أخبار البلد -
لمنع افراد معينين مصبوغين بصبغة معيّنة وعليهم شبهات ما حتّى وإن لم يكن عليهم شبهات وإنما لتاريخهم وارتباطاتهم تسنّ الدول قانونا يُعرف بقانون العزل السياسي يمنع هؤلاء مِنْ تقلّد أي منصب أو التقدّم لأي انتخابات قد تفرزه ليتبوأ مكان هام في الدولة ومن الامثلة الحديثة العراق وتونس واخيرا مصر ودائما يُعزى السبب لحماية حالة التغيّر التي تتم في الدولة ومكتسبات هذه الحالة.
وفي الأنظمة الجمهوريّة يكون رئيس الدولة هو المُستهدف في حركة التغيير الشاملة فغالبا ما يعني تغيير النظام تغيير الرئيس .
وحيث انّ دولا عربيّة كثيرة اعلنت انّها في مرحلة تغيّر نحو الأفضل لمصلحة الديموقراطيّة والحريّات إلاّ انّ نفس الشخوص التنفيذيّة والتشريعيّة هي التي تقود حركات الإصلاح تلك ومن هنا يأتي السؤال وهو لماذا كانوا اصحاب الدولة والمعالي والعطوفة يدركون حاجة المجتمع الفعليّة لذلك الإصلاح ولم يفعلوا شيئا وهل كان المجتمع مهمّشا لدرجة عدم الإحساس به وبحاجاته المعيشيّة والحياتيّة أم جيوبهم كانت لها الأولويّة وليس غيرها .
وبالتالي هنا يأتي السؤال الهام وهو هل نفس الأشخاص ممن تربّعوا على ظهر المناصب أن يتكيّفوا مع الإصلاح وهذا مشكوك فيه وقد يزيد الامر إعوجاجا وليس تقويما .
لا شكّ انّ هناك شعوبا تنساق كرها وخوفا من السلطة وتقبل بالذل والهوان من اجل لقمة العيش وطبعا هذا ليس مبررا بقبول الذل والهوان لأنّ الكرامة اغلى من الحريّة نفسها فهي شعور الانسان بوجوده وهي شكر الله على نعمة الحياة ولا يجب ان نفقدها إلّا عند خروج الروح لباريها .
فكيف لشعب واع ان يقبل بان يبدأ المسؤولون الذين ثبتت عدم قدرتهم على تلبية حاجاتهم حتّى وإن لم تثبت عليهم تُهم فساد ولكنّهم لم يستطيعوا المحافظة على مقدّرات البلد إن لم يسرقوها بأنفسهم .
وكيف لحاكم عادل ان يرى من كانوا حكّاما عجزة بالأمس باتوا قادة لإصلاح المجتمع وفي الحديث النبوي الشريف انّ أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر فكيف إن كانت كلمات المسؤولين كلهاّ كذب ونفاق ورياء .
ومن المفيد ان يكون هناك نهج اقوى من قانون تشريعي بأن يُمنع أيُّ من المتورطين او المُشتبه بتورطهم أو لهم تاريخ لفترات ما غير معروف أو تشوبه الريبة أو ثبت عدم قدرته على القيام بواجباته فنيّا و/أو إداريا ويكون بمثابة قانون عزل أخلاقي وعندها شيئا فشيئا يبان الغثُّ من السمين والكفؤ من صاحب صف الحكي فقط وتكون تلك احيانا مقاييس للمواطنين في انتخاب ممثليهم في المجالس التشريعيّة كمجلس النوّاب عندما يتخلّصون من التحيُّز للعشيرة والعائلة والصداقة والشللية ويكون الانتماء للوطن هو النبراس الذي يهتدون به .
لقد عُرف في مجتمعنا ما يُسمّى وثائق الشرف الشعبية مثل عادة اطلاق النار في المناسبات وكذلك الحكوميّة مثل ما يتعلّق بالصحافة والصحفيين والتي رفضها صحافيون كُثر ولكن للأسف تلك الوثائق لم يُلتزم بها كلّيا وإنما بشكل جزئي ولمدد محدودة والسبب في ذلك انها لم تصدر من جهة رسميّة ولم تتضمّن عقوبات لمن لا يلتزم بها وإنما كانت غير ملزمة وقد كان بعض من عمل على إصدارها هم اول من اخترقها.
أمّا قوانين العزل فهي مُلزمة ولها اليّة للتنفيذ ولكي لا يكون تنفيذ ذلك القانون إعتباطيّا او إنتقاميا اوتشويهيا بغير وجه حق فيجب ان يتحلّى بادقّ التفاصيل واشد العقوبات لمن يُخادع او يُعطي معلومات خاطئة عن قصد .
والقصد من قوانين العزل الأخلاقيّة هو حماية الوطن والمواطنين من الفساد والفاسدين حيث ان الحكومات لم ولن تستطيع اجتثاث الفساد من منابعه لأن هذه المنابع مُصانة ومحميّة من أصحاب القوّة عاليي الشأن بالرغم من وجود إرادة سياسيّة عليا من قائد البلاد باجتثاث الفساد كما يرد دوما في كتب التكليف السامي للحكومات وبالتالي لم يتبقى للشعب إلاّ أن يتحزّم بالتشريعات مثل قانون العزل والقضاء النزيه وذلك هو المخرز الأخير وبعدها نقول علينا وعلى البلد السلام .