اخبار البلد
كان حديثا طويلاومتشعبا مع الملكة رانياالعبدالله أمس عن همومالتعليم في الأردن، بعد جولة طويلةعلى مبادرة "مدرستي"، ومتحفالأطفال، وأكاديميةالملكة رانيا،وصندوق الأمان. هناك الكثيرمما يقالعن الإنجازات،والكثير أيضاعما يمكنأن يقالعن التحديات. وأتمنى لو أقدر على التفاؤل مثل جلالتها، ولكنيغير قادرعلى مقاومةقرع الأجراسنتيجة ما ألاحظه في المدارس والجامعاتوالبيوت، ومن قصص الأصدقاءوالأقارب.فأنا أرى أبنائيفي المدارسوالجامعة، وأستمعوألاحظ، ويعملعدد كبيرمن أسرتيفي التعليمالمدرسي والجامعي. وصرت في موقف لا أستطيع أن أغادره، يجعلنيأعتقد أن المدارس والجامعاتفي بلدنالا تقدممهارات الحياةالأساسية، ولا أسس العملوالمهن والأخلاقوالسلوك التيتؤهل أبناءناليكونوا مواطنينصالحين مفيدينلأنفسهم ومجتمعاتهم.أرى ابنيفي الصفالثالث مشغولابأوراق عمل كثيرة عن عدد أوجهالمخروط، وشكلوجه الأسطوانة.. ويطلب مساعدتيولا أعرفبالطبع. ويأتي "عليّ" كل يوم محملابالمسائل، يحفظجداول الضربويجري القسمةالطويلة، ويعدأثقالا من أوراق العمل. لكن "عليّا" لم يتعلمفي المدرسةكيف يقدرالحياة والجمالويتذوق الموسيقى؛كيف يكونإنسانا صالحامفيدا لنفسهومجتمعه؛ كيف يقطع الشارع؛كيف يستمعويحاور؛ كيف يميز بين القبيح والحسن،والصواب والخطأوالمفيد والضارّ؛لم يتعلمقصيدة جميلةأو يكتبقصة أو يلقي خطبة؛لم يتعلممهارة من مهارات الحياةاليومية والسلوكالاجتماعي.ويأتي محملا بالقصصوالأسئلة عن يأجوج ومأجوج،والمصارعين، وريالمدريد، وعذابالقبر، والشجاعالأقرع. وأمضي كل يوم ساعات طويلةلأخلص "عليا" مما لحق به في المدرسة من أوهاق وتلوث،وأفشلُ بالطبع. وفي نهايةالعام، أدفعللمدرسة ثلاثةآلاف دينارمقابل هذا التلوث والتشويهالذي يلحقبه، وأتعجبكيف لم أسمع بقصصيأجوج ومأجوجوالأعور الدجالوعذاب القبرإلا في المرحلة الثانوية،وأنا نشأتفي بيئةمتدينة، آبائيوأجدادي وإخوانيالكبار! وكيف لم يسمعأولادي في مدارس عمانالخاصة عن المنفلوطي والعقادوأحمد أمينوالمتنبي والشنفرىوشكسبير، وكيفعرفتهم في مدرسة ابتدائيةمعزولة، لم تكن لها ميزانية تذكرولا مكتبةولا ملعبولا مختبر! كيف تولىالمناهج والعمليةالتربوية في الستينيات خريجوأهم الجامعاتالأميركية مثل كولومبيا، وبعدخمسين سنة يتولى العمليةالتربوية من هم أقل شأنا بكثيرمن جيل الخمسينيات والستينيات! إذن، إلى أين تمضيبنا الجامعاتوالبعثات التعليمية؟أقدرمبادرة جلالةالملكة رانيافي تطويرالتعليم وتحفيزالقطاع الخاصوالمجتمعات على المشاركة في العملية التعليمية،ولكني أتساءلبقلق: كيف يمكن أن تغطي المبادرةجميع المعلمينوالمدارس؟