رفعت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني للأردن من B+ إلى -BB، وهي خطوة إيجابية ومهمة تحدث لأول مرة منذ 21 عامًا. لكن ما الذي يعنيه هذا التصنيف، وما تأثيره على الاقتصاد الأردني؟
يشير التصنيف الائتماني إلى قدرة الدول على سداد ديونها، ويؤثر بشكل مباشر على قدرة هذه الدول على الاقتراض من الأسواق المالية الدولية بشروط مواتية. أما رفع التصنيف الائتماني فيعني أن الأردن أصبح أكثر موثوقية في نظر المستثمرين والمقرضين، مما يتيح له الوصول إلى التمويلات الدولية بتكاليف أقل.
ومن أبرز تأثير ذلك على الاقتصاد الأردني نذكر؛ أولاً، تحسين شروط الاقتراض: سيتيح هذا التصنيف الجديد للأردن اقتراض أموال بفوائد أقل، مما يخفف من عبء خدمة الدين العام ويتيح توجيه الموارد المالية نحو قطاعات أخرى، مثل البنية التحتية والتعليم والصحة، وهي أهم ثلاثة قطاعات اقتصادية واجتماعية على تماس يومي مع المواطنين بكافة فئاتهم، وتبني برامج إصلاحية، تؤثر على هذه القطاعات، من قبل الاحزاب السياسية التي تخوض الانتخابات النيابية، بعد غدٍ الثلاثاء، العاشر من هذا الشهر، ستكون له تأثيرات مباشرة على عدد الأصوات التي سيحصلون عليها.
ثانياً، زيادة الاستثمارات: سيؤدي رفع التصنيف إلى تعزيز الثقة لدى المستثمرين المحليين والدوليين في الاقتصاد الأردني، مما يشجع على تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات الجديدة.
ثالثاً، تسهيل الإصلاحات الهيكلية: بفضل هذا التصنيف، قد يكون الأردن قادرًا على تنفيذ إصلاحات هيكلية بمرونة أكبر، إذ سيكون لديه مزيد من المساحة المالية fiscal space للتعامل مع التحديات الاقتصادية.
لا شك أن للسياسات المالية والنقدية مساهمات في تحقيق هذا الإنجاز، وذلك من خلال: أولاً، الاستقرار النقدي: فالحفاظ على استقرار سعر الصرف واستقرار معدلات التضخم عند مستويات منخفضة، ساعد على تعزيز الثقة في الاقتصاد الأردني. ثانياً، ضبط العجز المالي: فقد نفذت الحكومة سياسات، وان كانت غير كافية، بهدف تخفيض العجز في الموازنة العامة وتحسين كفاءة الإنفاق العام.
ومن أهم إيجابيات رفع التصنيف نذكر، تخفيض كلفة الاقتراض، كما ذكرنا، حيث سيؤدي رفع التصنيف إلى تخفيض كلفة الاقتراض، مما يتيح للأردن إمكانية تمويل المشاريع التنموية بكلفة أقل. ثانياً، زيادة الثقة الاقتصادية: تعزيز الثقة لدى المستثمرين قد يؤدي إلى خلق مزيد من فرص العمل وتحسين الأوضاع الاقتصادية بشكل عام. ثالثاً، تعزيز العلاقات الدولية: قد يسهم هذا التصنيف في تحسين العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
أما أبرز السلببيات المحتملة رغم الإيجابيات، فمنها، احتمالية زيادة الاعتماد المفرط على الديون: فتحسين تحسين شروط الاقتراض قد يؤدي إلى زيادة الاعتماد على الديون، مما يزيد من حجم الدين العام على المدى الطويل. ثانياً، عدم الاستقرار السياسي أو الإقليمي: أي تدهور في الأوضاع السياسية أو الإقليمية قد يؤثر سلبًا على التصنيف الجديد ويعيد الأردن إلى التصنيفات الأدنى.
أما عن كيفية المحافظة على الإيجابيات وتحويل السلبيات إلى فرص، فهناك ضرورة لزيادة تنويع الاقتصاد: حيث من الضروري تعزيز القطاعات الإنتاجية غير التقليدية مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والسياحة لضمان نمو اقتصادي مستدام. ثانياً، استمرار الإصلاحات المالية: يجب أن تواصل الحكومات المتعاقبة الإصلاحات المالية لتعزيز كفاءة الإنفاق وتقليل الاعتماد على الديون. ثالثاً، تشجيع الاستثمارات المحلية: يجب توجيه السياسات نحو دعم القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
أما عن تأثير التصنيف على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، فعلى صعيد القطاعات الحيوية مثل الصناعة، البنية التحتية، والطاقة ستستفيد من التدفقات الاستثمارية الجديدة إن تمكنا من اجتذابها. وسيكون القطاع المصرفي أحد أكبر المستفيدين، حيث سيحظى بفرص تمويل أفضل.
علاوة على ذلك، فان تحسين الأداء الاقتصادي قد ينعكس على تحسن في مستويات المعيشة وتوفير فرص عمل جديدة، خاصة للشباب، ما قد يساهم في تخفيف معدلات البطالة. كما سيشعر المواطنون بتحسن تدريجي في الاقتصاد نتيجة الاستثمارات والمشاريع الجديدة التي ستسهم في تحسين الخدمات وزيادة فرص العمل. أما المستثمرون، فسيكونون أكثر ثقة في بيئة الأعمال والاستثمار في الأردن، ما يعزز من استقرار السوق ويزيد من فرص النمو.
الجميع متفق على أن رفع التصنيف الائتماني للأردن إلى -BB يُعَدُّ إنجازًا كبيرًا، لكن الحفاظ عليه يتطلب مواصلة الإصلاحات الهيكلية وتجنب الاعتماد المفرط على الديون.
بفضل هذا التصنيف، يمكن للأردن الاستفادة من تكاليف تمويل أقل وزيادة في الاستثمارات، مما سيسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي، لكن النجاح يتطلب حذرًا وإدارة فعالة للتحديات المالية والاقتصادية.