تعود تسميت هذه الطائرة إلى القيادي في الجناح العسكري لحماس المهندس التونسي محمد الزواري الذي اغتيل عام 2016في تونس والإضافة إلى مسيرة الزواري تمتلك المقاومة مسيرات ( شهاب ) وهي أيضًا محلية الصنع وصغيرة الحجموهنالك ايضا مسيرة ( أبابيل ) التي أطلقتها الحركة أول مرة عام 2014 خلال معركة العصف المأكول حيث جالت في مهمة استطلاعية فوق مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل ابيبوهي تعمل بثلاثة نماذج من حيث المهماتالأول استطلاعية والثاني هجومية والثالث انتحارية ( انقضاضيه )
خلال عملية طوفان الأقصى الخالدة استخدِمت حركة حماس كذلك وللمرة الأولى طائرات شراعيةتعرف باسم ( بباورد باراشوت أو مظلات الطاقة ) التياخترقت الحدود الاسرائيلية لمسافة 15ميل حيث ساعدت في إنزال المسلحين الفلسطينيين خلف خطوط الجيش الاسرائيلي وفي قلب مستوطناتغلاف غزةماتسبب وقتها في حالة كبيرة من الذهول والرعب لدى الاسرائيليينخاصة وان الدفاعات الجوية لم تتمكنمن اعتراضهاوعُميت أعين القبة الحديدية عن رصدها لأن كل المنظومات الدفاعية الإسرائيلية غير مجهزةٍ للتصدي لمثل هذه الطائرات الشراعية ما أعطى الفرصة لعشرات المسلّحين المدججين بالسلاح للوصول إلى عمق إسرائيل ومفاجأة الجنود في مناماتهم والمستوطنين في بيوتهموقاعة احتفالاتهم وهذه المركبة الجوية أو المظلات الآلية معروفة في عدة بلدان باسم)الخفاش الطائر(وهي منتشرة لاستعمالات عسكرية ورياضية متعددة
مع بداية شهر حزيران الحالي وبعد شهور من الحصار والهجمات الجوية والبرية القت إحدى الطائرات المسيرة التابعة لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس قنبلة يدوية على وحدة إسرائيليةفي منطقة جبالياشمال قطاع غزةوهي مناطق ينبغي أن لا يكون فيها أي مقاوم واحدما أدى إلى إصابة جنديين بجروح متوسطة وخفيفةاحدهم كان من وحدة يهلوم الهندسية والآخر من جهاز الشاباكوقد استخدمت الحركة هذا الاسلوب في بداية الحرب ثم اختفى لفترة ليعود بقوة بعد قليل منالراحة الميدانيةوالتراجع الظاهري بهدف التكتيك القتالي ليثير الخوف والقلق في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي بعدما بات عناصره في مرمى المقاومة باستخدام الطائرات المسيرة إلى جانب تقنيات المراقبة المتقدمة كالكاميرات والمناظير فضلا عن الاستخبارات الميدانية لرصد تحركات قوات الاحتلال وجمع المعلومات الاستخباراتية حولهم على مدار الساعة
دخول الطائرات بدون طيار بشكل مكثف في المعركة ضد القوات الاسرائيلية عكس قدرة متنامية لحركة حماس على إدارة معركتها الميدانية بكفاءة استخباراتية عالية ما اثار قلقًا استراتيجيًا من مخاطر الهجمات الدقيقة ومن امتلاك حماس لنظم حديثة لجمع المعلومات وتحليل البيانات التي تعطيها أفضلية في التقدير الميداني وتحديد نقاط ضعف جيش الاحتلال والتي لم تكن مألوفة بهذا النطاق في الوقت السابقً
أكثر ما كان يقلق الضباط الإسرائيليين أن الطائرات المسيرة الجديدة التي استخدمتها حماس مؤخرا قد تكون دخلت إلى قطاع غزة خلال فترات وقف إطلاق النار مستغلة إدخال مئات الشاحنات اليومية المحملة بالمساعدات الإنسانية وهو ما يشير إلى فشل استخباراتي مزدوج أولًا في القدرة على منع تهريب هذه المسيّرات وثانيًا في رصد تجهيزاتها وانتشارها ميدانيًا قبل استخدامها في العمليات واللافت في هذا الامر أن أحد كبار الضباط الاسرائيليين لم يستبعد حتى احتمال تهريب هذه الطائرات جوا وهو أمر إن صح فعلا فإنه يكشف عن اختراق أمني خطير لطوق الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات وبما يقوض رواية الاحتلال عن نجاحه في القضاء على قدرات المقاومة بعد شهور طويلة من الحرب ما يعني أن حماس باتت تشعر براحة ميدانية شبه تامة في اصطياد جنود الاحتلال بالكمائن وتفخيخ المباني المهجورة وفوها الانفاق وعمليات القنص المركزة وغيرها
الافتراض السائد في الواقع الميداني وفق هذا المعنى يؤكد بكل ببساطة أن الاحتلال رغم كثافة عملياته العسكرية وضرباته الجوية المستمرة لم يعد قادر على فرض ضغط مستمر يمنع المقاومة من استعادة زمام المبادرة وهذا ما يشكل تحولً كبير في توازن الصراع بعد أكثر من 600 يوم من المعركة المستمرة لا زالت حماس تثبت أنها قادرة على استخدام طائراتها المسيرة وجمع المعلومات بل وتنفيذ هجمات نوعية ضد مختلف الوحدات العسكرية الاسرائيلية
في الواقع هذا الحال لا يمكن تفسيره إلا بوجود إخفاقات متكررة في خطط إسرائيل لإنهاء وجود المقاومة أو تقويض بنيتها التحتية وان ما يحصل يشير الى تطور تكتيكي لحماس يعكس قدرتها على المناورة وتخزين الوسائل القتالية وتنفيذ العمليات النوعية وخلق حالة من الإرهاق والتشتت في صفوف الجيش الإسرائيلي الذي يجد نفسه مضطرًا للتعامل مع حرب عصابات ذكية أكثر من مجرد حملة تطهير ميدانيمكلفة وغير مجدية لتبقىالطائرات المسيرة والصمود الاسطوري رسالة معقدة لا يفهمها الاحتلالحتى الساعة
عودة مسيرات حماس تذكر الاحتلال الإسرائيلي من جديد بأن معركة غزة لا تحددها اعداد الصواريخ أو مواقع الاشتباكات بعدما تغلبت المقاومة على الصدمة وإعادة تموضعها ثم الهجوم بأساليب جديدةاكثر جراءة وعنفوالشاهد على ذلك هو قدرة حماس على تنفيذ الهجوم بهذه المسيرة بعدما فشل الردع الإسرائيلي وبات حقيقة ميدانية كجزء حرب استنزاف طويلة الأمد تخوضها المقاومةبثبات وإصرار
ختاما على الاحتلال الاسرائيلي ان يفهم جيدا بان الطائرات المسيرة لدى حماس ليست مجرد سلاح هجومي فقط بل هي ايضا رسالة سياسية وعسكرية بأن غزة ما زالت وستبقى تقاتل وأن المعركة لم تنتهِ كما يتوهم قادته وفي كل مرة تعود فيها المسيرات للمعركة تتجدد مخاوف تل أبيب ويسيطر الرعب على جنودها وهي الحقيقة الساطعة التي طالما تجاهلتها تل ابيب وفي النهاية نؤكد لكم أن شعبيقاتل منذ اكثر من عامٍ وثمانية أشهروهو مستعد لتقديم المزيد من التضحيات والموت والصمود لن يهزم بسهولة ولن تركعه حرب اجرامية ساحقة مهما عظمت وحشيتها وطال امدها