بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ، ذلك النشيد الخالد الذي كنا نفتتح به أبواب مدارسنا أيام كان للطابور الصباحي بهاؤه وشموخه وزهوه الرائع ، أيام أن كان تصدح به حناجر التلاميذ بأصواتهم الندية ،فتسمو الأرواح وتتعلق بأناشيد القومية والكبرياء الوطني . حقا إنها أيام خالدة ومجيدة لا أظن أنها ستعود.
ما الذي حصل أيها الأحباء أبناء وطني ؟ ولماذا نُثبت في كل يوم أننا شعب غير قادر على نشر بذور التفاؤل والأمل داخل بيوتنا ،وبين طلبتنا في الجامعات والمؤسسات التعليمية ؟ لماذا تقزَّمت صورة الوطن العملاق الذي يتوضأ بدموع تضحياتنا وإنجازاتنا ويغتسل بعرق جباهنا ،وكدح الصابرين المرابطين على مرارة الحرمان والعوز واللهاث وراء لقمة الخبز المجبولة بالدم والقهر والفاقة ؟
ما الذي تغيَّر في ذواتنا وشخصياتنا حتى صرنا أكثر قناعة من ذي قبل بأننا شعب أشبه (بطبيخ الشحادين) لباسا وثقافة وعادات ولهجات وتراثا وأهازيج ،ومنافسة حادة ومستمرة بين المنسف والمسخن ، ومشاجرات قطعة الجلد الممتلئة بالهواء الفاسد؟؟؟
لماذا تصرّ كل مكونات الشعب الأردني بقبائله وبعشائره المليونية والألفية والمئوية والخمسينية والعشرينية على أن يكون لها تراثها الخاص الذي تتعالى به على غيرها من القبائل، معتقدة أن لها مجدا هو الذي صنع تاريخ الوطن، وارتضت التخلي عن نشيد وطني يطلع عليها وعلى أبناء الوطن مع كل طلعة شمس على روابيها ،وهذا الحرص على اقتناء الأناشيد التجارية الخاصة ؟ لقد بات التفتيت مهمتنا الكبرى ، فهو أشبه بالحجر الذي يُرمى في بحيرة راكدة ليشكل دوائر تضيق وتضيق هي حالة الوطن في أيام ( الدجتل ) إلى درجة أننا كأفراد أصبحنا أكثر قناعة بتبني شعراء خصوصيين يدبجوا لنا قصائد جديدة على طراز شعر المتنبي في سيف الدولة ، ونُنعش المقولة القديمة ( أعطه يا غلام ) كل منا يود نشيدا ،خاصا وشاعرا خاصا، يسبح بحمده ، ورجاحة عقله ، نحن شعب يحب الإطراء وكيل المديح ، وابتكار الكلمات التي تدرُّ منفعة ما ، حتى لو اضطررنا أن نخلع على المداحين عباءاتنا ، وأن نسرف في هباتنا
لقد قبلنا أن يكون لكل محافظة أغنية ،هي أقرب إلى تأجيج المشاعر ، وليس لها علاقة بالكلمة العذبة ولابالفن الراقي ،وغايتها الوحيدة أن تدفع الشباب إلى العنف ، ومع ذلك ،كيف لنا أن نقبل هذا ، ونحن ندعو إلى تقدم مؤسسات المجتمع المدني في شتى مناحي حياتنا ، بأن يكون لكل عشيرة أغنية تعزز مصادر الفوضى والتعالي والتكبر الزائف على أبناء الوطن الواحد، الذين نطلب منهم في كل المناسبات أن ينخرطوا في الأحزاب والفعاليات النقابية والشعبية ؟!! ، ثم ماذا سيقول كثير من أبناء الوطن ،من شتى أصولهم ومنابتهم ،ممن ليس لهم مثل هذه الأناشيد الوطنية ( الخاصة) ؟؟؟؟
إن الإعلام المرئي الخاص ، في تقديري ، قد أسهم بشكل أو بآخر في ترسيخ هذه الفكرة المسمومة ، وما من صباح جديد إلا ويطلع علينا بعض هواة الإعلام من الصف العاشر مهنيا ، بأصواتهم المزعجة ، يزعقون مع كل اتصال لمتصل محيين عشيرته وقريته ومدينته وأفراد عشيرته الذين يعرفونهم والمبالغة في كيل المديح للعشائر على حساب الوحدة الوطنية ، ثم بعد أن تحصل محطته ،من تكلفة هذه المكالمة على مبلغ وقدره ( يُطيِّب خاطره ) بإسماعه أغنية عشائرية ،مفككة الشكل والمضمون ،لمغني يحاول الشهرة والحصول على شعبيات رخيصة ، ومستمع طائش لأغنية تحاول أن تدغدغ عاطفته ، وتلبي فيه حاجة الغرور العشائري الزائف . بحجة أنها أغان وطنية. عن أي وطن يتحدث هؤلاء ؟! .
كنا ،فيما مضى ،نسمع ( مرحى لمدرعاتنا ) و ( عمان فارس عوض) ويا ديرتي والمزيونة .. وأغاني الرجال الرجال ، ولكننا وللأسف اليوم لا نسمع إلا الأصوات الرديئة التي ما اشتهرت إلا لأنها تلامس العصبيات والإقليميات والمناطقيات التي هي من أسباب العنف المباشرة في الجامعة والشارع والباص وانتخابات مجالس الطلبة .
في غياب الوعي الوطني الحقيقي ، والانتماء المبني عن قناعات دينية وقومية ،نجد وزراء ونوابا ومطربين ومدرسين مناطقيين ، ومن خلال مناطقهم التي يقفزون منها إلى مواقع متقدمة في الدولة ،ما يلبثون أن يقفزوا عليها لتحقيق مصالح ضيقة كخرم الإبرة لذلك صار الوطن (لحفنة من عكاريتٍ وزعرانِ ) ونسينا زمنا جميلا كان فيه نشيدنا (بلاد العرب أوطاني) وا خجلاه ؟!!!
Tarq_majali@yahoo.com
ما الذي حصل أيها الأحباء أبناء وطني ؟ ولماذا نُثبت في كل يوم أننا شعب غير قادر على نشر بذور التفاؤل والأمل داخل بيوتنا ،وبين طلبتنا في الجامعات والمؤسسات التعليمية ؟ لماذا تقزَّمت صورة الوطن العملاق الذي يتوضأ بدموع تضحياتنا وإنجازاتنا ويغتسل بعرق جباهنا ،وكدح الصابرين المرابطين على مرارة الحرمان والعوز واللهاث وراء لقمة الخبز المجبولة بالدم والقهر والفاقة ؟
ما الذي تغيَّر في ذواتنا وشخصياتنا حتى صرنا أكثر قناعة من ذي قبل بأننا شعب أشبه (بطبيخ الشحادين) لباسا وثقافة وعادات ولهجات وتراثا وأهازيج ،ومنافسة حادة ومستمرة بين المنسف والمسخن ، ومشاجرات قطعة الجلد الممتلئة بالهواء الفاسد؟؟؟
لماذا تصرّ كل مكونات الشعب الأردني بقبائله وبعشائره المليونية والألفية والمئوية والخمسينية والعشرينية على أن يكون لها تراثها الخاص الذي تتعالى به على غيرها من القبائل، معتقدة أن لها مجدا هو الذي صنع تاريخ الوطن، وارتضت التخلي عن نشيد وطني يطلع عليها وعلى أبناء الوطن مع كل طلعة شمس على روابيها ،وهذا الحرص على اقتناء الأناشيد التجارية الخاصة ؟ لقد بات التفتيت مهمتنا الكبرى ، فهو أشبه بالحجر الذي يُرمى في بحيرة راكدة ليشكل دوائر تضيق وتضيق هي حالة الوطن في أيام ( الدجتل ) إلى درجة أننا كأفراد أصبحنا أكثر قناعة بتبني شعراء خصوصيين يدبجوا لنا قصائد جديدة على طراز شعر المتنبي في سيف الدولة ، ونُنعش المقولة القديمة ( أعطه يا غلام ) كل منا يود نشيدا ،خاصا وشاعرا خاصا، يسبح بحمده ، ورجاحة عقله ، نحن شعب يحب الإطراء وكيل المديح ، وابتكار الكلمات التي تدرُّ منفعة ما ، حتى لو اضطررنا أن نخلع على المداحين عباءاتنا ، وأن نسرف في هباتنا
لقد قبلنا أن يكون لكل محافظة أغنية ،هي أقرب إلى تأجيج المشاعر ، وليس لها علاقة بالكلمة العذبة ولابالفن الراقي ،وغايتها الوحيدة أن تدفع الشباب إلى العنف ، ومع ذلك ،كيف لنا أن نقبل هذا ، ونحن ندعو إلى تقدم مؤسسات المجتمع المدني في شتى مناحي حياتنا ، بأن يكون لكل عشيرة أغنية تعزز مصادر الفوضى والتعالي والتكبر الزائف على أبناء الوطن الواحد، الذين نطلب منهم في كل المناسبات أن ينخرطوا في الأحزاب والفعاليات النقابية والشعبية ؟!! ، ثم ماذا سيقول كثير من أبناء الوطن ،من شتى أصولهم ومنابتهم ،ممن ليس لهم مثل هذه الأناشيد الوطنية ( الخاصة) ؟؟؟؟
إن الإعلام المرئي الخاص ، في تقديري ، قد أسهم بشكل أو بآخر في ترسيخ هذه الفكرة المسمومة ، وما من صباح جديد إلا ويطلع علينا بعض هواة الإعلام من الصف العاشر مهنيا ، بأصواتهم المزعجة ، يزعقون مع كل اتصال لمتصل محيين عشيرته وقريته ومدينته وأفراد عشيرته الذين يعرفونهم والمبالغة في كيل المديح للعشائر على حساب الوحدة الوطنية ، ثم بعد أن تحصل محطته ،من تكلفة هذه المكالمة على مبلغ وقدره ( يُطيِّب خاطره ) بإسماعه أغنية عشائرية ،مفككة الشكل والمضمون ،لمغني يحاول الشهرة والحصول على شعبيات رخيصة ، ومستمع طائش لأغنية تحاول أن تدغدغ عاطفته ، وتلبي فيه حاجة الغرور العشائري الزائف . بحجة أنها أغان وطنية. عن أي وطن يتحدث هؤلاء ؟! .
كنا ،فيما مضى ،نسمع ( مرحى لمدرعاتنا ) و ( عمان فارس عوض) ويا ديرتي والمزيونة .. وأغاني الرجال الرجال ، ولكننا وللأسف اليوم لا نسمع إلا الأصوات الرديئة التي ما اشتهرت إلا لأنها تلامس العصبيات والإقليميات والمناطقيات التي هي من أسباب العنف المباشرة في الجامعة والشارع والباص وانتخابات مجالس الطلبة .
في غياب الوعي الوطني الحقيقي ، والانتماء المبني عن قناعات دينية وقومية ،نجد وزراء ونوابا ومطربين ومدرسين مناطقيين ، ومن خلال مناطقهم التي يقفزون منها إلى مواقع متقدمة في الدولة ،ما يلبثون أن يقفزوا عليها لتحقيق مصالح ضيقة كخرم الإبرة لذلك صار الوطن (لحفنة من عكاريتٍ وزعرانِ ) ونسينا زمنا جميلا كان فيه نشيدنا (بلاد العرب أوطاني) وا خجلاه ؟!!!
Tarq_majali@yahoo.com