من يملك الحقيقة؟… هل نراها أم نصنعها؟

من يملك الحقيقة؟… هل نراها أم نصنعها؟
الكابتن أسامة الشقمان
أخبار البلد -  
في زمن سُمِّي عصر "الشفافية"، لم تعد الحقيقة شيئًا يُكتشَف، بل سلعة تُصنَع. لم يعد السؤال: "ما الذي يحدث؟" بل: "من يملك حق قول ما يحدث؟"
في المجتمعات المعاصرة، لا تكمن خطورة الإعلام في كذبه الصريح، بل في صدقه الانتقائي. نحن لا نعيش في زمن الأكاذيب، بل في زمن الروايات المتنازعة… حيث كل طرف يدّعي امتلاك "الواقع"، وكل وسيلة إعلامية تقدّم العالم كما تريد له أن يُرى، لا كما هو.

يُفترض أن الإعلام يقرّبنا من الحقيقة. لكنه في الواقع قد يفعل العكس تمامًا.
الحدث وحده لا يكفي؛ ما يهم هو التفسير، والسياق، والإطار الذهني الذي يُقدَّم من خلاله.

حين تُعرض لقطة من حرب، أو خطاب سياسي، أو حتى صورة طفل… لا تتلقَّى "معلومة"، بل تُلقى في قلب سردية مسبقة التجهيز.

وهنا يتحوّل المتلقي من كائن حرّ إلى مفعول به، من مشاهد إلى متلقٍّ لرغبة الآخرين.

الفيلسوف الفرنسي جان بودريار تحدّث عن مفهوم "المحاكاة"، حيث تصبح الرموز بديلاً عن الواقع… حتى ننسى أن للواقع وجودًا مستقلًّا.

وهذا بالضبط ما يفعله الإعلام حين يكرّر صورة واحدة حتى تختفي الصور الأخرى.

فلا ترى غزة ولا إسرائيل، … بل ترى ما يُراد لك أن تمثّله.

الخبر إذًا لم يعد حدثًا بل "تصوّرًا"، وكل تصوّر هو مشروع أيديولوجي مموّل.

الهدف من تكرار التناقضات الإعلامية ليس المعرفة، بل الإنهاك الوجداني.
تصبح كل رواية مشكوكًا فيها، فتميل النفس إلى العزوف. وهنا تبدأ أخطر مراحل الترويض: أن نكف عن الاهتمام، أن نرفض المشاركة، أن نعتبر اللاموقف فضيلة.

لكن، هل الحياد في قضايا الظلم حيادٌ فعلاً… أم هو تواطؤ مقنّع؟

الإعلام لا يخبرك بما يحدث… بل يُعيد تشكيل طريقتك في التفكير. هو لا يقول لك فقط "ماذا ترى"، بل "كيف تفكّر"، و"متى تشكّ"، و"من تُحبّ ومن تُبغض".

وحين يسألك المواطن عن حقه في الكرامة، يُقال له: "اصمت، فالوطن في خطر".

يُخيفك باسم الوحدة، ويشلّ عقلك باسم الوطنية، ويُحوّل الشعوب إلى جمهورٍ لا يُصفّق إلا لما يراه على الشاشة، لا لما يعيشه في الشارع.
في عالم حيث تُصنَع الروايات وتُباع كالمعلبات، يصبح الوعي الفردي آخر معاقل الحرية.

ليس المطلوب أن ترفض الإعلام، بل أن تتجاوزه. أن تسأل دائمًا:
-من كتب هذه القصة؟
-من يموّل هذه الصورة؟
-ماذا غاب عن هذا المشهد؟ لأن ما لا يُقال… هو غالبًا الأهم.

ربما لم تكن المعركة يومًا بين "الحق" و"الباطل" كما تُصوّر، بل بين السردية والوعي.

الفيلسوف الألماني نيتشه كتب يومًا: "ليست الوقائع ما يهم، بل التفسير".
وفي هذا السياق، فإن الإعلام لا يُفسِّر فقط، بل يُمهِّد طريقًا لسلطة ما، أيديولوجيا ما، أحيانًا لقمع ما.

ختاما
الإعلام ليس مرآة الواقع، بل عدسة ملوّنة تحرّكها مصالح السلطة.

وما بين الحقيقة التي تُخفى، والمشهد الذي يُعرض، يقف الإنسان وحيدًا أمام مسؤوليته الأخلاقية: أن يعرف.

وفي هذا العالم المُنهك بالمعلومات، فإن أكبر قوة تملكها ليست في "الاطلاع"… بل في "الشكّ المنهجي".

لأنك حين تبدأ بالسؤال، تكون قد بدأت بالفعل طريقك نحو الحرية.


كابتن اسامه شقمان
شريط الأخبار الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026 الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025 "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي"