يعد شفيق ارشيدات من أبرز رجالات الرعيل الأول، الذين شهدوا على عصر متقلب وحاسم في أحداثه ، وما آلت إليه أوضاع المنطقة العربية في شرق المتوسط بعد ذلك ، فبلاد الشام برمتها كانت في قلب الحدث، قبيل اندلاع الحرب الكونية الاولى ، في ظل المطامع الغربية في تركة الدولة العثمانية الآيلة للسقوط ، في فترة كان العرب فيها يناضلون للحصول على حقوقهم التي أهملتها الدولة ، بل وعمدت إلى تطبيق سياسة مركزية صارمة، ضمن نهج عنصري تتريكي ، دفع العرب للإرتداد عن مناصرة هذه الدولة، التي حكمت باسم الخلافة مدة أربعمائة عام ، وصار يسعى حثيثاً للثورة والإستقلال.
في أوج نهضة العرب من أجل الحرية والاستقلال، ولد شفيق ارشيدات عام 1918 م ، في مفصل تاريخي بالغ التأثير ، حيث كانت الثورة العربية في قمة انجازها وحضورها على الساحة العربية ، وكانت ولادته في اربد كبرى مدن سهل حوران وسط بلاد الشام ، أي في عمق المنطقة التي أصبحت ميداناً للمعارك والأحداث المتعاقبة ، لذا لم تكن طفولته ببعيدة عن هذه المخاضات والتحولات التي أسهمت في رسم معالم المرحلة التي ما زلنا نعيشها حتى اللحظة.
التحق شفيق ارشيدات كعادة أبناء تلك الحقبة من المزارعين بالكتّاب ، حيث تمكن من تعلم أساسيات القراءة والكتابة ، كما حفظ القرآن قبل انتقاله إلى المدرسة التي أكمل فيها دراسته الإبتدائية والثانوية ، من خلال انتظامه في مدرسة اربد ، فلقد انهى هذه المرحلة من الدراسة سنة 1936م ، أما شهادة الثانوية العامة فقد حصل عليها من مدرسة السلط الثانوية الشهيرة بعد ذلك بسنة واحدة ، ولا شك أن هذه المرحلة قد واكبت تأسيس إمارة شرق الأردن ، التي بدأت تشتد مع مرور السنوات، رغم الصعوبات الكبيرة والتحديات الخطيرة ، لكن الأردن استمر وكبر بفضل رجاله الذين حملوا الوطن إلى مرافىء الأمان، وهم يلهجون بالقومية العربية التي نادت بها الثورة العربية الكبرى ، لذا لم تكن المدارس الأردنية ببعيدة عن ما يجري في البلاد العربية ، وقد انعكس ذلك على شفيق ارشيدات ، الذي شارك بالفعاليات الوطنية ، وبالإضرابات والمظاهرات التي قام بها التلاميذ ( من الرعيل الاول ، د. محمد العناقرة)
بعد المرحلة الثانوية سافر إلى دمشق من أجل دراسة الحقوق في الجامعة السورية ، وكان الشباب العربي المتعلم منفتحاً على الأفكار القومية ، التي عمت المدارس والجامـعات والمعاهد ، فاندغم في الأنشطة الطلابية التي طالبت برحيل المستعمر وتحرير البلاد العربية ووحدتها ، وقد تواصل ارشيدات مع عدد من السياسيين العرب والأردنيين المتواجدين في دمشق، وعلى رأسهم محمد صبحي أبو غنيمة ، حيث وقفوا ضد سلخ لواء الإسكندرون وضمه لتركيا ، ودعموا الثورة الفلسطينية من خلال تشكيل جمعيات سرية لدعم الثورة بما هو متاح.
عندما أنهى شفيق ارشيدات دراسته الجامعية حاصلاً على لسانس الحقوق ، عاد إلى وطنه الأردن ، فبادر للعمل في المحاماة ، وهو عمل جعله ملاصقاً لقضايا وهموم الناس ، مما أعطاه فهماً واقعياً لما يعانيه أبناء وطنه ، فاندفع نحو العمل العام ، ونشط بين الشباب ومؤسسات المجتمع المحلي ، وبادر إلى تأسيس نادي اليرموك الثقافي ، الذي أصبح ملتقى للشباب المنشغل بقضايا الأمة وأحوال الناس ، وقد نادوا بالحريات العامة والمساواة بين أبناء الوطن.
أظهر ارشيدات ميله للعمل الصحفي مبكراً ، فلقد كتب عدة مقالات وعمل في مجال التحرير الصحفي ، وفي عام 1946م عمل محرراً في مجلة الرائد ، وعمل أيضاً محرراً في صحيفة العهد وكذلك في صحيفة الوفاء ، وقد دفعه حبّه للصـحافة إلى الإقـدام على إصدار مجلـة ( الميثاق) والتي ترأس تحريرها أيضاً ، مما يدلل على أن الصحافة لم تكن هاجساً عابراً بالنسبة له ، بل كانت تتفق مع عمله في مجال السياسة والهم العام ، وقد تكرس هذا البعد الإعلامي لدى شفيق ارشيدات عندما أصبح نقيباً للمحامين الأردنيين ، وهذا دليل على مدى تأثيره والمكانة التي تمتع بها ، حتى إنه فيما بعد أصبح اميناً عاماً لإتحاد المحامين العرب عام 1963م ، مما أعطاه الصفة العربية ، وجعله معروفاً على نطاق كبير ، ولا شك أن هذا المنصب الرفيع لم يأت من فراغ ، بل كان تكريـساً لمكانة فكرية ونقابية يستحقها بكل جدارة.( المصدر السابق) أسهم ارشيدات في تأسيس الحزب العربي الأردني ، وكان عضواً في اللجنة التنفيذية لمؤتمر الأردن عام 1949م ، وعندما أعلن استقلال الأردن وأعلن عن قيام المملكة الأرنية الهاشمية وتمت الدعوة للإنتخابات النيابية الأولى ، خاضها شفيق ارشيدات وهو شاب، وتمكن من الفوز فيها ، وقد عرف عنه النشاط والحماس ، والشجاعة في المواجهة واتخاذ القرار ، وقد ترأس اللجنة القانونية في المجلس بفضل مؤهلاته وشخصيته الفذة ، وقد خاض الإنتخابات مرة أخرى بعد توحيد الضفتين ، وحاز على النجاح وعاد للبرلمان ، وبعد فترة ليست بالطويلة جرت انتخابات مبكرة ، ورغم التدخلات الا أن شفيق ارشيدات فاز بهذه الانتخابات أيضاً ، لما تمتع به من محبة صادقة ، بالإضافة لعمله المتواصل خدمة للقضايا القومية والوطنية.
في العام 1954م اشترك ارشيدات مع مجموعة من الشخصيات السياسية في تأسيس الحزب الوطني الاشتراكي ، وعندما شكل فوزي الملقي أول حكومة في عهـد المغفور له الملك حسين ، عمد إلى ضم الشباب المتحمس والقادر على التغيير ، فدخل شفيق ارشيدات الحكومة وزيراً ، وقد شجعت هذه الحكومة الحريات ، وسمح للأحزاب بالعمل بحرية كبيرة ، وأصدرت القوانين التي أكدت لهذا التوجه.
وقد استمر بالعمل السياسي بعد ذلك ، وقد لجأ الى سوريا بين عامي 1957-1963 حيث عاد إلى الأردن بعد صدور العفو العام ، ولقد متّن علاقاته الخارجية مع الشخصيات العربية ، وأصبح عضواً في مجموعة السلام العالمية ، ولجنة الديموقراطيين العالميين ، كما ناب عن الأردن في المجلس الآسيوي الإفريقي ، وقد جاءت هذه المناصب تتويجاً لفكره وعمله ، وانتشاره خارج حدود الوطن العربي ، لذا كانت حياته عملاً متواصلاً، وعطاءً لم يقف عند حد ، وتوفي رحمه الله وهو في الستين من عمره ، وما زالت ذكراه عابقة في سجل رجالات الأردن ، وهو الذي لم يفكر بغير العطاء وخدمة الناس ، ورهن سنوات عمره لقضايا الأمة الكبرى ، ولم يغفل مشاكل العامة ومتطلبات الوطن الصغير بحجمه والعظيم بطموحات أهله.
في أوج نهضة العرب من أجل الحرية والاستقلال، ولد شفيق ارشيدات عام 1918 م ، في مفصل تاريخي بالغ التأثير ، حيث كانت الثورة العربية في قمة انجازها وحضورها على الساحة العربية ، وكانت ولادته في اربد كبرى مدن سهل حوران وسط بلاد الشام ، أي في عمق المنطقة التي أصبحت ميداناً للمعارك والأحداث المتعاقبة ، لذا لم تكن طفولته ببعيدة عن هذه المخاضات والتحولات التي أسهمت في رسم معالم المرحلة التي ما زلنا نعيشها حتى اللحظة.
التحق شفيق ارشيدات كعادة أبناء تلك الحقبة من المزارعين بالكتّاب ، حيث تمكن من تعلم أساسيات القراءة والكتابة ، كما حفظ القرآن قبل انتقاله إلى المدرسة التي أكمل فيها دراسته الإبتدائية والثانوية ، من خلال انتظامه في مدرسة اربد ، فلقد انهى هذه المرحلة من الدراسة سنة 1936م ، أما شهادة الثانوية العامة فقد حصل عليها من مدرسة السلط الثانوية الشهيرة بعد ذلك بسنة واحدة ، ولا شك أن هذه المرحلة قد واكبت تأسيس إمارة شرق الأردن ، التي بدأت تشتد مع مرور السنوات، رغم الصعوبات الكبيرة والتحديات الخطيرة ، لكن الأردن استمر وكبر بفضل رجاله الذين حملوا الوطن إلى مرافىء الأمان، وهم يلهجون بالقومية العربية التي نادت بها الثورة العربية الكبرى ، لذا لم تكن المدارس الأردنية ببعيدة عن ما يجري في البلاد العربية ، وقد انعكس ذلك على شفيق ارشيدات ، الذي شارك بالفعاليات الوطنية ، وبالإضرابات والمظاهرات التي قام بها التلاميذ ( من الرعيل الاول ، د. محمد العناقرة)
بعد المرحلة الثانوية سافر إلى دمشق من أجل دراسة الحقوق في الجامعة السورية ، وكان الشباب العربي المتعلم منفتحاً على الأفكار القومية ، التي عمت المدارس والجامـعات والمعاهد ، فاندغم في الأنشطة الطلابية التي طالبت برحيل المستعمر وتحرير البلاد العربية ووحدتها ، وقد تواصل ارشيدات مع عدد من السياسيين العرب والأردنيين المتواجدين في دمشق، وعلى رأسهم محمد صبحي أبو غنيمة ، حيث وقفوا ضد سلخ لواء الإسكندرون وضمه لتركيا ، ودعموا الثورة الفلسطينية من خلال تشكيل جمعيات سرية لدعم الثورة بما هو متاح.
عندما أنهى شفيق ارشيدات دراسته الجامعية حاصلاً على لسانس الحقوق ، عاد إلى وطنه الأردن ، فبادر للعمل في المحاماة ، وهو عمل جعله ملاصقاً لقضايا وهموم الناس ، مما أعطاه فهماً واقعياً لما يعانيه أبناء وطنه ، فاندفع نحو العمل العام ، ونشط بين الشباب ومؤسسات المجتمع المحلي ، وبادر إلى تأسيس نادي اليرموك الثقافي ، الذي أصبح ملتقى للشباب المنشغل بقضايا الأمة وأحوال الناس ، وقد نادوا بالحريات العامة والمساواة بين أبناء الوطن.
أظهر ارشيدات ميله للعمل الصحفي مبكراً ، فلقد كتب عدة مقالات وعمل في مجال التحرير الصحفي ، وفي عام 1946م عمل محرراً في مجلة الرائد ، وعمل أيضاً محرراً في صحيفة العهد وكذلك في صحيفة الوفاء ، وقد دفعه حبّه للصـحافة إلى الإقـدام على إصدار مجلـة ( الميثاق) والتي ترأس تحريرها أيضاً ، مما يدلل على أن الصحافة لم تكن هاجساً عابراً بالنسبة له ، بل كانت تتفق مع عمله في مجال السياسة والهم العام ، وقد تكرس هذا البعد الإعلامي لدى شفيق ارشيدات عندما أصبح نقيباً للمحامين الأردنيين ، وهذا دليل على مدى تأثيره والمكانة التي تمتع بها ، حتى إنه فيما بعد أصبح اميناً عاماً لإتحاد المحامين العرب عام 1963م ، مما أعطاه الصفة العربية ، وجعله معروفاً على نطاق كبير ، ولا شك أن هذا المنصب الرفيع لم يأت من فراغ ، بل كان تكريـساً لمكانة فكرية ونقابية يستحقها بكل جدارة.( المصدر السابق) أسهم ارشيدات في تأسيس الحزب العربي الأردني ، وكان عضواً في اللجنة التنفيذية لمؤتمر الأردن عام 1949م ، وعندما أعلن استقلال الأردن وأعلن عن قيام المملكة الأرنية الهاشمية وتمت الدعوة للإنتخابات النيابية الأولى ، خاضها شفيق ارشيدات وهو شاب، وتمكن من الفوز فيها ، وقد عرف عنه النشاط والحماس ، والشجاعة في المواجهة واتخاذ القرار ، وقد ترأس اللجنة القانونية في المجلس بفضل مؤهلاته وشخصيته الفذة ، وقد خاض الإنتخابات مرة أخرى بعد توحيد الضفتين ، وحاز على النجاح وعاد للبرلمان ، وبعد فترة ليست بالطويلة جرت انتخابات مبكرة ، ورغم التدخلات الا أن شفيق ارشيدات فاز بهذه الانتخابات أيضاً ، لما تمتع به من محبة صادقة ، بالإضافة لعمله المتواصل خدمة للقضايا القومية والوطنية.
في العام 1954م اشترك ارشيدات مع مجموعة من الشخصيات السياسية في تأسيس الحزب الوطني الاشتراكي ، وعندما شكل فوزي الملقي أول حكومة في عهـد المغفور له الملك حسين ، عمد إلى ضم الشباب المتحمس والقادر على التغيير ، فدخل شفيق ارشيدات الحكومة وزيراً ، وقد شجعت هذه الحكومة الحريات ، وسمح للأحزاب بالعمل بحرية كبيرة ، وأصدرت القوانين التي أكدت لهذا التوجه.
وقد استمر بالعمل السياسي بعد ذلك ، وقد لجأ الى سوريا بين عامي 1957-1963 حيث عاد إلى الأردن بعد صدور العفو العام ، ولقد متّن علاقاته الخارجية مع الشخصيات العربية ، وأصبح عضواً في مجموعة السلام العالمية ، ولجنة الديموقراطيين العالميين ، كما ناب عن الأردن في المجلس الآسيوي الإفريقي ، وقد جاءت هذه المناصب تتويجاً لفكره وعمله ، وانتشاره خارج حدود الوطن العربي ، لذا كانت حياته عملاً متواصلاً، وعطاءً لم يقف عند حد ، وتوفي رحمه الله وهو في الستين من عمره ، وما زالت ذكراه عابقة في سجل رجالات الأردن ، وهو الذي لم يفكر بغير العطاء وخدمة الناس ، ورهن سنوات عمره لقضايا الأمة الكبرى ، ولم يغفل مشاكل العامة ومتطلبات الوطن الصغير بحجمه والعظيم بطموحات أهله.