منذ عقد من الزمان والمطالبة بالإصلاح في الأردن أولوية إعلامية، وكلمات رنانة تقرع الأذان ووشاح تتوشح به كل الخطابات، وتتزين به كل الاجتماعات والمقابلات، فنحن مصرين على الإصلاح، ونحن ماضين في طريق الإصلاح، ولا يوجد ما يعيق الإصلاح، وعلى الحكومة تبني مشاريع إصلاحية ووضع خطط كفيلة بالإصلاح، وفي خضم المطالب الإصلاحية هذه اكتشفنا أن الحديث عن الإصلاح في وادي والواقع في وادي، ودليل ذلك أن الكوارث المالية المشوبة بالفساد والتدمير الاقتصادي رافق هذه المطالب الإصلاحية، وان تقدمنا في أي مجال ولو خطوة واحدة تجد إننا كنا مبتلّين بوحل الفساد، وكل الانجازات العظيمة التي تغنينا بها واعتبرت ازدهار وتقدم المسيرة ما كانت إلا زهور نرجسية سرعان ما اكتشفنا أن الشعب دفع مقابل الحصول عليها أضعاف ما تساوي.
فمشاريع الخصخصة كلها فشلت بامتياز، ومشاريع التصحيح الاقتصادي أيضا لم يحالفها النجاح، ومشاريع التنمية السياسية تسير عكس التيار، ومشاريع تطوير القطاع العام أفسدت هذا القطاع، ومشاريع التطوير التربوي خرجت طلاب الثانوية حفاظ كتب، وحريات الصحافة والإعلام التي ندعي أننا لا نجعل لها حدود باتت في قيد القوانين الناظمة مقيدة بالغرامات والحبس، تحت شعار التنظيم لحماية حقوق المواطنين، عجبا لحرية عنانها السماء أن توضع في زجاجة ويرميها الفاسدون بالحجارة وتتكفل الحكومة بالمحافظة عليها، عجبا لقانون يكمم الأفواه باسم حماية الوطن، عجبا لقانون يغلق الطرق الذي كشف للناس رؤوس الفساد، عجبا لقانون سيلاحق كل من يشير لفاسد صراحة أو كناية، عجبا لقانون سيلاحق الشباب الذين ناضل النظام ليدخلهم معترك التفكير السياسي، وبعد أن فاجئوه بأنهم يمتلكون أفكارا وجراءة تفوق توقعاته، تراجع الآن ويحاول إعادتهم إلى التفكير بهيفاء ونانسي والتفرغ للدراسة وترك السياسة لأهلها، عجبا لقانون يطلب من المعلق أن يترك عنوانه حتى يطالب بحق سخريته، عجبا لقانون يطلب من المنتديات أن تكون حكرا لمحرر يريد على عمله أجرا وتقتل الإبداع وتفسد النجاح الذي حققه مشرفي تلك المنتديات، عجبا لقانون يريد أن يضم المدونات تحت عباءته.
الإصلاح الذي يتغنى به المسئولين عبارة عن دعاية وشعار يرفع ليهيج المشاعر ويطوي تحت جناحاته في الحقية الرعاية الرسمية للفساد، فلم يكشف عن قضية فساد إلا وتبين أنها تمت في حضن الإدارة الحكومية، وتمت برعايتها الرسمية سواء كان ذلك بقصد أو كان ذلك بالتحايل على هذه الجهة الحكومية بالمكر والخديعة.
ثقتنا بالحكومة وجديتها بكل ما تطرحه من مشاريع أو قرارات أو حتى تطمينات موضع شك، ويثبت الخبر عندنا إذا قدمت الحكومة نفي، وهذا الحال أوصلتنا إليه الحكومات الهشة المتعاقبة والتي لم تكن تملك من الأمر شيء، ولكنها كانت حريصة على تحقيق المكاسب التي تعود على أفرادها وتولي للبلد وأهله المنزلة الصفرية.
تغنى بالأمجاد واستعرض البطولات وتحدث عن المشاهير والفنانات ودعك من الحديث بحال الأمة وقرارات الحكومة تسلم، فقانون القيد على الحريات قادم إن لم يتم التصدي له في كل المواقع الإخبارية والمنتديات والمدونات، فمن غير المعقول التصديق بأن الحكومة لم تسرب مسودة هذا القانون للاطلاع على تغذية راجعة تتطلع فيها على ردة الفعل المتوقعة، وتحديد موقفها وعكس ذلك فسيمر هذا المشروع كما مرت قوانين قبله في مجلس النواب، ولو تم عمل إحصائية تبين كم يوجد لدينا الآن مواقع الكترونية إخبارية وكم لدينا من منتديات، وبعد نفاذ القانون اعد الإحصائية واعلم أن الفارق السلبي لا يعني تراجع في الحريات، كما ستقول المؤشرات العالمية في حينه وبعد عملية الرصد، بل الحقيقة ستكون كما تقول الحكومة عندها، بأنه تم تنظيم هذا المجال الإعلامي بشكل أفضل ووصل إلى نوعية أفضل مما كان عليه قبل نفاذ القانون ولا تلتفتوا لأقوال المغرضين، وعندها لن تسمع باسم فاسد أبدا بل ستسمع أن نفس الأسماء أصبحت نجوم متلألئة في الإعِلام الأردني.
حتما سينفذ هذا القانون وستُهجر المواقع الإخبارية الأردنية وسيتم نشر المقالات التي تتحدث عن الفساد والقضايا الأردنية على المواقع الإخبارية الخارجية، وسيتم ذلك بأسماء مستعارة، وكل ذلك كردة فعل على هذا القانون واحتجاجا على تصرف الحكومة، فمع التقدم في مجال الاتصال أصبح من العبث فرض القيود على حرية الرأي فالخروج من هذا المأزق بالرائحة الطيبة يا حكومتنا الرشيدة اسلم.
kayedrkibat@gmail.com
فمشاريع الخصخصة كلها فشلت بامتياز، ومشاريع التصحيح الاقتصادي أيضا لم يحالفها النجاح، ومشاريع التنمية السياسية تسير عكس التيار، ومشاريع تطوير القطاع العام أفسدت هذا القطاع، ومشاريع التطوير التربوي خرجت طلاب الثانوية حفاظ كتب، وحريات الصحافة والإعلام التي ندعي أننا لا نجعل لها حدود باتت في قيد القوانين الناظمة مقيدة بالغرامات والحبس، تحت شعار التنظيم لحماية حقوق المواطنين، عجبا لحرية عنانها السماء أن توضع في زجاجة ويرميها الفاسدون بالحجارة وتتكفل الحكومة بالمحافظة عليها، عجبا لقانون يكمم الأفواه باسم حماية الوطن، عجبا لقانون يغلق الطرق الذي كشف للناس رؤوس الفساد، عجبا لقانون سيلاحق كل من يشير لفاسد صراحة أو كناية، عجبا لقانون سيلاحق الشباب الذين ناضل النظام ليدخلهم معترك التفكير السياسي، وبعد أن فاجئوه بأنهم يمتلكون أفكارا وجراءة تفوق توقعاته، تراجع الآن ويحاول إعادتهم إلى التفكير بهيفاء ونانسي والتفرغ للدراسة وترك السياسة لأهلها، عجبا لقانون يطلب من المعلق أن يترك عنوانه حتى يطالب بحق سخريته، عجبا لقانون يطلب من المنتديات أن تكون حكرا لمحرر يريد على عمله أجرا وتقتل الإبداع وتفسد النجاح الذي حققه مشرفي تلك المنتديات، عجبا لقانون يريد أن يضم المدونات تحت عباءته.
الإصلاح الذي يتغنى به المسئولين عبارة عن دعاية وشعار يرفع ليهيج المشاعر ويطوي تحت جناحاته في الحقية الرعاية الرسمية للفساد، فلم يكشف عن قضية فساد إلا وتبين أنها تمت في حضن الإدارة الحكومية، وتمت برعايتها الرسمية سواء كان ذلك بقصد أو كان ذلك بالتحايل على هذه الجهة الحكومية بالمكر والخديعة.
ثقتنا بالحكومة وجديتها بكل ما تطرحه من مشاريع أو قرارات أو حتى تطمينات موضع شك، ويثبت الخبر عندنا إذا قدمت الحكومة نفي، وهذا الحال أوصلتنا إليه الحكومات الهشة المتعاقبة والتي لم تكن تملك من الأمر شيء، ولكنها كانت حريصة على تحقيق المكاسب التي تعود على أفرادها وتولي للبلد وأهله المنزلة الصفرية.
تغنى بالأمجاد واستعرض البطولات وتحدث عن المشاهير والفنانات ودعك من الحديث بحال الأمة وقرارات الحكومة تسلم، فقانون القيد على الحريات قادم إن لم يتم التصدي له في كل المواقع الإخبارية والمنتديات والمدونات، فمن غير المعقول التصديق بأن الحكومة لم تسرب مسودة هذا القانون للاطلاع على تغذية راجعة تتطلع فيها على ردة الفعل المتوقعة، وتحديد موقفها وعكس ذلك فسيمر هذا المشروع كما مرت قوانين قبله في مجلس النواب، ولو تم عمل إحصائية تبين كم يوجد لدينا الآن مواقع الكترونية إخبارية وكم لدينا من منتديات، وبعد نفاذ القانون اعد الإحصائية واعلم أن الفارق السلبي لا يعني تراجع في الحريات، كما ستقول المؤشرات العالمية في حينه وبعد عملية الرصد، بل الحقيقة ستكون كما تقول الحكومة عندها، بأنه تم تنظيم هذا المجال الإعلامي بشكل أفضل ووصل إلى نوعية أفضل مما كان عليه قبل نفاذ القانون ولا تلتفتوا لأقوال المغرضين، وعندها لن تسمع باسم فاسد أبدا بل ستسمع أن نفس الأسماء أصبحت نجوم متلألئة في الإعِلام الأردني.
حتما سينفذ هذا القانون وستُهجر المواقع الإخبارية الأردنية وسيتم نشر المقالات التي تتحدث عن الفساد والقضايا الأردنية على المواقع الإخبارية الخارجية، وسيتم ذلك بأسماء مستعارة، وكل ذلك كردة فعل على هذا القانون واحتجاجا على تصرف الحكومة، فمع التقدم في مجال الاتصال أصبح من العبث فرض القيود على حرية الرأي فالخروج من هذا المأزق بالرائحة الطيبة يا حكومتنا الرشيدة اسلم.
kayedrkibat@gmail.com