من الغرامات والحبس إلى الحوافز.. هل يتحول التمويل الأصغر من الردع إلى الرضا؟

من الغرامات والحبس إلى الحوافز.. هل يتحول التمويل الأصغر من الردع إلى الرضا؟
زياد الرفاعي
أخبار البلد -  

في لحظة مفصلية من تطور المنظومة القانونية في العالم العربي، بدأت ملامح تحول عميق تظهر في طريقة التعامل مع المتعثرين ماليا. الأردن، في خطوة جريئة وحقوقية، انضم إلى قائمة الدول التي عدلت قوانين التنفيذ المدني، مقرا قانونا يحد من الحبس المدني للمدينين المتعثرين، مع الإبقاء على بعض الاستثناءات الدقيقة.


إلغاء الحبس في قضايا الذمم المالية لم يكن قرارا عاديا. بل شكل تحولا جذريا أعاد تشكيل العلاقة بين الدائن والمدين، وفرض على مؤسسات التمويل الأصغر – التي لطالما اعتمدت على أدوات الردع – أن تعيد النظر في نماذجها وآلياتها.
وهنا يبرز السؤال الجوهري:
كيف يمكن للمؤسسات المالية الحفاظ على التحصيل والاستدامة.. في بيئة لم تعد تعتمد على الغرامة أو الحبس كوسيلة ضغط؟
استطلاع رأي سريع.. يعبر عن نبض القطاع
في استطلاع أجري بين مجموعة من العاملين والمهتمين بقطاع التمويل الأصغر، جاءت النتائج معبرة:
• 81 % من المشاركين عبروا عن مخاوف حقيقية من تأثير القانون على قدرة المؤسسات على التحصيل، واستقرار تدفقاتها النقدية، وحتى قدرتها على النمو.
• بينما 19 % فقط، اعتبروا أن القانون يمكن أن يفتح بابا لإعادة صياغة علاقة أكثر توازنا وعدالة بين المؤسسة والعميل.
المفارقة هنا، أن هذا الانقسام في الرأي ليس مجرد اختلاف وجهات نظر، بل هو انعكاس لصراع بين نموذج قديم.. ومطلوب جديد.
تحديات حقيقية على طاولة المؤسسات
الأردن، كما في دول أخرى، تسير نحو تقليص دور الحبس المدني، بدأت مؤسسات التمويل الأصغر تواجه مشهدا مختلفا:
• تراجع ملحوظ في نسب التحصيل، خاصة من المقترضين الجدد أو من يفتقرون للانضباط المالي.
• انخفاض في السيولة التشغيلية، ما يعيق تقديم قروض جديدة، ويؤثر على الاستدامة.
• ميل متزايد للاعتماد على الضمانات الصلبة والكفلاء، وهو ما يتعارض مع جوهر الشمول المالي.
• ارتفاع في كلفة المتابعة والتحصيل، في غياب أدوات إنفاذ قضائية سريعة وفعالة.
في هذه الظروف، قد تميل بعض المؤسسات إلى "الانسحاب التكتيكي"، وتقليص محفظتها أو التشدد في الشروط، وهو ما ينذر بعودة شريحة كبيرة من المواطنين إلى "الهامش المالي".
ومن جهة أخرى.. مكاسب لا يمكن إنكارها للعملاء والمجتمع
لكن بعيدا عن هواجس المؤسسات، لا يمكن تجاهل أن القانون الجديد:
• أعاد للمدينين كرامتهم، ورفع عنهم سيف السجن الذي كان يلوح حتى على أكثرهم التزاما.
• شجع فئات واسعة كانت تخشى الدخول في المنظومة التمويلية، على تجربة الاندماج الرسمي.
• فتح الباب أمام علاقة جديدة بين العميل والمؤسسة، قائمة على الشفافية والتواصل لا التهديد والتخويف.
هذا التحول الأخلاقي والحقوقي لا يجب أن ينظر إليه كخطر، بل كفرصة لإعادة هيكلة المنظومة بشكل أكثر نضجا وإنسانية.
من الردع إلى الحوافز.. لماذا لا نكافئ الالتزام بدلا من معاقبة التعثر؟
حان الوقت لطرح بديل جذري:
* نظام تحفيزي إيجابي يشجع الالتزام بدلا من العقوبة على التعثر.
إليكم بعض الأفكار الواقعية التي أثبتت نجاحها في مؤسسات حول العالم:
• تقديم خصومات على الفوائد، أو الإعفاء من رسوم التأخير للعملاء المنتظمين.
• اعتماد "نظام تمويل تدريجي"، يرتفع مع كل دورة ناجحة.
• ربط التمويل بفرص تدريبية أو دعم فني للعميل، بهدف تعزيز قدرته على السداد.
• رقمنة التحصيل والتذكير بالمستحقات بطريقة ذكية ومبنية على البيانات.
• تصميم "برامج ولاء مالي" تمنح نقاطا أو امتيازات للالتزام والانضباط.
تلك الأدوات ليست فقط أكثر عدالة.. بل أثبتت أنها تحقق نتائج أفضل من العقوبات التقليدية على المديين المتوسط والطويل.
في الخلاصة
إلغاء الحبس المدني لا يعني نهاية التحصيل، بل هو فرصة لبناء نموذج أكثر ذكاء، أكثر استدامة وأكثر احتراما للكرامة الإنسانية.
المؤسسات التي تدرك أن التحفيز أقوى من الردع، وأن العلاقة مع العميل هي شراكة لا خصومة، ستكون هي من تقود مستقبل التمويل الأصغر في الأردن والمنطقة.
شريط الأخبار الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026 الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025 "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي"