قالت صحيفة "الغارديان"، إن تحسّن العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة، الذي تجلّى بوضوح خلال استقبال قائد الجيش الباكستاني في واشنطن، أثار "دهشة" الهند.
فبعد سنوات من الجمود الدبلوماسي، يبدو أن العلاقات الأمريكية الباكستانية تشهد تحسّنًا سريعًا، تجلّى في الترحيب الحار الذي لقيه قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير، من الرئيس دونالد ترامب، ما يُشير إلى احتمال وجود إعادة تقييم استراتيجي في ظل الاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط.
وبحسب الصحيفة، "تعرّضت باكستان في وقت سابق لتجاهل شديد، إلى درجة أن رئيس وزرائها السابق عمران خان، اضطر إلى ركوب حافلة المطار العادية عند وصوله إلى الولايات المتحدة، بدلًا من استقباله بسيارة ليموزين".
أما اليوم، فتتمتع إسلام آباد بعلاقات رفيعة المستوى في واشنطن، شملت غداء في البيت الأبيض للمشير منير يوم الأربعاء، واجتماعات مع كبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكي.
ويُضاف إلى ذلك ما وُصف بـ"صداقة" ترامب مع منير، إلى جانب ما تعتبره الهند تجاهلًا أمريكيًا لسجل باكستان في "مكافحة الإرهاب"، وهو ما أثار دهشة نيودلهي، لا سيما في ظل مفاوضات تجارية حساسة تجمعها بالولايات المتحدة.
وقبل بضع سنوات فقط، كان ترامب نفسه قد اتهم باكستان بأنها "لا تقدم سوى الأكاذيب والخداع"، كما وصفها جو بايدن لاحقًا بأنها "واحدة من أخطر دول العالم".
وأشارت الصحيفة، إلى أن "زيارة قائد الجيش الباكستاني تأتي في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط اضطرابات متصاعدة، حيث تستهدف إسرائيل مواقع إيرانية، وتردّ طهران بإطلاق صواريخ".
وربما تأمل الولايات المتحدة في أن تلعب باكستان، وهي من الدول القليلة التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع طهران، دورًا في خفض التصعيد.
وبينما تشترك باكستان مع إيران بحدود يبلغ طولها نحو 900 كيلومتر، فإن هناك أيضًا حسابات أكثر دقة، خاصة في ظل سعي إسرائيل إلى دفع الولايات المتحدة نحو الانخراط في حملتها العسكرية ضد إيران.
ورغم أن الجغرافيا تضع إسلام آباد في موقع محوري، فإن هامش المناورة أمامها يبدو محدودًا، في ظل الدعم الشعبي القوي لإيران داخل باكستان.
لكن بعض المحللين يعتقدون أن الولايات المتحدة قد تسعى لاستكشاف مدى استعداد منير للسماح بطلعات استطلاع جوية أو تقديم دعم لوجستي.
واختتمت الصحيفة بالإشارة، إلى أن "استقبال منير أعاد إلى أذهان المسؤولين الهنود ذكريات قديمة عن ميل واشنطن إلى باكستان في مراحل حرجة، كما في حقبة الحرب الباردة، أو ما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر".
وفي المقابل، يرى محللون أن "إعادة ضبط العلاقات هذه المرة قد تنطوي أيضًا على فرص اقتصادية، إذ تسعى باكستان إلى جذب استثمارات أمريكية في اثنين من أكثر القطاعات العالمية تقلبًا وربحية: العملات المشفرة والمعادن الأساسية".
وقال مايكل كوجلمان، محلل شؤون جنوب آسيا في واشنطن: "لا ينبغي النظر إلى لقاء ترامب ومنير من زاوية الحرب الإسرائيلية الإيرانية فقط؛ فقد كان هناك تعاون أمريكي باكستاني في مجالات العملات المشفرة، والمعادن، ومكافحة الإرهاب. وترامب يُبدي اهتمامًا شخصيًا بالغًا بكل هذه الملفات".