في الأسابيع الماضية تعالت النداءات والكتب الرسمية والمراسلات الموجّهة إلى معالي وزير الأشغال العامة والإسكان، بصفته الراعي التنفيذي الأول لقطاع الإنشاءات في الأردن والمسؤول المباشر — بحكم القانون — عن متابعة أداء نقابة المقاولين والتأكد من سلامة إجراءاتها، وتطابقها مع الأنظمة والتشريعات النافذة.
ومع ذلك…ورغم وضوح الرسائل، وتكرار المطالبات، وتفاقم المخاوف…ما زال الصمت سيد الموقف.
وهنا يبرز السؤال المشروع، الذي يتداوله المقاول قبل المواطن:
لماذا يصمت وزير الأشغال؟
هل هو صمت إداري؟
أم صمت اضطراري؟
أم صمت فُرضت عليه "اعتبارات سياسية أو حزبية” جعلته يبتعد خطوة عن المشهد وهو يرى القطار يسير في اتجاه خطير؟
نحن لا نتّهم أحدًا، ولا نشكك في نوايا أحد، ولكن من حق القطاع أن يسأل:
هل هناك ضغوط سياسية؟
هل هناك حسابات حزبية؟
هل هناك محاولات لإبعاد الوزارة عن دورها الرقابي الذي منحه إياها المشرّع صراحةً في قانون نقابة المقاولين؟
القضية ليست شخصية… بل قطاعية بامتياز
ما يقوم به مجلس نقابة المقاولين اليوم من تعديلات على الأنظمة والقوانين أمر يستحق الوقوف عنده مليًا، خصوصًا تلك التعديلات التي تمسّ العلاقة بين النقابة ووزارة الأشغال، أو التي قد تؤثر في الصلاحيات الرقابية التي أوجبها القانون لضمان سلامة الإدارة وحماية المهنة من الاحتكار أو الانفراد أو تضارب المصالح.
لقد بدأت تطفو إلى السطح محاولات واضحة لـ تحصين مواقع معينة داخل النقابة، وإعادة صياغة الأنظمة بصورة تهمّش دور الوزارة، وتحجّم رقابتها، وتمنح المجلس مساحة عمل منفردة تستبعد "العين الإدارية” التي شرّعها القانون لحماية المهنة لا للتضييق عليها.
وهنا مكمن الخطورة.
على معالي الوزير أن يتكلم… لا أن يصمت
نحن نعرف وزير الأشغال،ونعرف أنه رجل مواقف،ولا يساوم على حقوق الناس.
وهذه ليست مجاملة… هذه حقيقة يعرفها القطاع.
لذلك فإن صمته اليوم محيّر، وغيابه عن المشهد مقلق.
فالقضية لم تعد اقتراحًا إداريًا… بل أصبحت مسألة توازن قطاع كامل يعتمد على العدالة، والرقابة، وتكافؤ الفرص، وعدم ترك القرار في يد جهة واحدة دون مراجعة أو محاسبة.
ولهذا نقول:
معالي الوزير… القطاع ينتظر كلمة، توضيحًا موقفًا… أي شيء.
الصمت في هذه اللحظة ليس حيادًا، بل فراغًا قد يملؤه من لا يملك حق ملئه.
اليوم… قطاع الإنشاءات بحاجة إلى حارس بوابته
لا نطلب صراعًا،ولا نريد صدامًا،ولا نبحث عن ضجيج.
نريد فقط تطبيق القانون كما هو، ودور وزارة الأشغال كما شرّعه المشرّع، لا أكثر ولا أقل.
نريد وزير الأشغال أن يقف كما عهدناه:
رجلًا لا يخضع لضغوط، ولا يُدار من خلف الستار،
ولا يترك قطاعًا كاملًا يسير نحو مسار منفرد دون رقابة ولا محاسبة.
الصمت الرسمي اليوم يسمح بتمرير تعديلات قد ترسم مستقبلًا خطيرًا للنقابة،
ومستقبل النقابة يعني مستقبل كل مقاول،
ومستقبل الإنشاءات يعني مستقبل الاقتصاد الوطني.
ولذلك…نطالب معالي وزير الأشغال بإعلان موقفه، بصوته، بشفافيته، وبما يمليه عليه القانون والأمانة.
فالقطاع لا يحتمل المجاملات،ولا يحتمل التردد،
ولا يحتمل الصمت.



