رغم كل مظاهر الدعم والإسناد الشعبي والرسمي الذي حظيت به السلطة الجديدة في دمشق إلا أن ظروف العلاقة الثنائية لا تزال محاطة ببعض القيود التي بدأت أوساط سياسية أردنية تعتقد أن جذرها قد يكون سياسيا ومرتبط إلى حد ما بالجفاء الذي يحيط بالاتصالات والعلاقات الأردنية مع ثلاثة أطراف إقليمية أساسية لها الدور الأبرز في رعاية الحكم السوري الجديد.
والحديث عن دور غامض لكل من قطر والسعودية وتركيا في الحد من طموحات الشراكة الاستراتيجية بين الأردن وسورية الجديدة بدأ يخرج في صالونات عمان عن نطاق الهمس إلى نطاق التساؤلات حول معيقات لا تبدو منطقية ينتج عنها درجة متدنية من الالتزام في الجانب السوري على الأقل الذي يُطالب الأردن بعد مرحلة حماس بالصبر والانتظار في أكثر من ملف.
مسؤول أردني لاحظ بأن مشاريع إعادة بناء المؤسسات السورية التي تحدث عنها لقاء العقبة تتجاهل الأردن مما يجعل العلاقة الأردنية مع الشرع ومجموعته في موقع "مكانك سِر” حيث الإكثار من الإنشائيات.
حتى اللحظة ورغم استقبال نخبة من كبار مسؤولي الإدارة الجديدة في عمان والزيارة المهمة التي قام بها إلى أنقرة وفد أردني رفيع المستوى الشهر الماضي لم تبرز قرائن مباشرة على إنجاز ما اتفق عليه خلف الستائر ولا أدلة مباشرة أيضا وصريحة على أن دمشق تُظهر نفس الحماس الذي قرّرت عمّان التعاطي معه في الاندفاع لدعم المسار السوري الجديد.
هنا برزت بعض التفاصيل ومن بينها تجميد السلطات السورية الجديدة لإطار مرتبط بشركات القطاع الخاص في البلدين كان ينظم الكثير من العلاقات الحدودية وخصوصا الجمركية والتجارية.
وفي الأثناء تصل من الخارجية السورية مذكرات متأخرة عن وقتها كثيرا ولها علاقة ببروتوكولات تعاون تم الاتفاق عليها سابقا ووفقا لمصدر في الخارجية الأردنية عملية اتخاذ القرار في دمشق بطيئة جدا وزاحفة وبصيغة يمكن القول أنها تُعيق العديد من الاتفاقيات الشفهية سياسيا حتى الآن.
تُشير مصادر دبلوماسية إلى أن هذا البطء السوري ناقشه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مع نظيره السوري أسعد الشيباني على هامش لقاء جمعهما في منتدى دافوس الأخير، والمرجّح أن النقاشات كانت صريحة.
لكن ثمة انطباع بوجود خلفيات سياسية خلف الستائر تُعيق تقدّم ما سمي في بيان رسمي سابقا بشراكة استراتيجية مع الأردن فيما وزارة الداخلية الأردنية تتّخذ يوميا قرارات بيروقراطية لتسهيل العبور والحركة بين البلدين كان آخرها قرار وزير الداخلية الأردني مازن الفراية بالسماح للمواطنين الأردنيين بزيارة سورية دون الحصول على ترخيص مسبق.
وهو قرار يُفترض أن يُساهم في تسهيل إجراءات الشراكات التجارية بي الأردنيين والسوريين.
لكن على جبهة موازية لا تبادل للوفود وللجان الوزارية حتى الآن وتتأخّر الإدارة السورية بشكل ملحوظ في تسمية لجان يتم الاتفاق على تشكيلها مع أن الجانب الأردني جاهزيّته أكبر.
ولم يُعرف بعد في السياق ما وصل إليه مشروع ضخ وتصدير الكهرباء الأردنية إلى سورية مع أن وزير الطاقة الأردني أرسل فرق صيانة فنية وأعلن جاهزية تامة لإرسال الكهرباء إلى عموم سورية لكن ذلك الترتيب يتعطّل لسببٍ غامض فيما أُنيرت بالطاقة الأردنية بعض النواحي والقرى في محافظة درعا.
والانطباع سياسيا أن إرسال قطر لمولدات كهرباء ضخمة عبر البحر إلى سورية قد يكون من العناصر المُعاكسة.
في المُقابل يتهامس سياسيون أردنيون عن تراجع مرصود في التزامات الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع تجاه الشراكة الاستراتيجية رغم أن وزير الخارجية الصفدي أول من زاره والأردن أعلن استعداده لدعم إعادة بناء إيقاعات مهمة في البنية التحتية على لسان رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان.
لكن الشرع ورفاقه لا يحددون طبيعة الخدمات التي يُمكن أن يُوفّرها الأردن فيما ما اتّفق عليه مع أنقرة لم يعكس بعد غطاء سياسيا من الجانب التركي لإطلاق علاقات استراتيجية بين الأردن وحكومة الشرع.