لقد كثرت الأحاديث والمقالات منذ زمن ليس بقريب عن تغيير قانون الإنتخابات النيابية المعمول به حاليا , كون هذا القانون مجحفا بحق الكثير من الأحزاب وبعض المناطق السكّانيّة ذات الكثافة العالية , وكذلك بسبب أنّ هذا القانون لا يتماشى مع متطلّبات المرحلة الرّاهنة ولا المرحلة المستقبلية . إذا المطلوب الآن قانونا عصريا متوافقا عليه من كافة الفعاليات الشعبية والحزبية ومؤسّسات المجتمع المدني . لقد شكّل جلالة الملك ( لجنة الحوار الوطني ) للخروج بتوافق على قانوني الإنتخابات والأحزاب , أو حتى بأطر توافقية للبناء عليها مستقبلا , إلاّ أنّ هذه اللجنة لم تخرج بما يرضي جميع الأطراف – حتى بعض المشاركين في لجنة الحوار الوطني - .
ولنعترف جميعا بأنّ ما أفشل مخرجات لجنة الحوار الوطني هو عدم مشاركة جبهة العمل الإسلامي في هذه اللجنة لإعتبارات هم أعلم بها ولا نريد الدخول في نقاش لن يوصلنا إلى حلول , لماذا لم يشاركوا في هذه اللجنة ؟ من الّي منعهم من المشاركة ؟ فجميع تلك الأسئلة لن تجد نفغا , يجب علينا جميعا أن نتطلّع إلى الأمام ونترك ما مضى وراء ظهورنا من أجل الوطن ومن أجل الأجيال القادمة , كما يجب علينا الإعتراف بأنّ جبهة العمل الإسلامي هو تنظيم لا يستهان به من حيث التنظيم والعدد والتكتيك السياسي وتأثيرهم على القوي على الشارع .
إنّ أيّ قانون انتخابات برلمانية كانت أو نقابية لن يرضي جميع الأطراف , لإعتبارات عديدة : أهمها أنّ كلّ طرف سيشارك في صياغة هذا القانون سيكون في ذهنه كيف سيخدم حزبه أو منطقته من خلال هذا القانون ( وهذا لن يوصل المشاركين للتّوافق ) , فالأصل أنّ كلّ من يشارك في صياغة أي قانون انتخابات يجب أن يضع مصلحة الوطن العليا قبل أيّ اعتبار , كما يجب أن تكون أولوية التوصّل إلى أقصى درجات العدالة – وليس العدالة المطلقة – فالعدالة العدالة المطلقة لا توجد إلاّ في السماء .
إنّ هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الأردن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يحتّم على الجميع أن يكون على قدر وافر من تحمّل المسؤوليّة , والإبتعاد عن الإتّهامات لأي جهة كانت , من أجل مصالح ضيّقة أو تسجيل مواقف , فالوطن لا يحتمل لمثل هذه التصرّفات والّتي لن تكون إلاّ كمن يصبّ الزيت على النّار .
وحتى نخرج من هذا المأزق اسمحوا لي بأن أقدّم بعض الأفكارللخروج من المأزق , راجيا أن تلقى هذه الأفكار قبولا عند الأخوة القرّاء , وعند صنّاع القرار – هذا إن كانت ستصلهم هذه الأفكار – :-
أوّلا :- حل مجلس النوّاب ( السّادس عشر ) الحالي , وبالتّالي فإنّ الحكومة تعتبر مستقيلة حكما خلال أسبوع من تاريخ حل مجلس النواب كما ورد في الدّستور الأردني المعدّل المادة( 74) الفقرة الثانية .
ثانيا :- تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون مهمتها التّحضير للإنتخابات البرلمانية القادمة والإلتزام بوقت إجراء الإنتخابات كما ورد في الدستور المعدّل .
ثالثا :- تجرى الإنتخابات القادمة على أساس قانون الإنتخابات البرلمانية لعام ( 1989 ) واّلّذي تشكّل مجلس النوّاب الحادي عشر على أساس هذا القانون والّذي يجمع الكثيرون بأنّ ذلك المجلس كان من أقوى المجالس النيابيّة .
رابعا :- تشكيل حكومة برلمانية على ضوء نتائج هذا المجلس ( وهذه النّقطة تحتاج إلى تعديل دستوري ) .
خامسا :- تتقدم الحكومة بقانون إنتخابات برلماني عصري وقانونا للأحزاب إلى مجلس النوّاب المنتخب لمناقشتهما وإقرارهما بعد التّعديل عليهما إن كانا بحاجة إلى تعديل .
هذه أفكار ربّما كانت قد طرحت في الغرف المغلقة , ولكن برأيي المتواضع أرى بأنّها المخرج الّذي سيخرج الجميع من النّفق المظلم , وسنبدأ بإذن الله مرحلة بناء أردن المستقبل – أردن المؤسّسات والقانون – الذي يقوم على العدالة والتنمية وتكافؤ الفرص .
عبد الغفور القرعان