريةحينها. ويلفت الشاذلي إلى حقيقة أنّ كثيرا من الناشطين الذينقادوا الثورةكانوا قد شاركوا في فعاليات دعم الانتفاضة الفلسطينيةالثانية. وأوضح، مستندا لدراساتحول الموضوع،أنّ تلك الفعاليات "كانتنقلة نوعيةفارقة في الحياة السياسية،أعادت السياسةإلى الشارعبعد غيابهاعقودا"، وأنّ "عددا لا بأس فيه من جيل الشباب المسيّسالذي تصدّرالمشهد في منتصف العقدالماضي، وبطريقةأكثر وضوحاًفي المرحلةالثورية، دخل المجال السياسيعن طريققضية فلسطين".على صعيدالسياسات الرسمية،يعتقد الشاذليأنّه من المبكر القولإنّ النظامفي مصر قد تغيّر. ويلفت إلى أنّ الجهاتالتي تتابعملف القضيةالفلسطينية من دوائر ووزاراتفي مصر،وخصوصا المخابراتالعامة ووزارةالخارجية، لم تشهد تغيراًحقيقياً بعد.لا أتذكرمَن مِن المعقبين طلب التمييز بين قضية فلسطينوإسرائيل؛ فالموقفمن إسرائيلورفضها كما تعكسه الشعارات،واعتبارها قضيةأمن داخليمصري، أمر يختلف أحياناًعن التضامنمع فلسطين. فمثلا، رفض تصدير الغازلإسرائيل، لا يعني بالضرورةتأييد تصديرهللفلسطينيين بشروطمشابهة، أو تسهيلا لحياةالفلسطينيين.في الحملة الانتخابيةللرئاسة المصرية،لا يمكنفصل صعودحمدين صبّاحي،الكاريزمي، عن مواقفه من فلسطين، التيوُظفت في صُلب حملتهالانتخابية، بدءامن شريطمواجهته للرئيسالسابق، أنورالسادات إبّانمفاوضات كامبديفيد، يوم كان طالباجامعياً، رافضاأي حل لا يعيدكامل الترابالعربي المحتل،وكامل فلسطين،ثم نشاطاتهالتضامنية مع فلسطين، ومنهازياراته مبعديمرج الزهورمطلع التسعينيات،ووقوفه هناكمع قادة "حماس" مثل الدكتور محمودالزهّار، واستُحضرتصوره مع ياسر عرفات. ولكن صبّاحي،لم يتبنموقفاً شعبويّا؛فأعلن أنّ الشعب هو من يحددمصير اتفاقيةالسلام، وأنّأولويته ليستالحرب على إسرائيل بل على الفقروالفساد، وتصديرالغاز إليها.بالبحث في جذور ثورةمصر، وخلفية "شباب الثورة"، نجد فلسطينوالتضامن معهافي سيرهمالذاتية وماضيهم. وقد رأيناصور بعضهمفي قطاعغزة مُتضامِناًحتى قبل الثورة، وحمدينصبّاحي، وهو "واحد منهم"، أصبح من عناوين الثورة،وقائدا من القيادات التيكانت تفتقرإليها الثورة،ولا يمكنفصل صعودهعن حضورفلسطين في سيرته.تبدو العلاقة بين الشارع العربي،عموما، والشارعالمصري خصوصاً،وفلسطين، أو على الأقلرفض إسرائيل،علاقة عضويةحتمية حينا،وعقلانية تقامعلى الحساباتحينا آخر. ولعل مفتاحالموقف هو ما قالهد. جميل مطر في مقال نشرهلاحقا عن الندوة بأن "الثورات العربيةفي انتظاركمأنتم، وغيركم،مهما طال الوقت، لتنتظمواجميعا كحبّاتفي عقد". وقال: "أيهاالقادمون من فلسطين، لا تنتظروا الثوراتالعربية، فهي التي تنتظركم"، فالعامل الفلسطينيالذاتي مهم لتحويل طاقةالتضامن مع فلسطين، و/ أو الرفضلإسرائيل إلى منجز سياسي.