بتفاؤل شديد استقبلت جماعة الإخوان حكومة الدكتور عون الخصاونة، وعزز تفاؤلهم هذا قنوات الاتصال التي أتاحها الرئيس مع الجماعة، وعزف لهم على وتر جدية مساعي الإصلاح، وتطهير البلاد من الفاسدين، وعزمه على تقديم مشاريع قوانين عصرية تنظم العمل السياسي، وتؤدي إلى مزيد من التفعيل السياسي لدور الأحزاب، بدغدغة تلامس طموحات الإخوان وكل الأحزاب الأخرى، وكل ذلك لقاء الكف عن الخروج بمسيرات المطالبة بالإصلاح أو التحريض عليها، وإعطاء الرجل فرصة كافية لكي يتمكن من ترتيب أوراقه ويشرع بالعمل.
وكان له من الإخوان ما تمنى، ومنحه الإخوان فرصة ذهبية لكي يقدم شيء يرضي الإخوان، ويخفف من الاحتقان الشعبي الذي لم يعد لسخطه حدود، ولم تقف أمام ثورة غضبه تهدئة الإخوان أنفسهم، بل إن الفترة التي كانت تهادن فيها جماعة الإخوان الحكومة كانت الفترة الأعنف، في إطلاق الشعارات التي أوردت مطلقيها السجن، وأخرجت الحكومة عن طورها وحُلمها، وأفقدتها صبرها، وخلال هذه الفترة التي استثمرتها الحكومة بشكل جيد لدق الإسفين بين جماعة الإخوان المسلمين وبقية أجزاء ومكونات الحِراكات الشعبية على امتداد الوطن، خرجت جماعة الإخوان من هذه المهادنة بحمل ثقيل من الغضب الشعبي عليها وفقدان الثقة بها، فقد تعثرت خطواتها مع أول فرصة ثقة تعطيها الجماعة لحكومة الدكتور عون الخصاونة.
وبعد أول تسريب لقانون الانتخاب الذي كانت تعول عليه الجماعة كثيرا في كشف النوايا الحقيقية للحكومة، اكتشفت الجماعة أنها وقعت في شباك الخديعة، وان أحلامها بالقانون الانتخابي العصري الذي يحقق طموحاتها ذهبت مع الثقة وحسن النية إلى صالح الحكومة، التي رشت الجماعة بالماء البارد بعد غرقها بالحلم السعيد، وأثبتت الحكومة أن النهج الذي كانت عليه حكومة البخيت الأولى، وحكومة سمير الرفاعي، سيعيده عون الخصاونة بحلة جديدة، تنطلي على من أراد أن يفاخر بان له نائب تحت القبة، أو على تاجر يستطيع أن يشتري أصوات الناخبين ببناء خيمة وتقديم المناسف والحلوى حتى مساء يوم الاقتراع.
تفاخر الحكومة بأنها جاءت بقانون انتخاب لم يسبقها إليه احد، فالشعب الذي سخط على الصوت الواحد لفترة طويلة منحوه صوتان يجامل بهما كيفما يشاء، وصوت ثالث يطلقه بالهواء، يرضي فيه السواد الأعظم ضمائرهم بأنهم ساهموا بتنمية الحياة السياسية في البلاد، ويقنعوا أنفسهم بان الحكومة لم تقصر وقدمت التنازلات المرة بعد الأخرى، وان المعيق للإصلاح هم جماعة الإخوان وبقية الأحزاب وشباب الحِراكات الشعبية، الذين لا يرضيهم شيء وإنما هم ساعون في تدمير البلاد وخرابها.
الحكومة تتقن فنون المراوغة وتعرف كيف توقع من تريد في شراكها، ولكن سيكون موقف الحكومة محرج جدا إن استطاعت الحِراكات الشعبية أن تكسب جماعة الإخوان لصفها، فهي بذلك قد تُفشل قانون الانتخاب، وتكون بهذا الاتحاد جماعة ضغط لن تقوى الحكومة على اختراقها، فالحِراكات الشعبية أثبتت أنها أكثر مناعة وقدرة على مناورة الحكومة من الأحزاب الرسمية، فالحكومة لا تجرؤ على الدخول بأي نوع من أنواع التفاوض أو التشاور مع لجان التنسيق لهذه الحِراكات، وفي المقابل تستطيع هذه الحِراكات أن تقلق راحة الحكومة وتشكل لها مصدر قلق كبير، فالشرارة التي تنطلق من هذه الحِراكات لا يمكن تجاهلها أو حصر خطرها، ثم إن أهم وسائلها هو إرغام الحكومة على تقديم النازلات لا استجدائها بمنح المكرمات.
وإذا أصرت الحكومة على عنادها واستخدام هالتها الإعلامية في تشويه الحِراكات الشعبية، واستخدام قبضتها الأمنية في ضرب عناصر الحِراكات الشعبية، واستخدام ولايتها العامة في تشريع القوانين بما يخدم مصالحها، والإعراض عن المطالب الشعبية، ستجد الحكومة نفسها تنجر في مواجهات مع طبقة عريضة من المجتمع تكن للسياسات الحكومية كل ألوان البغض، وعازمة على إرغام الحكومة على الاستجابة لمطالبها، فالخطر الذي يخافه الأغلبية الصامتة حتى هذه اللحظة، ستشعل فتيله الحكومة بتجاهلها الاستجابة للمطالب الشعبية، ولتفننها في اختراع الحلول الفاشلة في التعامل مع الشباب المطالب بالإصلاح، بعد أن جرّت سياسات الحكومات المتعاقبة البلاد إلى حافة الإفلاس، وجعلت منها مملكة بدون مُلك، فيجب على الحكومة وأصحاب القرار في كل أجهزة الدولة المعنية بالتعامل مع الحِراكات الشعبية الانتباه والحذر، وإدراك أن سياسات القمع ليست الحل، وان الأمور ستزداد سوء إن بقيت هذه العقلية تسيطر على القرار والمشورة الحكومية.
kayedrkibat@gmail.com
وكان له من الإخوان ما تمنى، ومنحه الإخوان فرصة ذهبية لكي يقدم شيء يرضي الإخوان، ويخفف من الاحتقان الشعبي الذي لم يعد لسخطه حدود، ولم تقف أمام ثورة غضبه تهدئة الإخوان أنفسهم، بل إن الفترة التي كانت تهادن فيها جماعة الإخوان الحكومة كانت الفترة الأعنف، في إطلاق الشعارات التي أوردت مطلقيها السجن، وأخرجت الحكومة عن طورها وحُلمها، وأفقدتها صبرها، وخلال هذه الفترة التي استثمرتها الحكومة بشكل جيد لدق الإسفين بين جماعة الإخوان المسلمين وبقية أجزاء ومكونات الحِراكات الشعبية على امتداد الوطن، خرجت جماعة الإخوان من هذه المهادنة بحمل ثقيل من الغضب الشعبي عليها وفقدان الثقة بها، فقد تعثرت خطواتها مع أول فرصة ثقة تعطيها الجماعة لحكومة الدكتور عون الخصاونة.
وبعد أول تسريب لقانون الانتخاب الذي كانت تعول عليه الجماعة كثيرا في كشف النوايا الحقيقية للحكومة، اكتشفت الجماعة أنها وقعت في شباك الخديعة، وان أحلامها بالقانون الانتخابي العصري الذي يحقق طموحاتها ذهبت مع الثقة وحسن النية إلى صالح الحكومة، التي رشت الجماعة بالماء البارد بعد غرقها بالحلم السعيد، وأثبتت الحكومة أن النهج الذي كانت عليه حكومة البخيت الأولى، وحكومة سمير الرفاعي، سيعيده عون الخصاونة بحلة جديدة، تنطلي على من أراد أن يفاخر بان له نائب تحت القبة، أو على تاجر يستطيع أن يشتري أصوات الناخبين ببناء خيمة وتقديم المناسف والحلوى حتى مساء يوم الاقتراع.
تفاخر الحكومة بأنها جاءت بقانون انتخاب لم يسبقها إليه احد، فالشعب الذي سخط على الصوت الواحد لفترة طويلة منحوه صوتان يجامل بهما كيفما يشاء، وصوت ثالث يطلقه بالهواء، يرضي فيه السواد الأعظم ضمائرهم بأنهم ساهموا بتنمية الحياة السياسية في البلاد، ويقنعوا أنفسهم بان الحكومة لم تقصر وقدمت التنازلات المرة بعد الأخرى، وان المعيق للإصلاح هم جماعة الإخوان وبقية الأحزاب وشباب الحِراكات الشعبية، الذين لا يرضيهم شيء وإنما هم ساعون في تدمير البلاد وخرابها.
الحكومة تتقن فنون المراوغة وتعرف كيف توقع من تريد في شراكها، ولكن سيكون موقف الحكومة محرج جدا إن استطاعت الحِراكات الشعبية أن تكسب جماعة الإخوان لصفها، فهي بذلك قد تُفشل قانون الانتخاب، وتكون بهذا الاتحاد جماعة ضغط لن تقوى الحكومة على اختراقها، فالحِراكات الشعبية أثبتت أنها أكثر مناعة وقدرة على مناورة الحكومة من الأحزاب الرسمية، فالحكومة لا تجرؤ على الدخول بأي نوع من أنواع التفاوض أو التشاور مع لجان التنسيق لهذه الحِراكات، وفي المقابل تستطيع هذه الحِراكات أن تقلق راحة الحكومة وتشكل لها مصدر قلق كبير، فالشرارة التي تنطلق من هذه الحِراكات لا يمكن تجاهلها أو حصر خطرها، ثم إن أهم وسائلها هو إرغام الحكومة على تقديم النازلات لا استجدائها بمنح المكرمات.
وإذا أصرت الحكومة على عنادها واستخدام هالتها الإعلامية في تشويه الحِراكات الشعبية، واستخدام قبضتها الأمنية في ضرب عناصر الحِراكات الشعبية، واستخدام ولايتها العامة في تشريع القوانين بما يخدم مصالحها، والإعراض عن المطالب الشعبية، ستجد الحكومة نفسها تنجر في مواجهات مع طبقة عريضة من المجتمع تكن للسياسات الحكومية كل ألوان البغض، وعازمة على إرغام الحكومة على الاستجابة لمطالبها، فالخطر الذي يخافه الأغلبية الصامتة حتى هذه اللحظة، ستشعل فتيله الحكومة بتجاهلها الاستجابة للمطالب الشعبية، ولتفننها في اختراع الحلول الفاشلة في التعامل مع الشباب المطالب بالإصلاح، بعد أن جرّت سياسات الحكومات المتعاقبة البلاد إلى حافة الإفلاس، وجعلت منها مملكة بدون مُلك، فيجب على الحكومة وأصحاب القرار في كل أجهزة الدولة المعنية بالتعامل مع الحِراكات الشعبية الانتباه والحذر، وإدراك أن سياسات القمع ليست الحل، وان الأمور ستزداد سوء إن بقيت هذه العقلية تسيطر على القرار والمشورة الحكومية.
kayedrkibat@gmail.com