شهدت العديد من مناطق قطاع غزة تصعيدا إسرائيليا، تمثل في قصف مدفعي وإطلاق نار كثيف، في وقت كانت فيه الأزمة الإنسانية تتعمق بسبب تبعات المنخفض الجوي المتوقع أن يستمر حتى نهاية الخميس، وأعلن جهاز الدفاع المدني عن ارتقاع وفيات منخفضات الشتاء إلى 17 مواطنا، وغرق خيام النزوح ومراكز الإيواء.
خروقات التهدئة
وأعلنت وزارة الصحة عن وصول مستشفيات قطاع غزة شهيد جديد وإصابة خلال الـ24 ساعة الماضية، لترتقع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 70,668 شهيدًا و171,152 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وذكرت مصادر محلية أن قصفا مدفعيا استهدف المناطق الحدودية الشمالية لقطاع غزة، فيما قامت آليات الاحتلال بإطلاق النار على المناطق الواقعة شرق بلدة جباليا شمالي القطاع أيضا بالتزامن مع قصف مدفعي.
وطالت استهدافات مماثلة الأحياء الشرقية لمدينة غزة، كما تعرضت بلدات شرق مدينة خان يونس لهجمات أخرى، وأطلقت قوات الاحتلال النار من رشاشات ثقيلة على جنوب شرق المدينة.
كما استهدفت آليات الاحتلال بالنيران الثقيلة محيط "محور موراج” شمالي مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، وسمع دوي انفجارات يعتقد أنها ناجمة عن قصف جوي للمدينة.
وجاء ذلك في الوقت الذي تواصل فيه حكومة الاحتلال التهرب من استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار، وتواصل هذه الخروقات للاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ يوم العاشر من أكتوبر الماضي.
استمرار مسلسل الاستهدافات اليومية بالقصف والتدمير داخل "الخط الأصفر”
وفي سياق الحملة التي بدأها جهاز الدفاع المدني بغزة، لانتشال جثامين الشهداء من تحت المنازل المدمرة خلال الحرب، أعلن عن انتشال 30 شهيدًا من عائلة "سالم” من تحت أنقاض منزل أبو رمضان، الذي دمّرته طائرات الاحتلال فترة الحرب، ويقع في حي الرمال، فيما لا تزال الطواقم تعمل هناك بإمكانيات بسيطة لانتشال جثامين 30 شهيدًا آخرين من تحت أنقاض المنزل.
ويفتقر جهاز الدفاع المدني للإمكانيات اللازمة لانتشال جثامين آلاف الشهداء الذين لا زالوا تحت ركام المنازل المدمرة، بعد أن تعمدت قوات الاحتلال خلال فترة الحرب تدمير أغلب معدات الجهاز، علاوة عن قتل واعتقال وإصابة الكثير من أفراد الطواقم العاملة.
ضحايا المنخفضات
هذا ولا تزال طواقم جهاز الدفاع المدني تواصل تنفيذ خطتها للتعامل مع آثار المنخفض الجوي الذي يضرب القطاع منذ يومين، والذي أدى إلى اقتلاع وإغراق خيام النازحين، كما تسبب في انجراف منازل طالها الدمار وأدى إلى انهيارها، علاوة عن غمر مناطق واسعة بالأمطار ومنها أقسام مهمة في مستشفى الشفاء، أكبر مشافي قطاع غزة.
وقال محمود بصل المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني، إنه منذ بداية المنخفضات الجوية، انهارت أكثر من 17 بناية سكنية بشكل كامل، فيما تعرّضت أكثر من 90 بناية سكنية لانهيارات جزئية خطيرة، ما يشكّل تهديداً مباشراً لحياة آلاف المواطنين.
وأشار في تصريح صحافي، إلى أن المنخفضات الشتوية أسفرت تداعياتها الجوية عن وفاة 17 مواطناً، من بينهم أربعة أطفال نتيجة البرد القارس، فيما توفّي الآخرون جراء انهيارات المباني.
وأشار إلى غرق نحو 90% من مراكز الإيواء في قطاع غزة تضررت بشكل كامل نتيجة السيول ومياه الأمطار، فيما تضرّرت وغرقت كافة خيام المواطنين في مختلف مناطق القطاع.
وأوضح أن ذلك أدى إلى فقدان آلاف الأسر لمأواها المؤقت، وتسبّب في تلف ملابس المواطنين وأفرشتهم وأغطيتهم، وفاقم من معاناتهم الإنسانية.
وأشار كذلك إلى أن طواقم الدفاع المدني تلقت أكثر من 5000 مناشدة واستغاثة من المواطنين منذ بدء المنخفضات الجوية على قطاع غزة، وطالب من جديد وبشكل عاجل دول العالم والمجتمع الدولي بالتحرّك الفوري لإغاثة المواطنين وتوفير الاحتياجات الإنسانية الطارئة، وأكد أن الخيام أثبتت فشلها الكامل في قطاع غزة، وطالب الجهات المعنية والمؤسسات الدولية بعدم إدخال الخيام بشكل قطعي، والبدء الفوري والعاجل بعملية إعادة الإعمار وتوفير مساكن آمنة تحفظ كرامة الإنسان وتحمي حياته.
قيود على البضائع
يشار إلى أن رامز الأكبروف، نائب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، شدد على أهمية الحفاظ على مساحة العمليات وتوسيعها للأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني، بما في ذلك من خلال تجديد تسجيل المنظمات غير الحكومية، أمر بالغ الأهمية.
ونقل عنه موقع الأمم المتحدة، قلقه العميق إزاء الوضع الإنساني في القطاع الذي وصفه بـ”الكارثي”، مشيرا إلى الأضرار الهائلة التي لحقت بالبنية التحتية، وأكد أن وصول المساعدات الإنسانية "لا يزال مقيدا، حيث تواجه قوافل الإغاثة عقبات لوجستية وأمنية”، ودعا جميع الأطراف إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون عوائق.
ورغم ترحيبه بإعادة فتح معبر جسر الملك حسين جزئيا، أشار إلى أن كميات الإمدادات التي تمر عبره محدودة حالا، وطالب السلطات الإسرائيلية على تسهيل نقل المساعدات المنقذة للحياة في الوقت المناسب وبكميات كافية عبر الممر الأردني الحيوي.
ومع استمرار فرض إسرائيل للقيود على حركة البضائع والمساعدات التي تمر إلى قطاع غزة، قالت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، إنها تتابع بقلق بالغ استمرار أزمة النقص الحاد في إمدادات غاز الطهي في قطاع غزة، وما يترتب عليها من آثار إنسانية خطيرة تمسّ بشكل مباشر حق السكان المدنيين في الحياة الكريمة والصحة والغذاء، وذلك في ظل القيود التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلية على إدخال هذه المادة الحيوية، رغم سريان وقف إطلاق النار والتفاهمات المعلنة 66 يوم.
وأوضحت المؤسسة أنه وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها، والمستندة إلى إفادة إسماعيل الثوابتة مدير عام مكتب الإعلام الحكومي، فقد أوضح أنه منذ سريان وقف إطلاق النار وحتى تاريخ 6 ديسمبر/ كانون الأول 2025، سمح الاحتلال الإسرائيلي بدخول 104شاحنات فقط من غاز الطهي إلى قطاع غزة، وهو رقم متدنٍ وخطير لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية الأساسية للسكان، ولا ينسجم مع ما تم الاتفاق عليه، حيث أنه وفقاً للتفاهمات والاتفاقات المعلنة كان من المفترض دخول 660 شاحنة غاز طهي خلال الفترة نفسها، ما يعني أن ما دخل فعلياً لا يتجاوز نحو 16% فقط من الكمية المتفق عليها.
وبحسب المؤسسة، تبلغ الحصة المعتمدة لكل أسرة 8 كيلوغرامات من غاز الطهي في الدورة الواحدة، وتصرف لمرة واحدة فقط خلال كل دورة توزيع، بسبب الشح الحاد في الكميات الواردة إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم.
وقالت إنه منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، سمح الاحتلال الإسرائيلي بدخول كميات محدودة، متقطعة وغير منتظمة من غاز الطهي. وتُقدَّر الكميات التي سُمح بدخولها منذ بداية الحرب وحتى الآن بحوالي 24,000 طن فقط خلال فترة 26 شهراً، في المقابل، كان من المفترض إدخال نحو 206,000 طن من غاز الطهي خلال الفترة نفسها، ما يعني أن نسبة الالتزام لم تتجاوز أقل من 12% من الكمية المفترضة.
وأكدت أن هذا النقص الحاد فاقم الأزمة الإنسانية، وأثر بشكل مباشر على المنازل، والمستشفيات، والمخابز، والمطابخ الجماعية، وهدد الأمن الغذائي والصحي لمئات الآلاف من الأسر.
وأكدت المؤسسة أن القيود المفروضة على إدخال غاز الطهي إلى قطاع غزة تمثل انتهاكاً جسيماً لأحكام القانون الدولي الإنساني، ولا سيما، اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وقالت "إن الاستمرار في تقليص ومنع إدخال غاز الطهي، رغم توفر الآليات والقدرة على التوريد، يشكل استخداماً غير مشروع للتجويع وحرمان المدنيين من المواد الأساسية كوسيلة ضغط، ويرقى إلى انتهاك جسيم قد يرقى إلى جريمة حرب”.