عن العقيدة الاستراتيجية الأميركية

عن العقيدة الاستراتيجية الأميركية
د. عبد الحق عزوزي
أخبار البلد -  

لم يكتب لمادةِ السياسات العمومية وجودُها في مصافِ العلوم والتخصصات التي تدرس في الكلياتِ والمعاهد العليا على شاكلة سوسيولوجيا العلاقات الدولية والنظريات السياسية إلا في العقود الأخيرة، وبالأخص في الجامعات الفرنكفونية. والسبب هو أن هاته الأخيرة ظلت حبيسة المنطق القانوني - الفلسفي والتقاليد الفكرية الموروثة، ابتداء من هيغل إلى ماكس ويبر، مروراً بماركس، الذين أعطوا الأولوية لمفهوم الدولة، أي أنه تم التأكيد على كيان يستحوذ على المجتمع، يرسم حدوده ويقوم بتوجيهه، وهكذا ظلت المدارس الفرنكفونية، وعلى رأسها فرنسا، لمدة طويلة، تقدس مسألة التوجهات القانونية والفلسفية، إلى درجة أنها رفضت إحداث تفرقة بين علم السياسة والقانون الدستوري مثلاً، في حين عرفت العلوم السياسية استقلاليتها مبكراً في الولايات المتحدة، وتكونت مدارس متعددة، وكثر أعداد المنظرين، وتطورت فروعها، بما في ذلك علم السياسات العمومية، حيث كان لطغيان مبدأ «government» الفضل في تطور هذا العلم، وألفت عنه الكتب، وظهرت نظريات كثيرة تؤصل للمصالح الجماعية والفردية التي تقوم بصياغة سياسات «هادفة» تنطلق من قاعدة أساسية، وهي كيف يجب تحقيق التنمية بذكاء وبمصاريف معقولة متبوعة بمبدأي المحاسبة والمساءلة، لأن الأموال العمومية هي أموال الشعب.

 

 

 

 

هذا الاختلاف بين المدرستين الفرنكفونية والأنغلوساكسونية يذكرني أيضاً بالاختلاف الموجود داخل علم السياسة، هل هذا العلم هو علم الدولة أم علم السلطة؟ فإذا تتبعت أقاويل المنظرين القانونيين والفلاسفة الفرنسيين الأوائل فسيقولون هو علم الدولة، خلافاً لزملائهم الأميركيين الذين سيقولون لك منذ البداية إنه علم السلطة، وهذا ما يجعله يأوي مجالات متعددة، من قبيل المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات واللوبيات حتى الأفراد...

ونتذكر ما قابل قرار حكومة بوش الابن عندما أرادت التدخل العسكري في العراق سنة 2003، من رفض لدى الدول الأوروبية الغربية، وبالأخص فرنسا، التي تزعمت معسكر الرفض هذا باسم الشرعية القانونية والشرعية الأممية التي لا تجيز مثل هذا التدخل العسكري لعدم وجود الأدلة التي تسطرها مواد ميثاق «الأمم المتحدة». ويكفي الرجوع إلى المذكرات التي كتبت عن تلك الفترة، بما في ذلك مذكرات كولن باول، لفهم المسألة جيداً. كان كل من ديك تشيني، ودونالد رامسفيلد، وكولن باول، يقومون برحلات مكوكية إلى العواصم الأوروبية (عدا بريطانيا حليفة أميركا التقليدية) لإقناع رؤسائها، ولكن دون جدوى. ونتذكر الخطاب الشهير لكولن باول في قبة «الأمم المتحدة»، وهو يحمل قنينة صغيرة يقول فيها لأعضاء مجلس الأمن: لو أنه قام بتفجير هاته القنينة، لأضحت مساحات من الأرض حصيداً كأن لم تغن بالأمس، وهو ما يستطيع صدام فعله لتوفره على أسلحة الدمار الشامل، وهو ما أنكره عليه وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبين في نفس الاجتماع لعدم وجود أي حجة... هذا البون الشاسع بين الاتجاه الفقهي القانوني الفلسفي الصرف، والاتجاه الاستراتيجي، أو بعبارة أخرى بين الحفاظ على الشرعية القانونية الدولية والقضاء على نظام صدام وأهله، مزّق في تلك الفترة قواعد التفاهم حول محددات النظام العالمي، إلى درجة أن ديك تشيني وصف أوروبا الغربية بأوروبا العجوز...

وتشيني من خلال كلامه هذا كان يشير إلى انتهاء صلاحية الإملاءات القانونية والفلسفية الفرنسية، وأن لكل مرحلة تكييفاتها، وأن هاته المرحلة تتطلب الواقعية الاستراتيجية اللاقانونية بغطاء شبه قانوني... فوقع التدخل العسكري الأميركي - البريطاني، وجعل الحلفاء أعزة العراق أذلة، وعاليها سافلها، رغم الرفض الفرنسي - الغربي والقوانين الأممية، ووجود 200 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة...

وهاته العقيدة السياسية دائماً ما تضع مصالح أميركا ومصالح حلفائها، بما في ذلك إسرائيل، فوق مصالح الديمقراطية والقانون الدولي وحقوق الإنسان، وقد لاحقت مثلاً تهمة «مجرم حرب» الراحل هنري كيسنجر، وتعالت الدعوات إلى محاكمته فيما جرى من حرب في فيتنام وكمبوديا، وتآمره على عدد من دول أميركا اللاتينية في سبعينات القرن الماضي مع وكالة المخابرات المركزية للإطاحة بسلفادور أليندي بعد انتخابه رئيساً لتشيلي، ودعم الديكتاتور العسكري بينوشيه، ودعم الانقلاب العسكري بالأرجنتين عام 1976، وغزو تيمور الشمالية عام 1975... ولكن كل هذا لم يتم، لأن أميركا من خلال سياستها العمومية الدفاعية والخارجية تقوم على عقيدة غلبة العوامل الاستراتيجية على العوامل القانونية والقواعد الدولية، ولا يمكن أن تحاسب على ذلك، لأنها دركي العالم، وتملك مفاتيح المؤسسات الدولية والنظام العالمي، حتى إذا ضاعت منها، فإن لها نسخاً من تلك المفاتيح وأبواباً ونوافذ أخرى تدخل منها وتخرج كيف تشاء، وهاته العقيدة تفسر انتهاك سيادات دول من حليفة أميركا، وأعني بذلك إسرائيل، وتفسر ما يجري اليوم في المنطقة، وسياسة ازدواجية المعايير التي تحير المبتدئين في مجال علم السياسة والعلاقات الدولية.

شريط الأخبار أسوأ سيناريو للأردن: كمين بعنوان «تقليص الضفة والضم معاً» وإنهاء حرب غزة مقابل «مغادرة السلطة» "الاسواق الحرة" تقرر عدم التجديد للرئيس التنفيذي المجالي بورصة عمان في أسبوع ...بالأرقام والنسب والإعداد والقطاعات واكثر الأسهم ارتفاعا وانخفاضا الولايات المتحدة.. رجل يقتل زوجته ويقطعها قبل إلقائها في القمامة هيئات وطنية وثقافية أردنية تطالب بالإفراج عن الإعلامي محمد فرج لماذا يستهدف ترامب الجالية الصومالية في أميركا؟ أسرار”هندية” مع الأردن: “مودي” إصطحب معه “أهم 30 شخصية في قطاع الأعمال”.. الملك حضر فعاليتين معه.. وولي العهد قاد “سيارة الوداع” قبول استقالة 642 عضوًا من الهيئة العامة التأسيسية للحزب المدني الديمقراطي يكشف أزمة أعمق من شأن تنظيمي انطلاق ورشة عمل لمراجعة الخطة الاستراتيجية لوزارة الأوقاف للأعوام 2026–2030 بدون فواتير كهرباء.. منزل يعمل بالكامل بـ650 بطارية لابتوب مستعملة تناول الطعام ليلاً.. هكذا يضر بصحتك الأرصاد تكشف تفاصيل الحالة الجوية خلال الأسبوع المقبل وفيات الأردن اليوم السبت 20-12-2025 العثور على جثة شخص مفقود بمنطقة اللجون في الكرك كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي إعلان أمريكي مرتقب بشأن "الإخوان المسلمين" الأرصاد: طقس بارد نسبيا وتحذيرات من الضباب والصقيع خلال الأيام المقبلة الشرق الأوسط للتأمين راعٍ ذهبي للمعرض والمؤتمر الأردني الدولي للشحن والتخليص والخدمات اللوجستية وتشارك بخبرتها الريادية في التأمين البحري لجنة التأمين البحري في الاتحاد الأردني لشركات التامين تشارك في مؤتمر ومعرض JIFEX 2025 في العقبة مذكرة احتجاج بشأن الأداء التحكيمي في مباراة الأردن والمغرب