كتب محمد سبتي:
يستمر خطر المجاعة في ملاحقة المجتمعات المتضررة من الحرب السودانية المستمرة منذ منتصف إبريل 2023، حسب ما أعلن برنامج الأغذية العالمي اليوم الاثنين 10 يونيو 2025.
وقال المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في السودان لوران بوكيرا، إنه "خلال الأشهر الستة الماضية، عزز البرنامج مساعداته، ونحن الآن نصل إلى ما يقرب من مليون سوداني في الخرطوم بدعم غذائي وتغذوي، و يجب أن يستمر هذا الزخم، فهناك العديد من المناطق في الجنوب معرضة لخطر المجاعة".
وأشار إلى أن مهمة أممية إلى الخرطوم وجدت العديد من الأحياء مهجورة، ومتضررة بشدة، وأشبه بـ"مدينة أشباح"، مؤكدا أن الضغط على الموارد المُستنزفة سيزداد، مؤكدا أنه على الرغم "من المساهمات السخية العديدة لعمل البرنامج في السودان، إلا أن البرنامج يواجه عجزا قدره 500 مليون دولار لدعم المساعدات الغذائية والنقدية الطارئة للأشهر الستة المقبلة."
وأوضح أنه "يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن من خلال زيادة التمويل لوقف المجاعة في المناطق الأكثر تضررا، والاستثمار في تعافي السودان، يجب علينا أيضا المطالبة باحترام سلامة وحماية الشعب السوداني وعمال الإغاثة"، مضيفا: "هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لاستعادة الخدمات الأساسية وتسريع وتيرة التعافي من خلال جهود منسقة مع السلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية الوطنية ووكالات الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني".
وتابع: "لقد وسعنا نطاق عملياتنا بسرعة لتلبية الاحتياجات المتزايدة، نهدف إلى الوصول إلى سبعة ملايين أشخاص شهريا، مع إعطاء الأولوية لأولئك الذين يواجهون المجاعة أو المناطق الأخرى المعرضة لخطر شديد".
5 مناطق في مرمى الخطر
والأسبوع الماضي، أعلن المرصد العالمي للجوع، أن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى 5 مناطق ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى.
وكانت سلطة الجيش اليت تحكم البلاد منذ انقلاب أكتوبر 2021، قد علقت مشاركتها في النظام العالمي لرصد ومراقبة الجوع احتجاجا على تقرير يظهر انتشار المجاعة في جميع أنحاء البلاد بسبب الحرب المستمرة، واعتبر مسؤولون في نظام المراقبة الذي يضم أكثر من 19 منظمة عالمية، أن الخطوة التي اتخذتها السلطة السودانية ستقوض الجهود الرامية إلى معالجة واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، في ظل مواجهة أكثر من 26 مليون شخص خطر الجوع.
في غضون ذلك، يرى تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أن انتشار المجاعة في عدد من مناطق السودان يمثل تعمقًا واتساعًا غير مسبوق لأزمة الغذاء.
وتتسع رقعة الجوع في السودان بشكل متسارع في ظل شمول الحرب أكثر من 70 بالمئة من مناطق البلاد، وفقدان نحو 60 بالمئة من السكان مصادر دخلهم وتراجع القدرة الشرائية في ظل تآكل قيمة الجنيه وارتفاع أسعار السلع الغذائية بأكثر من 300 في المئة، بحسب تقارير.
تطورات ميدانية
وعلى الصعيد الميداني للحرب، قالت مصادر ميدانية لصحيفة "إدراك السودانية"، إن قوات الدعم السريع، " استعادت السيطرة على منطقة أم دحيليب الاستراتيجية، بمحافظة كالوقي، بولاية جنوب كردفان بعد معارك ضارية ضد قوات الجيش والمليشيات المتحالفة معه."
وتطرقت إلى مقاطع فيديو من داخل المنطقة تؤكد سيطرة الدعم السريع الكاملة ، مع عرض لخسائر وقتلى من الجيش وعتاد حربي، مشيرة إلى أن العملية العسكرية انطلقت في وقت مبكر من صباح السبت 7 يونيو ، وأسفرت عن السيطرة على المنطقة التي تقع شرق منطقة كاودا، وتعد ذات أهمية جغرافية وعسكرية كبيرة في محور العمليات بجنوب كردفان.
خسائر في كردفان وانقسامات
وجاءت هذه التطورات، بعدما أعلنت قوات الدعم السريع، سيطرتها الكاملة على مدينة الدبيبات الواقعة في ولاية جنوب كردفان خلال شهر مايو المنصرم، كما سيطرت الدعم السريع، خلال ذات الفترة، على مدينة الخوي بولاية غرب كردفان، ومنطقة الحمادي في جنوب كردفان، بالإضافة إلى منطقة أم صميمة الواقعة غرب منطقة الأبيض في ولاية شمال كردفان.
وشهدت تلك المعارك، مقتل اللواء إيهاب يوسف الطيب منصب قائد متحركات كردفان في الجيش السوداني، الذي أثار جدلا واسعا، ووجهت أصابع الاتهام آنذاك، إلى عناصر من قبيلة الزغاوة يقاتلون مع الجيش السوداني.
واختفى على إثر ذلك، القيادي بالقبيلة عبد الله جنا، القائد العام للقوات المشتركة، وسط شائعات تفيد بمقتله، ولكن مصادر إعلامية، أكدت أن الجيش السوداني احتجزه على خلفية مقتل الخبير الكيميائي اللواء إيهاب يوسف الطيب.
الزغاوة.. قصة تهميش مستمر
في غضون ذلك، يشعر مقاتلو الزغاوة بالتهميش من طرف الجيش السوداني، وسط استياء كبير، من معاملتهم كمقاتلين ومواطنين من الدرجة الثانية.
كما أن هناك قيودًا داخل الجيش تمنع مجموعات مثل الزغاوة والمساليت والفور من الترقي إلى رتب عليا، مع تصنيفهم برمز "مفز" في الاستخبارات العسكرية.
وعلى مستوى الأفراد، يعاني أبناء قبيلة الزغاوة من تهميش كبير داخل السودان، حسب تقرير نشره التحالف السوداني للحقوق، خلال شهر مارس الماضي وتحدث التحالف عن مجموعة من الانتهاكات والفظائع التي تم توثيقها ضد مجتمعات الكنابي في السودان، بما في ذلك قبيلة الزغاوة، وذلك خلال الفترة من أكتوبر 2024 حتى دخول الجيش وحلفائه إلى ولاية الجزيرة في يناير 2025.
وأوضح التحالف أن الانتهاكات الجسيمة، شملت التصفيات الجسدية، والإعدامات، والتهجير القسري، ونهب المواشي والممتلكات، مما نتج عنه دمار واسع النطاق، وفقدان للأرواح، وتهجير للسكان.
وقال التحالف، إن مجتمعات الكنابي الذي تنتمي إليه قبيلة الزغاوة، أصبحت "جزءً لا يتجزأ من سكان السودان، وأسهمت في المشهد الزراعي والثقافي للبلاد، ومع ذلك، لا تزال هذه المجموعات تواجه التهميش والإقصاء، حيث يعيش العديد منهم في فقر مدقع ويفتقرون إلى حقوق المواطنة الأساسية."
وجاء في التقرير، أنه "على الرغم من أن هذه المجتمعات تلعب دورًا أساسيًا في الزراعة السودان، فإنها تظل محرومة من حقوقها الأساسية والخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية. كما أن وضعها القانوني يظل غير مستقر، مما يعرضها للاستغلال وانتهاكات حقوق الإنسان."
وتابع التقرير: "تفاقمت الأوضاع عندما استولى الجيش السوداني وحلفاؤه على ولاية الجزيرة، حيث تأثرت بشكل كبير مجتمعات الكنابي في المناطق المحيطة، وتم استهدافها بسبب ضعفها، فقد تعرضت هذه المجتمعات للمجازر، والتهجير القسري، والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، مما يبرز التحديات العميقة التي تواجهها في السودان."
وأضاف: "تعتبر ظروف السكن في مجتمعات الكنابي عمومًا دون المستوى، حيث تُبنى العديد من المنازل باستخدام مواد بسيطة مثل الطين والقش. إن غياب البنية التحتية في هذه المجتمعات يعني أن السكان غالبًا ما يفتقرون إلى المياه النظيفة، والصرف الصحي، والكهرباء. هذه الظروف المعيشية القاسية هي نتيجة مباشرة للإهمال والتمييز التاريخي الذي تعرضت له هذه المجتمعات."