ارجوا أن لا أجد نفسي متهما بتهمة إفشاء أسرار المعسكرات إن أنا أتممت كتابة هذا المقال، فالتفكير بعقلية أفراد القوة الضاربة لازال يخيم في ذاكرتي رغم تركي الخدمة العسكرية لأكثر من ثلاثة عشر سنه، فكنا نهيئ أنفسنا عند التكليف بفض التظاهرات بطريقة انتقامية ننسى معها كثير من الاعتبارات الإنسانية أو العقلانية، ونعتبر أنفسنا على صواب وأصحاب رسالة يجب المحافظة عليها، فكانت مشاعرنا تغيب أثناء أداء الواجب في فض مشاجرة أو اعتصام، وتكون أولوية المحافظة على المهمات العسكرية التي بحوزتنا من ترس وقنوه وكمامة غاز وجعبة المخازن والميم 16، أهم بكثير من المحافظة على مشاعر المتظاهرين أو سلامتهم، فمن يقع تحت أيدينا لا نرحمه، وقسوة القلب هذه لا اعلم من أين تأتي لأحدنا فور دخولنا في مواجهة لفض التظاهرات، وربما لأننا نجد أنفسنا كما يقال بوز مدفع أمام المتظاهرين، فتحسب العملية إما أن نفض المظاهرة أو ينقلب هؤلاء المتظاهرين علينا، فنفرط في استخدام القوة لتسريع فض التظاهرة، ومن أعجب ما يكون منا أثناء فض التظاهرة أننا ندعي الجهل في كل شيء، سواء بالقانون أو بالأعراف أو التقاليد لا بل حتى في البديهيات البسيطة، فكثير من النكات التي كانت تتناقلها السنة العامة وتصورنا بأننا متخلفين وجهلة في وقت الظروف العادية، نعمل بها حرفيا وقت الحاجة لفض التظاهرات، ونكون نحن أكثر من يصدقها، وذلك لكي نوصل المتظاهرين إلى درجة عدم العتب علينا من شدة تخلفنا وجهلنا.
مضت تلك الأيام من غير رجعة بالنسبة لي، ولم تنتهي سلسلة ردات الفعل الغاضبة للمتظاهرين على امتداد تلك السنين، لا بل إنها تزايدت هذه الأيام وتزايد عنصر الأمن شراسة في التصدي لها، ولكن بتعديل يحمل بعض المعاني الغريبة والتي لا اعتقد أنها تبشر بخير، ففي السابق كانت القوة الضاربة التي تكلف بمهمة فض التظاهرات هي قوات البادية وحرس الحدود، هكذا كان اسمها وهكذا عرفت عند عامة الشعب، إلا أن هذه القوة تم تفكيكها في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة، واستعاضت الحكومة بدلا منها بقوات لواء الأمن، والتي سرعان ما استبدلت بقوات الدرك، وكان سبب تشكيل قوات الدرك في الأساس لمواجهة أي تحركات داخلية أو للمساهمة في حفظ الأمن، بواسطة كوادر مدربة ومجهزة بتجهيزات الأمن الداخلي، وتتمتع هذه القوات بمعنويات تتغذى على الشراسة والعنف في التعامل مع الاعتصامات أو التظاهرات، من خلال الملاحظات على ردود أفعالهم في الأوقات التي تدخلوا بها فعليا فض الاعتصامات، و التي سجل اليوتيوب أحداثها بالصوت والصورة، والتي لا تزال الحكومة تصورها على إنها غير حقيقية، وان الأمن لا يزال يتعامل بأسلوب ناعم، رغم الاستفزازات التي يتعرضون لها من قبل المتظاهرين والمعتصمين والمحتجين.
قد لا يكون أفراد وضباط قوات الدرك معنيين كثيرا أو مهتمين بالأفكار السياسية التي يهتم بها المواطنون، أو حتى يولوها أي أولوية من أولويات أنشطتهم الاجتماعية المختلفة، ولكن هل قوات الدرك ستنتهج النهج السابق لقوات البادية المتمثل بضربة حديدية والخروج بعدم المسؤولية، أم إن الدرك سيكون عاجز عن التعامل بعقلانية وضبط النفس مع التظاهرات الشعبية، الأمر الذي سيؤدي إلى أن تفكر الحكومة بشكل جدي باسترجاع وتفعيل قوات البادية الملكية، على اعتبار أن وجودها في الميدان سيعطي انطباع أنها تمثل أبناء البادية، سيما وان قوات البادية سجلت حضور استعراضي في ذكرى 24 آذار، فهل ستعود قوات البادية إلى الميدان بعد أربع عشرة سنه من الغياب وهل ستعود بالأسلوب القديم ذاته، أم إنها ستعود بأساليب جديدة مبتكرة، وهل بعد هذا الانقطاع سيتغير الانطباع عن قوات البادية من قبل المتظاهرين، أم ستشهد الصفحات الالكترونية تسجيل نكات جديدة تخترعها مرتبات البادية أثناء تعاملها مع المتظاهرين والمعتصمين بعد هذا الانقطاع الطويل.
kayedrkibat@gmail.com
مضت تلك الأيام من غير رجعة بالنسبة لي، ولم تنتهي سلسلة ردات الفعل الغاضبة للمتظاهرين على امتداد تلك السنين، لا بل إنها تزايدت هذه الأيام وتزايد عنصر الأمن شراسة في التصدي لها، ولكن بتعديل يحمل بعض المعاني الغريبة والتي لا اعتقد أنها تبشر بخير، ففي السابق كانت القوة الضاربة التي تكلف بمهمة فض التظاهرات هي قوات البادية وحرس الحدود، هكذا كان اسمها وهكذا عرفت عند عامة الشعب، إلا أن هذه القوة تم تفكيكها في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة، واستعاضت الحكومة بدلا منها بقوات لواء الأمن، والتي سرعان ما استبدلت بقوات الدرك، وكان سبب تشكيل قوات الدرك في الأساس لمواجهة أي تحركات داخلية أو للمساهمة في حفظ الأمن، بواسطة كوادر مدربة ومجهزة بتجهيزات الأمن الداخلي، وتتمتع هذه القوات بمعنويات تتغذى على الشراسة والعنف في التعامل مع الاعتصامات أو التظاهرات، من خلال الملاحظات على ردود أفعالهم في الأوقات التي تدخلوا بها فعليا فض الاعتصامات، و التي سجل اليوتيوب أحداثها بالصوت والصورة، والتي لا تزال الحكومة تصورها على إنها غير حقيقية، وان الأمن لا يزال يتعامل بأسلوب ناعم، رغم الاستفزازات التي يتعرضون لها من قبل المتظاهرين والمعتصمين والمحتجين.
قد لا يكون أفراد وضباط قوات الدرك معنيين كثيرا أو مهتمين بالأفكار السياسية التي يهتم بها المواطنون، أو حتى يولوها أي أولوية من أولويات أنشطتهم الاجتماعية المختلفة، ولكن هل قوات الدرك ستنتهج النهج السابق لقوات البادية المتمثل بضربة حديدية والخروج بعدم المسؤولية، أم إن الدرك سيكون عاجز عن التعامل بعقلانية وضبط النفس مع التظاهرات الشعبية، الأمر الذي سيؤدي إلى أن تفكر الحكومة بشكل جدي باسترجاع وتفعيل قوات البادية الملكية، على اعتبار أن وجودها في الميدان سيعطي انطباع أنها تمثل أبناء البادية، سيما وان قوات البادية سجلت حضور استعراضي في ذكرى 24 آذار، فهل ستعود قوات البادية إلى الميدان بعد أربع عشرة سنه من الغياب وهل ستعود بالأسلوب القديم ذاته، أم إنها ستعود بأساليب جديدة مبتكرة، وهل بعد هذا الانقطاع سيتغير الانطباع عن قوات البادية من قبل المتظاهرين، أم ستشهد الصفحات الالكترونية تسجيل نكات جديدة تخترعها مرتبات البادية أثناء تعاملها مع المتظاهرين والمعتصمين بعد هذا الانقطاع الطويل.
kayedrkibat@gmail.com