أقرت الحكومة ليلة أول من أمس الوجبة الأولى من رفع الأسعار، والتي شملت زيادة كبيرة على سعر بنزين "أوكتان 95"، وتعرفة الكهرباء على قطاعات صناعية وتجارية عديدة.تجنبت الحكومة، كما هو واضح، رفع الأسعار على المواطنين بشكل مباشر، ولهذا استثنت من قرارها الاستخدام المنزلي للكهرباء من الزيادة، وبنزين "أوكتان 90" الذي تستخدمه الشريحة الأوسع من المواطنين.بيد أن الأثر غير المباشر لزيادة التعرفة الكهربائية على قطاعات صناعية وخدمية، سينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات. وفي غضون أيام قليلة، سيلمس قطاع واسع من المستهلكين ذلك الأثر في ارتفاع الأسعار.القرار بتجزئة الرفع على مراحل جاء تحسبا من ردة فعل الشارع في حال اتخذ القرار مرة واحدة. وتشير مصادر حكومية إلى أن الوجبة الثانية من قرارات الرفع ستتخذ في الأسابيع القليلة المقبلة، وذلك بعد اتضاح قيمة المردود المتوقع للوجبة الأولى. ومن المتوقع أن تشمل الدفعة الثانية رفع أسعار بنزين "أوكتان 90"، وقائمة عريضة من السلع الكمالية، إضافة إلى تعديل التعرفة الكهربائية للاستخدام المنزلي والقطاعات التجارية.قد لا يتوقف الأمر عند هذا الحد. فالحكومة، حسب ما صرح مصدر رسمي لـ"الغد"، ستواصل النظر في دراسة "بدائل أخرى" للتعامل مع عجز الموازنة المرتفع.لكن المسؤولين الحكوميين يراهنون على أن تكون الوجبة الأولى من قرارات رفع الدعم كافية لإقناع مؤسسات دولية بتقديم قروض جديدة للأردن. فمنذ أيام، تسربت انباء عن تقدم الحكومة بطلب إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة ملياري دولار، و500 مليون دولار من البنك الدولي.كما تأمل الحكومة أن يساعد القرار الأخير في تحفيز دول شقيقة على الإسراع في تقديم مساعدات مالية تساعد في تخفيض عجز الموازنة الذي ناهز ثلاثة مليارات دينار. وتتجه الأنظار بشكل خاص إلى المملكة العربية السعودية، التي أبلغها الجانب الأردني حاجته إلى نحو ثلاثة مليارات دولار هذا العام. وقبل أيام، أبلغ مسؤول خليجي رفيع المستوى شخصية سياسية أردنية أن دول مجلس التعاون انتهت من تأسيس صندوق بمبلغ 5 مليارات دولار لتمويل مشاريع تنموية في الأردن، ينفق على مدار 5 سنوات.على المدى المتوسط، لن يكون لقرارات رفع الدعم، وفق محللين اقتصاديين، أثر ملموس في تخفيض عجز الموازنة. ففي غياب خطة وطنية شاملة تعالج الاختلالات الهيكلية في بنية الاقتصاد الأردني، وتراجع مؤشرات الاستثمار الأجنبي وتحويلات المغتربين وعائدات السياحة، ستبقى الحلول قاصرة عن مستوى التحدي.الأثر الوحيد والملموس لقرارات رفع الدعم، سيكون في إفقار المزيد من الأسر الأردنية، وتحطيم ما تبقى من بنية الطبقة الوسطى، وزيادة الاحتقان الاجتماعى بكل ما يترتب عليه من نتائج كارثية، يزيد من خطورتها الارتداد عن استحقاقات الإصلاح السياسي. فما النتيجة المتوقعة في مثل هذه الحال؟