اخبار البلد _وصف أحد كبار القضاة عمل النيابة العامة الاردنية في تحقيقات واحدة من أكبر قضايا الفساد في المملكة بقوله (إنهم ينحتون في الصخر) إشارة الى صعوبة الحصول على المعلومات والوثائق وضعف التعاون مع المدعين العامين من قبل الدوائر الرسمية.
وتشكو النيابة العامة مر الشكوى من عدم تعاون يصل الى درجة العرقلة من قبل الامانة العامة لمجلس النواب في التحقيقات التي يجريها المدعي العام في قضية تتعلق ببرنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، وبالرغم من العديد من الكتب المرسلة من قبل النائب العام الى رئيس مجلس النواب الا أن الرد السلبي كان سيد الموقف دائما، الامر الذي يجعلنا نتساءل عما اذا كان مجلس النواب شريكا للنيابة العامة في محاربة الفساد أم أن هناك جهات فيه تمثل محامي الدفاع في قضايا معينة؟
أول أمس سألت سعادة النائب المحترم الدكتور أحمد الشقران الذي ترأس لجنة التحقق النيابية في قضية الفوسفات عن سر أستماتة عشرة من السادة النواب في السعي لطي ملف الفوسفات وابعاده عن المساءلة فأجابني بما لا يمكن نشره، ولكن الجواب لن يكون بعيدا لو كررت نفس السؤال في قضية سكن كريم وقضية برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي.
وزير المالية بدوره يرفض الرد على اتصالات النائب العام الهاتفية لتجيب معالي السكرتيرة بأن معاليه (مش فاضي)!
في الدول المتقدمة يا معالي الوزير لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يجيب النائب العام بمثل ما تجيب سكرتيرتك، وفي إسرائيل على بعد خطوات منا لا يملك رئيس الوزراء رفض المثول أمام محققي الشرطة وليس المدعي العام ولا النائب العام، وفي الدول المتقدمة يا معالي الوزير يصدر النائب العام قرار جلب بالقوة بحق الوزير الذي يرفض التعاون أو الاستجابة لطلب النائب العام.
الدستور الأردني منح الوزراء حصانة من التحقيقات أمام النيابة العامة بدون إحالة من مجلس النواب، ومجلس النواب لا يريد الاحالة ولا يريد التعاون مع النيابة حتى فيمن هم دون مرتبة وزير ولعلنا سنشعر بندم أننا لم نحاول قبل أقرار التعديلات الدستورية إدخال تعديل يرفع الحصانة عن أي وزير أو نائب بقرار من النائب العام ومصادقة رئيس المجلس القضائي، فقد أثبتت التجارب العملية أن الحصانة الدستورية للنواب والوزراء أصبحت العقبة الكأداء أمام تحقيق العدالة والمساواة بين الاردنيين والوصول الى الحقيقة ومحاربة الفساد.
إذا لم تتعاون كافة المؤسسات مع النيابة العامة في التحقيقات فان أحدا لن يضمن ألا نشاهد رئيس المجلس القضائي أو النائب العام على شاشات التلفزة يعلن وبالأسماء المؤسسات والمسؤولين الذين يعرقلون التحقيقات في قضايا الفساد!
انني أطالب بانفتاح النيابة العامة على الإعلام وأن يصرح عطوفة النائب العام بأسماء المؤسسات التي تتلكأ في التعاون أو تعرقل عمل المدعين العامين في القضايا المفتوحة فلعل الاعلام يكون سلطة أكثر تأثيراً من القانون والواجب الملقى على عاتق هؤلاء.
أما أن يسعى البعض الى تحويل جهاز النيابة العامة الى مؤسسة لمنح شهادات البراءة وصكوك حسن السلوك عبر تعمد أخفاء الادلة والملفات فهذا ما لن يقبله القضاء الاردني ولن يكون بمنأى عن المحاسبة العسيرة ذات يوم.
أدعو الى تضامن وطني ومساندة شعبية لجهاز النيابة العامة والقضاء الاردني فلا يجوز للقوى الوطنية أن تترك رجال القضاء والادعاء العام وحدهم في معركة محاربة فساد يعمل في الظلام ويستطيع التلاعب بالادلة.
الكاتب المحامي محمد الصبيحي