عشت فتره من الفترات كانت سولافة تربية الشوارب امر حتمي ودارج .. وكان من يقوم بحلق شواربه يتعرض للانتقاد واحيانا للسخريه فكان امر يعتبر مخجل .. الى ان تسلسلت الامور تدرجيا وبلشت سولافة تربية الشوارب تختفي تدريجيا . . في حين هذه المسأله فعليا وحسب ما قرأت ليست من عادات العرب ولم يكن العرب اجمالا يبدون اهتماما او حماسا او يعلقون على هذا الامر الشيء الكثير او الاهتمام الزائد .. فكان امرا عاديا .. ومن اعطى للشارب اهميه وجلب الاهتمام اليه هم ( الاتراك ) ابان الدوله العثمانيه .. فقد اهتموا بتربيته وتفننوا به ايضا .. ساعه برفع الجوانب فوق بشكل افقي او عمودي او بشكل دائري او حلزوني حسب طول الشعر وجودته وكثافته ولونه ...
قديما لم يذكر الشارب عند العرب لا في قصيده شعر ولا بخطبه ولا بقعده ولا بجلسه ولا بمبارزه ولا ما يحزنون ولم يعولوا عليه كثيرا وكان بالنسبة لهم امر عادي واستثنائي .. وكان افتخارهم بالنسب والحسب والبطولات والفروسيه وغيره وليس بالشوارب ... اصلا لم يتطرقوا لامر الشارب لا من قريب ولا من بعيد ..حتى بفتره الاسلام ايضا لم يكن يحظى باهتمام او حث على تربيته بالعكس هناك حديث شريف بما معناه ( حفوا الشارب ) مع اطلاق اللحى واعتبرت من السنه ...
لكن العرب فيما بعد اخذوا هذه العاده من الاتراك والتي كانت يعني للاتراك دليل الرجوله والشهامه والقوه .. هيك الواحد لم يكون (تركي من الدوله العثمانيه) ناتع هلشارب وبارموا( برم ) يعني الزلمه هيك حسب مفهومهم سابقا بكون بطل الابطال وزلمه قد حالو .. انتقلت هذه المسأله لعند العرب وقلدوا بها الاتراك واصبح هناك اهتمام من قبل العرب بتريبة الشوارب .. وساقوا فيها العرب فتره طويله واتفننوا فيه ..
بعد ان وصلتنا فكرة الشوارب وابداء الاهتمام به الزائد بلشنا نستخدموا على الطالعه والنازله .. غير انه كان دليل على الرجوله والفحوله والمباهاه .. لأ .. صرنا على الطالعه والنازله نحلف عليه .. وكانت العاده تجري ان يضع صاحب الشارب يده على شاربه ويمسك طرفه باصابعه الابهام والسبابه او الخنصر والبنصر مابعرف دبرها بمعرفتك ويقوم طاسس هااليمين والحلفان بشاربه او يظهر التزامه بوعد قاطع بمسكه على شاربه ..
انا شخصيا ايام ما كنت اربي شوارب .. كنت افتل فيهم فتل واحلف عليهم وكان دائما على لساني كلمة ( من هالشارب ) مع حركة اصابعي اتوماتيكيا ترتفع اليه وابرموا برم ... وياما كنت ( احلقوا ) لنكثي للوعود .. لاني كنت بصراحه كذاب وكنت اخبي حالي ورا شواربي .. واعود من جديد اربيه واحلف عليه واحلقو وهلم جرا ..
شاعت موضه الشارب باشكال مختلفه منها ما يسمى ( بالقفل ) .. وهي تعني سكسوكه اسفل الذقن متصله بالشارب من الجانبين بزاويه حاده بشكل متصل لضمان عدم تسرب الماء .. ومنهم من عمله مرتفع من الطرفين باتجاه ( الذنيين ) متصلا بالسالف على شكل برواز وبذلك يضمن اصطياد الغبار وتجمعه على فوهات الانف وعدم دخوله الى المجاري التنفسيه ...
الشارب بالنسبة لي قديما كان يعيق حركتي .. بالاكل وبالشرب وبالتنفس .. وخاصة لما كنت اشرب لبن .. تعال شوف هالمنظر ثلاث ارباع شواربي غاطسه غطس بصحن اللبن وحواف شواربي الرجولي والفحولي يصير لونها ابيض وبحركه ( دراتيميكيه ) من لساني اقوم امسح اللبن العالق بشاربي الزين مثل البس.
كان لي اصدقاء ايام المدرسه وما ان انهينا المرحله الاخيره من المدرسه وسافر بعض منهم الى دول اجنبيه لاكمال دراسته هناك وما ان يعود بالعطله الصيفيه كان اول شيء يميزه انو صاحبنا حالق شاربه مثل الاجانب .. فكان وجه (مزهزه) وناصع وما بتفرقوا عن الاجنبي .. وكان هذا دليل واضح لمن يراه ان هذا الشخص اكيد عايش برا عند الغرب ...
كنا نجتمع حوله للسلام عليه فكان كل واحد منا ناتع هالشوارب السود قدامو الا هو مميز بينا ما الو شارب .. ولم يكن يتعرض للانتقاد لانه معذور وله مبرر .. الاخ مقيم وعايش عند الاجانب ..
الاجانب .. رغم تقدمهم بكافة المجالات وبرغم انهم حاكمين ومسيطرين على العالم لم ارى بحياتي واحد منهم حلف بشواربو او اخذ الشارب مصدر لقوته وعزته وفخره وانتصاراته ... هذا الاجنبي ( شواربه بعقلو ) .. اما احنا العرب ما بعرف عملناه بفتره من الفترات شغلتنا وعملتنا .. يعني انا بتذكر يمكن اكلت عشرين قتله مرتبه وانمسح في الارض ايام الحاره وما بعد الحاره وكنت مربي شواربي .. حاولت ان استل شاربي من وجهي وادافع به عن نفسي لم استطع ... فكانت الهزائم تتوالى علي تباعا بدون ان احقق ادنى انتصار فلم يشفع لي شاربي او يمدني بالقوه او يحقق لي اي حضور او يدفع عني الاذى .. شاربي حقيقة واعترف انه كان للزينه فقط .
تسايرت مع الموضه والاوضاع فاخذت بتقليمه تدريجيا شيئا فشئا واحفه .. والان بقي منه طبقه خفيفه ما بعرف شو بسموه ( فيرزاتشي ) يعني حليق الشارب لكن مش على الصاجه... وبهيك حققت فائده ... ( اخفيت الشيب الذي غزاه بصوره كبيره )... لكن المشكله ان الصلع بدأ يجتاحني ولن اعوض عن ذلك الا بتريية شواربي لتحقيق مقوله ( غزارة بالانتاج وسوء بالتوزيع ) .. يعني تمويه وجلب الانظار الى شاربي الغليظ والكثيف لكي يحجب الرؤيه عن صلعتي القادمه .. فوقعت بين فخ الشيب والصلعه ) .. والشارب حائر بينهم اربيه ولا احلقوا .. اكون صادق معكم ساعه بريبه وساعه بحلقوا .. بس بطلت احلف عليه لانو بطل يجيب نتيجه زي زمان وبطلت الناس توخذ بهذا الحكي ( والله من شاربي ) فورا بقاطعك بالحكي وبقولك .. ( سيبنا من هالحكي .. تكتب شيك ولا كمبياله .. سيبنا من شاربك ) ..
عندما حلقت شواربي اول مره بشم الورد واول مره بشعر بارتياح عند ما اشوف هزائمنا على القنوات الفضائيه ( بقول الحمد لله ما اليش شوارب ) هسه انا وجه لوجه مع الواقع .. اخلصت من الدرع الوهمي .. اعطيناه اهميه اكبر من اللازم بوقت من الاوقات.. الاتراك ايام انتصاراتهم وقوة دولتهم العثمانيه كان لهم بطريقه او بأخرى الاعتزاز او اللجوء الى الشارب كرمز معنوي ظاهر على وجوههم لاظهار فخرهم وعزتهم بانتصاراتهم .. وهذا لا يعني ان العرب لم يحققوا انتصارات بالعكس حققنا انتصارات كبيره وكثيره على مر العصور والحضارات ولكن فيما بعد توالى علينا التراجع والانهزاميه والتبعيه فذهب كل شيء الا الشارب ..ولا ادري ما فائده الشارب اذا اسلاميا ودينيا بقولك ( حفوا الشارب ) .. ومع هذا طلعت السولافه مش بالشوارب .. طلعت السولافه بالاراده وبالعلم والعمل والايمان والكفاح والصبر والتمسك بالعقيده والانتماء والتكافل والاخوه والوحده والعقل .
ملاحظه : انا بحكي عن حالي وعن شواربي .. ما اليش بشوارب غيري .. مع احترامي الشديد لكل مربين الشوارب واللحى .. بجميع انواعها واشكالها .. هذه مسأله شخصيه وذات خصوصيه .. كل واحد حر بشاربه .. انا بحكي بشكل عام .. والله عارف في ناس راح تزعل من هالحكي واتشل املي .. .. بس متعودا .. دايما .. ويمكن واحد يقول والله لو نمسكك لنمعط شاربك .. بطمنك ما اليش شوارب .. حالقهم .. امعط حواجبي .. بالناقص من الحواجب .. زيادة الخير خيرين....وحيا الله بالجميع .
والسلام عليكم
Burhan_jazi@yahoo.com