عندما تراقب شخصًا عن كثب، لا بد أن ترى في تفاصيله ما لا يراه الآخرون. وأنا أتابع أحمد الصفدي، رئيس مجلس النواب الأردني، أجد فيه مزيجًا فريدًا من العزم والحكمة، ابن العسكرية الأردنية الذي نهل من ميادين الجيش العربي معنى الانضباط والولاء، وحمل معه تلك القيم إلى ميادين السياسة دون أن يفقد شيئًا من صلابته أو إخلاصه.
ليس كل سياسي يُتقن فن العطاء دون انتظار الثناء، لكن الصفدي فعلها. العسكرية علمته أن العمل للوطن ليس تجارة تبحث عن مقابل، بل تضحية مستمرة لا تنتظر تصفيقًا أو شهرة. وربما لهذا السبب، لا تراه يبحث عن الأضواء، ولا يلهث خلف العناوين البراقة، بل يعمل بصمت، مؤمنًا أن الإنجاز الحقيقي هو أن يرى الأردن قويًا، شامخًا، محصنًا من كل عابر يريد النيل منه.
الصفدي ليس رجل مجاملات حين يتعلق الأمر بالوطن وحقوق المواطن. السياسة عنده ليست ميدانًا لتبادل المصالح، بل مسؤولية تتطلب حزمًا وعزمًا. ومن يعرف ماضيه العسكري، يدرك أن هذا الرجل لم يتعلم إلا أن يكون مقاتلًا حين يحتاج الوطن ذلك، ومفاوضًا حذرًا حين تتطلب المرحلة. هو نموذج لمن يُدرك أن خدمة الأردن شرف، وأن الدفاع عنه ليس خيارًا، بل واجبًا.
وحين تنظر إليه في موقعه اليوم، ترى تلك الفطنة التي اكتسبها من ميادين الجيش، وتلك الحكمة التي صقلتها التجارب. ترى رجلًا لا يتلون حسب المصالح، بل يسير وفق مبدأ واحد: الوطن أولًا، وقائده خط أحمر. ليس لأنه يبحث عن منصب أو يسعى لتثبيت مكانته، بل لأنه نشأ على يقين أن الأردن يستحق رجالًا أوفياء، وأن العسكرية لا تخرج إلا أصحاب العزم.
أحمد الصفدي، قد لا يكون من الباحثين عن الشهرة، لكنه من الذين يصنعون الفرق. وكما يرفع الأردنيون العلم عاليًا كل صباح، هناك رجال يقفون خلف هذا الوطن، يعملون بصمت، ويؤمنون أن العطاء للأردن ليس شعارًا، بل عقيدة راسخة لا تتغير.
كل الفخر والتقدير… لمن يعمل بصمت، ويترك أثرًا لا يزول.
محمد راكان القداح