بدى بشكل واضح للعالم أجمع ان جلالة الملكة رانيا العبدالله لا تكل ولا تمل في دفع المجتمع الدولي للضغط بشكل أكبر على الاحتلال الصهيوني لوقف الجرائم البشعة والدموية التي يمارسها ضد أهنا في قطاع غزة المحاصر والمنكوب، وحثه على وقف الانتهاكات اليومية والصريحة أيضا على الفلسطينيين الصامدين في الضفة الغربية.
ولقد شاهدنا جلالتها وهي تسلط الضوء في مقابلاتها الأخيرة مع سي بي اس لبرنامج فيس ذا نيشن مع الإعلامية مارغريت برينان وعبر قناة إم إس إن بي سي الأمريكية مع الإعلامية الشهيرة جوي ريد في برنامج ذا ريدآوت على التجاهل الاسرائيلي الصريح لقرارات الأمم المتحدة ورفضها تطبيق القانون الدولي الإنساني.
ففي بداية المقابلة كان هناك سؤال صعب في الحقيقة وجه لجلالة الملك رانيا حين سألت المذيعة جوي انها تريد من الملكة الحديث عن غزة كون أصولها فلسطينية، وجاء في سؤالها ما حرفه : انت لست ملكة أردنية فحسب انت أيضا امرأة من أصول فلسطينية واود ان تحدثيني عن غزة كملكة أردنية من أصول فلسطينية؟
فكانت الإجابة ذكية ولها عمق كبير ومعاني ورسائل قوية، حيث كان الجواب :أعتقد ان الامر لا يتعلق بأصولي الفلسطينية!! وهذه رسالة ذكية كون السؤال في أي مقابلة هو من يتحكم بمحاور اللقاء، وبهذه الإجابة أغلقت جلالتها كافة المداخل والتشوهات للمقابلة بشكل ذكي بلا أدنى شك، وحصرت الموضوع على ان الامر لا يتعلق بالأصول والعرق والدين فقط، لفهمها الفكر الغربي وموقفه من القضية الفلسطينية وإنما بالبعد الإنساني وهذا ما جعل المقابلة تتمحور حولها ولفتت فيه الانتباه بأن القضية الفلسطينية وغزة بالتحديد قضية إنسانية وليست أي شيء اخر.
هذا التسليط كان له اثر قوي في المجتمع الخارجي وخاصة في الولايات المتحدة الامريكية والذي جاء بالتزامن مع المظاهرات الجامعية في عدد من الولايات الداعمة والمؤازرة لغزة التي انهكتها تلك الحرب الهمجية الغاشمة.
ولان الاعلام يلعب دورا هاما في هذه القضية وخاصة ان الخصم الإسرائيلي يمتلك العديد من الأدوات الإعلامية القادرة على قلب الحقائق لحشد الموقف الدولي الى صالحه بحجج واهية قادر على نسجها بخيوط من الخبث والمكر، فلقاءات الملكة كانت مدروسة بشكل يكشف الزيف ويظهر الحقائق وخاصة عبر الوسائل الاعلامية الخارجية.
فجلالتها تحرص دائما في مقابلاتها الى كشف الحقائق وتسليط الضوء على الواقع الإنساني في غزة، لزيادة التعاطف مع القضية الفلسطينية وهذه الوسيلة الأقوى لزيادة الضغط على تل ابيب واجبارها على وقف عدوانها على المدنيين العزل في القطاع، وعلى سبيل المثال كان من ضمن المقابلة الأخيرة حديثها عن الارقام المهولة من الشهداء والمهجرين، كاستشهاد35 ألف، 70% منهم نساء وأطفال، وتهجير نحو 2 مليون في غزة حصرا، اما في الضفة الغربية فاستشهاد نحو 500 فلسطيني، من بينهم 124 طفلا، واعتقال 8000 فلسطيني وزجهم داخل سجون الاحتلال.
هذه الأرقام المهولة التي كشفت عنها جلالتها في مقابلتها أظهرت مدى وحجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني ومدى الظلم الذي وقع عليه جراء الاحتلال الإسرائيلي والحرب الهمجية عليه، ومقارنتها الذكية أيضا بعدد الأطفال الذين قتلوا على مدار سبعة أشهر في حرب "طوفان الأقصى" بأعداد الأطفال الذين قتلوا في جميع الصراعات التي شهدها العالم خلال الأربع سنوات الماضية، والتي هي بمثابة دليل قطعي ان الحرب همجية ولا تبرير لها.
ولم تنسى جلالتها في مقابلاتها الدور الكبير الذي يقدمه الأردن من جهود إنسانية تجاه المدنيين المحاصرين في القطاع عبر الانزالات الجوية الدورية التي يقوم بها سلاح الجو الملكي الاردني بتوجيهات سامية من جلالة الملك عبد الله الثاني واشراف شخصي منه لكسر الحصار الذي يقبع تحته اهلنا في قطاع غزة.
فلو نظرنا مرة أخرى الى مقابلة الملكة وغيرها من المقابلات سنجد انها تضع العالم أجمع أمام مسؤولياته الإنسانية والضمير الانساني الحي في قلوب العالم الحر الذي لا يرضى ان يكون هناك قتل وتهجير وتجويع كما يحدث في غزة والضفة الغربية اليوم.
في النهاية نقول شكرا لجلالة الملكة رانيا العبدالله على ما تقدمينه من دعم لأهلنا في الضفة والقطاع، وشكرا لكل ضمير حي يدافع عن القضية الفلسطينية في كل مكان.