ببغاوات الفتنة في ليبيا: بقلم الكاتب والباحث السياسي الليبي / عبدالله البصير
قال الله سبحانه وتعالى : { يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }- سورة الحجرات الآية 6-
رغم أن الظروف الأمنية والسياسية التي تمر بها ليبيا الأن لا تسمح باطلاق الأحكام الموضوعية على ما جرى ويجري من أحداث ، إلاّ أن بعض الأحداث وخاصة ما يخشى من تبعاتها على الكيان المجتمعي الليبي ، لا يمكن تركها تمر علينا مرور الكرام ولا بد للمهتمين بشؤون السياسة والفكر والثقافة والإعلام والصحافة من تناولها بما يكفل معرفة حقيقة دوافعها واهدفها وكشف اثارها على مستقبل الوطن والمجتمع .
لذا، ورغم ادراكي لحجم المخاطر التي قد تنجم عن المجاهرة بالحقيقة في ظل هذه الظروف ، سأعرج في عجالة على بعض المواقف السياسية والإعلامية التي ربما تؤشر إلى انحراف البعض عن سلوكات الأخلاقيات المهنية.
الحياد والموضوعية واحترام عقلية المتلقي هي من أهم عوامل مقومات العمل الإعلامي المسؤول ، فالإعلام كمهنة يقوم على أسس من الأخلاق، وجب التحلي بها لكل فرد يمتهنها، فعلى الإعلامي الالتزام بالصدق، والنقل بأمانة من مصادر الخبر الصحيحة ، وعليه أن يتثبت ويتبين من كل أمر يقوم ببثه ونشره، لتجنب التعدي على الآخرين بجهالة.
لكننا للأسف نجد وسائل اعلامنا في ليبيا تحب هذا وتكره ذاك ، تنقلب على البعض ، وتــدافع عن البقية ، فهو إعلام مسيّس يعمل لأجل فئات وتيارات سياسية معينة ، تسيره نحو اتجاهات مخطط لها مسبقاً.
ولا أدل على ذلك من ما تمارسه فضائيات خفافيش الظلام الليبية التي تأبى أن ترى نور الحقيقة بعد أن عميت بصائرها و بصيرتها ، وهي تقتات على تشويه النظام السابق ، من أجل تسويق نفسها أمام المتحكمين في ليبيا الآن ، عبر شن حملة اعلامية مضللة تطعن في النظام السابق و لاتعترف له بأي انجاز!. حملة افتراءات تثير الكراهية بين الليبيين . واقل ما يقال عن القائمين على أمرها أنهم يعتقدون ان المتلقي الليبي ساذج ولا يفهم . فضلا عن أن خطاب معظم مديعي هذه الفضائيات في كثير من الأحيان بدا، مُعبّرا عن ردود أفعال وانفعالات عاطفية أكبر من كونه معبّرا عن "وعي" بأزمة الواقع الليبي.
وهنا يأتي السؤال الذي لا بد من طرحه وهو كيف لنا أن نؤمن بالمستقبل الوردي الذي يحدثوننا عنه، وهم لا يتقبلون رأيا لا يصب في إنائهم..؟ وفي هذا ما يكشف عن غياب البعد الأخلاقي والمنطق العقلي لديهم في قراءة الواقع الليبي.
فمن يتابع على سبيل المثال برنامج فضائية ليبيا الرسمية الذي يقدمه المديع محمد محيسن يجد أنه أقرب إلى الهذيان والتحريض الإعلامي منه إلى ممارسة العمل الإعلامي المهني . فهو لا يفتح بابا إلا لمن يحترف الصراخ والسب والشتم ويهاجم الليبيين المؤيدين للنظام السابق ، و وسيلة حواره وأقناعه الوحيدة هي السباب والشتيمة ، ونبش الماضي السحيق وتزوير حقائقه وبعث الروح فيه من جديد ، ورسالته هي اثارة الحقد و نشر الكراهية بين الليبيين ودفعهم نحو الاحتراب الأهلي !. فهل حرية الاعلام والصحافة هي أن تقوم بالتحريض والتضليل..و تشعل حرائق الفتنة وتبث الرعب بين الليبيين ؟.
ففي يوم 22/2/2012 استضاف المديع محمد محيسن ، السيد رئيس المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان التابع للمجلس الوطني الانتقالي - المحامي محمد العلاقي ، الذي رغم تحفظه الخجول على ما يرتكبه عناصر كتائب " ثوار17فبراير" المسلحة من اعتقال وتعديب وقتل خارج اطار القانون . غيرأنه من ناحية اخرى ، انساق وراء هذا المديع في تضليل الشعب واستجاب لرغبته في تشويه صورة القذافي وعائلته مع العلم بأنه (محمد العلاقي) من بطانة نجل القذافي (سيف الإسلام) وسبق أن ترأس جمعية حقوق الإنسان التابعة لمؤسسة القذافي !. فسبحان الله مغير الأحوال! ترى أهي صحوة ضمير أتت بعد غياب!. ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تجدون من شرار الناس ذا الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ".
ما هو أطم وأشد في هذه الحلقة هو الاتصال الهاتفي المباشر على الهواء (مرتّب) بين هذا المديع ( المفتن ) ورئيس محكمة استناف طرابلس المستشارعمران قبرون ، وإن عجبت فأعجب : فقاضي القضاة هذا بدلا من أن يأخذ على المديع اسلوبه الرخيص في سب وشتم فئة عريضة من الليبيين " المؤيدين للنظام السابق" ، ويستنكر دعوته الصريحة للاحتراب الأهلي بين الليبيين ، فقد رمى عباءة القضاء خلف ظهره ، وراح هو الأخر يرغى ويزبد سبا وشتما في الأموات والأحياء من الليبيين "المؤيدين للنظام السابق". بل وفي سابقة خطيرة على مستوى القضاء أخد يسوق الحجج والأعذار الواهية لتبرير جرائم انتهاك حقوق الآف السجناء " الليبيين المؤيدين " بحجة أنهم أسرى حرب ! على حد قوله!! مع أ ن بينهم الكثير من المدنيين الذين اختطفوا من بيوتهم او في الطرقات والأماكن العامة بعد انتهاء المعارك !. ولأسباب قبلية. متجاهلا حقيقة أساسية مفادها أن قيم مثل العدالة والحرية والمساواة والكرامة ، هي قيم انسانية من حق كل انسان ، ايا كان، ان يتمتع بها في ظل نظام سياسي صالح وسليم لا يميز بين المواطنين.
والسؤال المطروح هنا هو من سيوفر الأمن والأمان لليبيين ؟ وكيف سيطمئن المواطن لمؤسسات الدولة ..إذا كان هذا منطق رئيس محكمة استئناف العاصمة طرابلس؟!. في ظل دولة ليبيا الجديدة التي يسوسها رجل الدين و القانون المستشار مصطفى عبدالجليل!.
هؤلاء الذين .. يتباهون وهم يكذبون ، و يطعـنون في الآخرين ظلما وعدوانا ، و يتلذذون بعذاب الآخرين ، انعدمت فيهم أبسط معانـــي الإنسانية والخُلُق والحياء . فهل يشرف الليبيين كانوا من كانوا أن ينزلوا إلى هذا المستوى ؟!. لكن بكل أسف ، يبدو إننا نعيش في زمن الانحطاط الأخلاقي و القيمي و نحتاج إلى ثورة أخلاقية حقيقية تعيد لنفوسنا روح القيم الإنسانية النبيلة التي ضاعت مع لعبة التموقعات و المصالح الآنية و الذاتية.
وهناك لاريب العديد من الشواهد الأخرى بيد أن أفظعها مشهد فقهاء الفضائيات القرضاويين وعلى رأسهم مفتى الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني و الدكتور غيث الفاخري رئيس قسم الشريعة بجامعة بنغازي ، ويعاضدهم دعاة مزيّفون منهم ( عبدالباسط غويلة ، طارق درمان ) حيث تراهم يلوون عنق الحقيقة ويرددون كالببغاوات افتراءات امراء الحرب وأكاذيبهم عن "المندسّين والأزلام والطحالب والمتأمرين والطابور الخامس و..." وغير ذلك من التوصيفات والنعوث التي يسوقونها لتبرير عمليات السطو المسلح والأنتقام التــــــي يرتكبها عناصر كتائب " ثوار 17 فبراير" المسلحة ضد فئات أخرى من الشعب الليبي على أساس مناطقى وقبلي.
مع العلم بأن مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني نفسه قد اعترف - بعد خراب البصرة كما يقال – على شاشة فضائية ليبيا في برنامج الإسلام والحياة يوم الاربعاء الموافق 7/3/ 2011 ، بأنه يوميا يستقبل مواطنون ليبيون يبكون على شرف بناتهم اللاتي اختطفن من بيوتهم بالقوة وانتهكت أعراضهن على أيدي عناصر كتائب " ثوار 17 فبراير" المسلحة ، ولم يجدوا من ينصفهم ولازال هؤلاء الأشرار طلقاء يصولون ويجولون هم ومن على شاكلتهم بشوارع المدن الليبية ينتهكون حرمة بيوت الليبيين يسفحون اعراضهم ويسفكون دمائهم ويسطون على ممتلكاتهم بقوة السلاح وتحت راية 17 فبراير!.
غير أنه والحق يقال فقد ظهر الشيخ الغرياني هذه المرة على غير عادته حيث بانت على ملامح وجهه مشاعرالندم والخوف من عاقبة الأمور في ماجرى ويجري في ليبيا اليوم. وحذر بشكل صريح من انزلاق البلاد نحو الفوضى في حال استمرار الوضع على ما هو عليه من عدم التزام " ثوار 17 فبراير" بتسليم اسلحتهم والانضمام لسلك الشرطة والجيش.
والجدير بالذكرهنا هو أن الشيخ الغرياني نسى أو تناسى بأن هذه العصابات المسلحة - حسب تعبيره - التي يستنكر اليوم افعالها المشينة كان له يدا في صنعها . فقبل عام من الآن ، عندما عاتث أيادي الفتنة والحرابة بأمن ليبيا وشعبها ، وعلى خلاف القاعدة الفقهية التـــي تقول " إن درء المفاسد أولى من جلب المصالح " خرج علينا الشيخ الغرياني ، يسوق الحجج والاعذار الواهية لتبرير تمرد من يزعمون بأنهم " ثوار 17 فبراير" على سلطة النظام الحاكم ضاربا عرض الحائط بكل الفتاوى الشرعية التي لا تجيز الخروج على ولي الأمر. ليس هذا فحسب بل دهب بعيدا هو ومن معه من القرضاويين إلى حد الأفتاء بجواز ( مظاهرة المشركين على المسلمين) الاستعانة بالصليبيين لقتل المسلمين الليبيين ، في مخالفة صريحة لما جاء في القرآن الكريم لقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ممهدا الطريق لتدخل قوات حلف الناتو الصليبي في الشأن الليبي.
والمفارقة هنا هي أن الشيخ القرضاوي الذي استدعى الصليبيون لتقتيل المسلمين في ليبيا هو ذاته سبق وأن أفتى بعدم جواز الإستعانة بالكافرعلى المسلم وننقلها عنه كما وردت بكتابه فقه الجهاد في خلاصة الفصل الرابع في الاستعانة بغير المسلم في الجهاد:
("الحق أن الفقهاء قد اختلفوا كثيرا في هذا الموضوع: ذهب جماعة من الفقهاء إلى أنه لا يجوز الاستعانة بكافر في القتال، لأن الكافر لا يؤمن أن يخون المسلمين أو يغدر بهم، ويطلع عدوهم على عوراتهم والقتال في الإسلام ديني الهدف والصبغة، وهو من أرقى ما يتعبد به المسلم لربه، بل هو أفضل ما يتطوع به، فلا يخلص فيه إلا أهل الدين أنفسهم، والكفر كله ملة واحدة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [الأنفال: 73].
أما استعانة المسلم بغير المسلم على أخيه فهذه استعانة لا يتوافر فيها اي شروط مما اشترطه الفقهاء لجواز الاستعانة بغير المسلمين.
أولا: لأنها استعانة بالكافر على المسلم.
وثانيا: أن هذا الكافر غير مأمون على المسلمين، فله مصالحه وأهدافه الاستراتيجية الخاصة في ديار المسلمين.
وثالثا: أنه ليس تحت سلطان المسلمين، ولا خادما لهم، بل الواقع أن المسلمين هم الذين كانوا تحت إمرته وسلطانه.")
وهنا رب سائل يسأل : لماذا ناقض الشيخ القرضاوي نفسه في موقفه من الحالـــــــــة الليبية؟!. هل ياترى جيوش حلف الناتو الصليبي ليست من الكفار؟! أم أن ليبيا ليست من بلاد المسلمين؟!!.
الجواب : لا هذا ولا ذاك .. والتفسير الوحيد لهذا التناقض هو أن الشيخ القرضاوي لم يعد هو نفسه إذ تحوّل إلى فقيه البلاط الأميري بقطر ‘ وصار لزاما عليه أن يفتى بما يرضى ولي نعمته وليس بما يرضى الله !. أو بعبارة أخرى صار شعاره : الذي يتزوج امي اقول له يا عمي...(المعذرة).
ونكتفى هنا بشهادة فضيلة الشيخ عبد الرحمان السديس إمام و خطيب المسجد الحرام :(" في تحليله للأحداث التي يعيشها العالم الإسلامي قال السديسي أن دماء عشرات الألاف من الشهداء في ليبيا هي دين في رقبة القرضاوي سيحاسب عليه يوم القيامة و طالب السديسي من القرضاوي الإبتعاد عن السياسة و الإكتفاء بالفقه الإسلامي لأن الفتاوي الدينية من أجل توظيفها لأهداف سياسية هي تشويه للإسلام ...").
وبالعودة لحديث فضيلة المفتي الشيخ الصادق الغرياني لبرنامج الإسلام والحياة : ثمة ملاحظة جوهرية فقد حذر من التشدد في معارضة سياسة المجلس الانتقالي وحكومته معتبرا ذلك بمثابة خروج على ولي الأمر ، قائلا بالعامية حرفيا (" ... الآن فيه نظام قائم ، فيه حكومة قائمة ، فيه بيعة فيه اجماع ، علاقات دولية ، اعتراف بالمجلس الانتقالي باجماع الليبيين ، اللي يخرج الآن ويطالب ببيعة ويطالب بكذا هذاي يسبب في خروج ، احنا عبّرنا عن الكلام هذا وقلنا إذا كان مجرد ناس يعني عبروا عن رايهم وأنتهت المسألة ، ربما لهم ان يعبروا ولكن إذا كانه يريد منه أن يستمر في هذا الأمر ويطالب به او يطالب بتنصيب حاكم اخر هذا يبدأ خروج شق لعصا الطاعة شق للجماعة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " من خرج عن الطاعة وشق الجماعة فمات ، مات ميتة جاهلية" كما أتى عن ابوهريرة في البخاري وغيره ‘.....).
هنا وبغض النظر عن اتفاقنا معه من عدمه فقد اضفى فضيلة المفتي الشيخ الغرياني على المجلس الانتقالي وحكومته صفة "ولي أمرالليبيين " وحذّر من الخروج عليه ، مع أنه مجلس ليس منتخب من عموم الشعب الليبي ولم يطلب رئيسه وأعضائه مبايعة الشعب لهم ، بل أن نسبة كبيرة من الليبيين خرجت عديد المرات في مظاهرات واعتصامات مطالبة بحل المجلس واعادة تشكيله بمعرفة الشعب دونما جدوى. فضلا عن أن خلفية تأسيس هذا المجلس هي محل شك وريبة لدى معظم الليبيين ، حيث يعتقد بأنه جاء استجابة لوصفة أجنبية ولغرض استخذامه كأداة لشرعنة التدخل الأجنبي في ليبيا . تبناها الرئيس الفرنسي ساركوزي وأوكل أمره لصديقه اليهودي الفرنسي هنري برنارد ليفي – عرّاب ثورات الربيع العربي – واُعلن عن تأسيسه فــي 5 مارس 2011 برئاسة المستشار مصطفى عبدالجليل – وزير عدل النظام السابق الذي أنشق عنه في 21 فبراير 2011 وأنضم للمتمردين بمدينته البيضاء. ومنذ ذلك الحين وإلى أن تمكنت قوات حلف الناتو الصليبي من اسقاط النظام السياسي القائم والقضاء على زعيمه معمر القذافي في 20 اكتوبر2011 ، لم يكن للمجلس الانتقالي ورئيسه سلطة فعلية على كامل التراب والشعب الليبي ، فمن أين جاءت وكيف تمت له هذه البيعة؟!.
فهل يعقل هذا أيها الشيخ المفتي، ومن يصدق هذا الكلام؟! بالأمس القريب كنت تدعو للتمرد على سلطة النظام السابق وتجيز الخروج على ولي الأمر معمر القذافي - الذي مافتئ الليبيون يبايعونه ويجددون مبايعتهم له فرادى وجماعات على الملا لأكثر من أربعة عقود - ، وتدفع بالبلاد والعباد في أتون فتنة راح ضحيتها الكثير والكثير من الأبرياء ، وتشرّع أبواب ليبيا لجيوش العدو الصليبي واليهودي ليقتّل أهلها ويدمر بنيانها ويهدر ثرواتها وتخاطر باستقلالها لقمة سائغة للهيمنة والنفوذ الأجنبي !. ليس سوى استنادا ً على أكذوبة وخدعة إعلامية كبرى مارسها الغرب، وأذياله من العملاء العرب والليبيين . واليوم تلبس مصطفى عبدالجليل لبوس الدين وتخلع عليه ولاية أمر الليبيين دون شورتهم وتحذرهم من الخروج عليه. فلماذا هذه المغالطة !.ترى أهي من الشريعة أم من السياسة؟!.إن هذه الأطروحة المجافية للحقيقة لا تليق برجل دين واسمه الصادق!. فإذا لم تكن لحاجة في نفس يعقوب .. فكف عن هذا التلفيق ، واربأ بنفسك عن ممارسة السياسة ومجالسة الساسة.(المعذرة).
خلاصة القول : المعطيات الحالية تقول أن المشهد السياسي والعسكري الليبي أضحى مفتوحا على العديد من السيناريوهات والاحتمالات ، حيث عمليات الإنتقام وتصفية الحسابات هما الهدف الأول عند كثير من كتائب " ثوار 17 فبراير" المناطقية المسلحة ، واقصاء وتهميش و استفزاز قبائل ومناطق بعينها ، والعزف على اوتار الفيدرالية ، كل ذلك إنما ينذر بفتح الباب على مصراعيه أمام الصراعات الداخلية في ليبيا ويؤشر إلى وضع خطير، ينبغي أن يتوقف عنده كل الليبيين بوعي شديد بالمصالح الوطنية ود رء الأخطار المحدقة بوطنهم .
في النهاية، أدرك بأن هذا الكلام لن يعجب البعض ، او بالاحرى سيغضبهم في زمن التضليل والتعمية على الحقائق ، ولكن لا بد من وضع النقاط على الحروف ولا بد من تسمية الأشياء بمسمياتها. ولايسعني إلاَ أن اعتذر لكل من ذكرتهم ، والله والوطن من وراء القصد.
قال الله سبحانه وتعالى : { يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }- سورة الحجرات الآية 6-
رغم أن الظروف الأمنية والسياسية التي تمر بها ليبيا الأن لا تسمح باطلاق الأحكام الموضوعية على ما جرى ويجري من أحداث ، إلاّ أن بعض الأحداث وخاصة ما يخشى من تبعاتها على الكيان المجتمعي الليبي ، لا يمكن تركها تمر علينا مرور الكرام ولا بد للمهتمين بشؤون السياسة والفكر والثقافة والإعلام والصحافة من تناولها بما يكفل معرفة حقيقة دوافعها واهدفها وكشف اثارها على مستقبل الوطن والمجتمع .
لذا، ورغم ادراكي لحجم المخاطر التي قد تنجم عن المجاهرة بالحقيقة في ظل هذه الظروف ، سأعرج في عجالة على بعض المواقف السياسية والإعلامية التي ربما تؤشر إلى انحراف البعض عن سلوكات الأخلاقيات المهنية.
الحياد والموضوعية واحترام عقلية المتلقي هي من أهم عوامل مقومات العمل الإعلامي المسؤول ، فالإعلام كمهنة يقوم على أسس من الأخلاق، وجب التحلي بها لكل فرد يمتهنها، فعلى الإعلامي الالتزام بالصدق، والنقل بأمانة من مصادر الخبر الصحيحة ، وعليه أن يتثبت ويتبين من كل أمر يقوم ببثه ونشره، لتجنب التعدي على الآخرين بجهالة.
لكننا للأسف نجد وسائل اعلامنا في ليبيا تحب هذا وتكره ذاك ، تنقلب على البعض ، وتــدافع عن البقية ، فهو إعلام مسيّس يعمل لأجل فئات وتيارات سياسية معينة ، تسيره نحو اتجاهات مخطط لها مسبقاً.
ولا أدل على ذلك من ما تمارسه فضائيات خفافيش الظلام الليبية التي تأبى أن ترى نور الحقيقة بعد أن عميت بصائرها و بصيرتها ، وهي تقتات على تشويه النظام السابق ، من أجل تسويق نفسها أمام المتحكمين في ليبيا الآن ، عبر شن حملة اعلامية مضللة تطعن في النظام السابق و لاتعترف له بأي انجاز!. حملة افتراءات تثير الكراهية بين الليبيين . واقل ما يقال عن القائمين على أمرها أنهم يعتقدون ان المتلقي الليبي ساذج ولا يفهم . فضلا عن أن خطاب معظم مديعي هذه الفضائيات في كثير من الأحيان بدا، مُعبّرا عن ردود أفعال وانفعالات عاطفية أكبر من كونه معبّرا عن "وعي" بأزمة الواقع الليبي.
وهنا يأتي السؤال الذي لا بد من طرحه وهو كيف لنا أن نؤمن بالمستقبل الوردي الذي يحدثوننا عنه، وهم لا يتقبلون رأيا لا يصب في إنائهم..؟ وفي هذا ما يكشف عن غياب البعد الأخلاقي والمنطق العقلي لديهم في قراءة الواقع الليبي.
فمن يتابع على سبيل المثال برنامج فضائية ليبيا الرسمية الذي يقدمه المديع محمد محيسن يجد أنه أقرب إلى الهذيان والتحريض الإعلامي منه إلى ممارسة العمل الإعلامي المهني . فهو لا يفتح بابا إلا لمن يحترف الصراخ والسب والشتم ويهاجم الليبيين المؤيدين للنظام السابق ، و وسيلة حواره وأقناعه الوحيدة هي السباب والشتيمة ، ونبش الماضي السحيق وتزوير حقائقه وبعث الروح فيه من جديد ، ورسالته هي اثارة الحقد و نشر الكراهية بين الليبيين ودفعهم نحو الاحتراب الأهلي !. فهل حرية الاعلام والصحافة هي أن تقوم بالتحريض والتضليل..و تشعل حرائق الفتنة وتبث الرعب بين الليبيين ؟.
ففي يوم 22/2/2012 استضاف المديع محمد محيسن ، السيد رئيس المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان التابع للمجلس الوطني الانتقالي - المحامي محمد العلاقي ، الذي رغم تحفظه الخجول على ما يرتكبه عناصر كتائب " ثوار17فبراير" المسلحة من اعتقال وتعديب وقتل خارج اطار القانون . غيرأنه من ناحية اخرى ، انساق وراء هذا المديع في تضليل الشعب واستجاب لرغبته في تشويه صورة القذافي وعائلته مع العلم بأنه (محمد العلاقي) من بطانة نجل القذافي (سيف الإسلام) وسبق أن ترأس جمعية حقوق الإنسان التابعة لمؤسسة القذافي !. فسبحان الله مغير الأحوال! ترى أهي صحوة ضمير أتت بعد غياب!. ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تجدون من شرار الناس ذا الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ".
ما هو أطم وأشد في هذه الحلقة هو الاتصال الهاتفي المباشر على الهواء (مرتّب) بين هذا المديع ( المفتن ) ورئيس محكمة استناف طرابلس المستشارعمران قبرون ، وإن عجبت فأعجب : فقاضي القضاة هذا بدلا من أن يأخذ على المديع اسلوبه الرخيص في سب وشتم فئة عريضة من الليبيين " المؤيدين للنظام السابق" ، ويستنكر دعوته الصريحة للاحتراب الأهلي بين الليبيين ، فقد رمى عباءة القضاء خلف ظهره ، وراح هو الأخر يرغى ويزبد سبا وشتما في الأموات والأحياء من الليبيين "المؤيدين للنظام السابق". بل وفي سابقة خطيرة على مستوى القضاء أخد يسوق الحجج والأعذار الواهية لتبرير جرائم انتهاك حقوق الآف السجناء " الليبيين المؤيدين " بحجة أنهم أسرى حرب ! على حد قوله!! مع أ ن بينهم الكثير من المدنيين الذين اختطفوا من بيوتهم او في الطرقات والأماكن العامة بعد انتهاء المعارك !. ولأسباب قبلية. متجاهلا حقيقة أساسية مفادها أن قيم مثل العدالة والحرية والمساواة والكرامة ، هي قيم انسانية من حق كل انسان ، ايا كان، ان يتمتع بها في ظل نظام سياسي صالح وسليم لا يميز بين المواطنين.
والسؤال المطروح هنا هو من سيوفر الأمن والأمان لليبيين ؟ وكيف سيطمئن المواطن لمؤسسات الدولة ..إذا كان هذا منطق رئيس محكمة استئناف العاصمة طرابلس؟!. في ظل دولة ليبيا الجديدة التي يسوسها رجل الدين و القانون المستشار مصطفى عبدالجليل!.
هؤلاء الذين .. يتباهون وهم يكذبون ، و يطعـنون في الآخرين ظلما وعدوانا ، و يتلذذون بعذاب الآخرين ، انعدمت فيهم أبسط معانـــي الإنسانية والخُلُق والحياء . فهل يشرف الليبيين كانوا من كانوا أن ينزلوا إلى هذا المستوى ؟!. لكن بكل أسف ، يبدو إننا نعيش في زمن الانحطاط الأخلاقي و القيمي و نحتاج إلى ثورة أخلاقية حقيقية تعيد لنفوسنا روح القيم الإنسانية النبيلة التي ضاعت مع لعبة التموقعات و المصالح الآنية و الذاتية.
وهناك لاريب العديد من الشواهد الأخرى بيد أن أفظعها مشهد فقهاء الفضائيات القرضاويين وعلى رأسهم مفتى الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني و الدكتور غيث الفاخري رئيس قسم الشريعة بجامعة بنغازي ، ويعاضدهم دعاة مزيّفون منهم ( عبدالباسط غويلة ، طارق درمان ) حيث تراهم يلوون عنق الحقيقة ويرددون كالببغاوات افتراءات امراء الحرب وأكاذيبهم عن "المندسّين والأزلام والطحالب والمتأمرين والطابور الخامس و..." وغير ذلك من التوصيفات والنعوث التي يسوقونها لتبرير عمليات السطو المسلح والأنتقام التــــــي يرتكبها عناصر كتائب " ثوار 17 فبراير" المسلحة ضد فئات أخرى من الشعب الليبي على أساس مناطقى وقبلي.
مع العلم بأن مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني نفسه قد اعترف - بعد خراب البصرة كما يقال – على شاشة فضائية ليبيا في برنامج الإسلام والحياة يوم الاربعاء الموافق 7/3/ 2011 ، بأنه يوميا يستقبل مواطنون ليبيون يبكون على شرف بناتهم اللاتي اختطفن من بيوتهم بالقوة وانتهكت أعراضهن على أيدي عناصر كتائب " ثوار 17 فبراير" المسلحة ، ولم يجدوا من ينصفهم ولازال هؤلاء الأشرار طلقاء يصولون ويجولون هم ومن على شاكلتهم بشوارع المدن الليبية ينتهكون حرمة بيوت الليبيين يسفحون اعراضهم ويسفكون دمائهم ويسطون على ممتلكاتهم بقوة السلاح وتحت راية 17 فبراير!.
غير أنه والحق يقال فقد ظهر الشيخ الغرياني هذه المرة على غير عادته حيث بانت على ملامح وجهه مشاعرالندم والخوف من عاقبة الأمور في ماجرى ويجري في ليبيا اليوم. وحذر بشكل صريح من انزلاق البلاد نحو الفوضى في حال استمرار الوضع على ما هو عليه من عدم التزام " ثوار 17 فبراير" بتسليم اسلحتهم والانضمام لسلك الشرطة والجيش.
والجدير بالذكرهنا هو أن الشيخ الغرياني نسى أو تناسى بأن هذه العصابات المسلحة - حسب تعبيره - التي يستنكر اليوم افعالها المشينة كان له يدا في صنعها . فقبل عام من الآن ، عندما عاتث أيادي الفتنة والحرابة بأمن ليبيا وشعبها ، وعلى خلاف القاعدة الفقهية التـــي تقول " إن درء المفاسد أولى من جلب المصالح " خرج علينا الشيخ الغرياني ، يسوق الحجج والاعذار الواهية لتبرير تمرد من يزعمون بأنهم " ثوار 17 فبراير" على سلطة النظام الحاكم ضاربا عرض الحائط بكل الفتاوى الشرعية التي لا تجيز الخروج على ولي الأمر. ليس هذا فحسب بل دهب بعيدا هو ومن معه من القرضاويين إلى حد الأفتاء بجواز ( مظاهرة المشركين على المسلمين) الاستعانة بالصليبيين لقتل المسلمين الليبيين ، في مخالفة صريحة لما جاء في القرآن الكريم لقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ممهدا الطريق لتدخل قوات حلف الناتو الصليبي في الشأن الليبي.
والمفارقة هنا هي أن الشيخ القرضاوي الذي استدعى الصليبيون لتقتيل المسلمين في ليبيا هو ذاته سبق وأن أفتى بعدم جواز الإستعانة بالكافرعلى المسلم وننقلها عنه كما وردت بكتابه فقه الجهاد في خلاصة الفصل الرابع في الاستعانة بغير المسلم في الجهاد:
("الحق أن الفقهاء قد اختلفوا كثيرا في هذا الموضوع: ذهب جماعة من الفقهاء إلى أنه لا يجوز الاستعانة بكافر في القتال، لأن الكافر لا يؤمن أن يخون المسلمين أو يغدر بهم، ويطلع عدوهم على عوراتهم والقتال في الإسلام ديني الهدف والصبغة، وهو من أرقى ما يتعبد به المسلم لربه، بل هو أفضل ما يتطوع به، فلا يخلص فيه إلا أهل الدين أنفسهم، والكفر كله ملة واحدة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [الأنفال: 73].
أما استعانة المسلم بغير المسلم على أخيه فهذه استعانة لا يتوافر فيها اي شروط مما اشترطه الفقهاء لجواز الاستعانة بغير المسلمين.
أولا: لأنها استعانة بالكافر على المسلم.
وثانيا: أن هذا الكافر غير مأمون على المسلمين، فله مصالحه وأهدافه الاستراتيجية الخاصة في ديار المسلمين.
وثالثا: أنه ليس تحت سلطان المسلمين، ولا خادما لهم، بل الواقع أن المسلمين هم الذين كانوا تحت إمرته وسلطانه.")
وهنا رب سائل يسأل : لماذا ناقض الشيخ القرضاوي نفسه في موقفه من الحالـــــــــة الليبية؟!. هل ياترى جيوش حلف الناتو الصليبي ليست من الكفار؟! أم أن ليبيا ليست من بلاد المسلمين؟!!.
الجواب : لا هذا ولا ذاك .. والتفسير الوحيد لهذا التناقض هو أن الشيخ القرضاوي لم يعد هو نفسه إذ تحوّل إلى فقيه البلاط الأميري بقطر ‘ وصار لزاما عليه أن يفتى بما يرضى ولي نعمته وليس بما يرضى الله !. أو بعبارة أخرى صار شعاره : الذي يتزوج امي اقول له يا عمي...(المعذرة).
ونكتفى هنا بشهادة فضيلة الشيخ عبد الرحمان السديس إمام و خطيب المسجد الحرام :(" في تحليله للأحداث التي يعيشها العالم الإسلامي قال السديسي أن دماء عشرات الألاف من الشهداء في ليبيا هي دين في رقبة القرضاوي سيحاسب عليه يوم القيامة و طالب السديسي من القرضاوي الإبتعاد عن السياسة و الإكتفاء بالفقه الإسلامي لأن الفتاوي الدينية من أجل توظيفها لأهداف سياسية هي تشويه للإسلام ...").
وبالعودة لحديث فضيلة المفتي الشيخ الصادق الغرياني لبرنامج الإسلام والحياة : ثمة ملاحظة جوهرية فقد حذر من التشدد في معارضة سياسة المجلس الانتقالي وحكومته معتبرا ذلك بمثابة خروج على ولي الأمر ، قائلا بالعامية حرفيا (" ... الآن فيه نظام قائم ، فيه حكومة قائمة ، فيه بيعة فيه اجماع ، علاقات دولية ، اعتراف بالمجلس الانتقالي باجماع الليبيين ، اللي يخرج الآن ويطالب ببيعة ويطالب بكذا هذاي يسبب في خروج ، احنا عبّرنا عن الكلام هذا وقلنا إذا كان مجرد ناس يعني عبروا عن رايهم وأنتهت المسألة ، ربما لهم ان يعبروا ولكن إذا كانه يريد منه أن يستمر في هذا الأمر ويطالب به او يطالب بتنصيب حاكم اخر هذا يبدأ خروج شق لعصا الطاعة شق للجماعة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " من خرج عن الطاعة وشق الجماعة فمات ، مات ميتة جاهلية" كما أتى عن ابوهريرة في البخاري وغيره ‘.....).
هنا وبغض النظر عن اتفاقنا معه من عدمه فقد اضفى فضيلة المفتي الشيخ الغرياني على المجلس الانتقالي وحكومته صفة "ولي أمرالليبيين " وحذّر من الخروج عليه ، مع أنه مجلس ليس منتخب من عموم الشعب الليبي ولم يطلب رئيسه وأعضائه مبايعة الشعب لهم ، بل أن نسبة كبيرة من الليبيين خرجت عديد المرات في مظاهرات واعتصامات مطالبة بحل المجلس واعادة تشكيله بمعرفة الشعب دونما جدوى. فضلا عن أن خلفية تأسيس هذا المجلس هي محل شك وريبة لدى معظم الليبيين ، حيث يعتقد بأنه جاء استجابة لوصفة أجنبية ولغرض استخذامه كأداة لشرعنة التدخل الأجنبي في ليبيا . تبناها الرئيس الفرنسي ساركوزي وأوكل أمره لصديقه اليهودي الفرنسي هنري برنارد ليفي – عرّاب ثورات الربيع العربي – واُعلن عن تأسيسه فــي 5 مارس 2011 برئاسة المستشار مصطفى عبدالجليل – وزير عدل النظام السابق الذي أنشق عنه في 21 فبراير 2011 وأنضم للمتمردين بمدينته البيضاء. ومنذ ذلك الحين وإلى أن تمكنت قوات حلف الناتو الصليبي من اسقاط النظام السياسي القائم والقضاء على زعيمه معمر القذافي في 20 اكتوبر2011 ، لم يكن للمجلس الانتقالي ورئيسه سلطة فعلية على كامل التراب والشعب الليبي ، فمن أين جاءت وكيف تمت له هذه البيعة؟!.
فهل يعقل هذا أيها الشيخ المفتي، ومن يصدق هذا الكلام؟! بالأمس القريب كنت تدعو للتمرد على سلطة النظام السابق وتجيز الخروج على ولي الأمر معمر القذافي - الذي مافتئ الليبيون يبايعونه ويجددون مبايعتهم له فرادى وجماعات على الملا لأكثر من أربعة عقود - ، وتدفع بالبلاد والعباد في أتون فتنة راح ضحيتها الكثير والكثير من الأبرياء ، وتشرّع أبواب ليبيا لجيوش العدو الصليبي واليهودي ليقتّل أهلها ويدمر بنيانها ويهدر ثرواتها وتخاطر باستقلالها لقمة سائغة للهيمنة والنفوذ الأجنبي !. ليس سوى استنادا ً على أكذوبة وخدعة إعلامية كبرى مارسها الغرب، وأذياله من العملاء العرب والليبيين . واليوم تلبس مصطفى عبدالجليل لبوس الدين وتخلع عليه ولاية أمر الليبيين دون شورتهم وتحذرهم من الخروج عليه. فلماذا هذه المغالطة !.ترى أهي من الشريعة أم من السياسة؟!.إن هذه الأطروحة المجافية للحقيقة لا تليق برجل دين واسمه الصادق!. فإذا لم تكن لحاجة في نفس يعقوب .. فكف عن هذا التلفيق ، واربأ بنفسك عن ممارسة السياسة ومجالسة الساسة.(المعذرة).
خلاصة القول : المعطيات الحالية تقول أن المشهد السياسي والعسكري الليبي أضحى مفتوحا على العديد من السيناريوهات والاحتمالات ، حيث عمليات الإنتقام وتصفية الحسابات هما الهدف الأول عند كثير من كتائب " ثوار 17 فبراير" المناطقية المسلحة ، واقصاء وتهميش و استفزاز قبائل ومناطق بعينها ، والعزف على اوتار الفيدرالية ، كل ذلك إنما ينذر بفتح الباب على مصراعيه أمام الصراعات الداخلية في ليبيا ويؤشر إلى وضع خطير، ينبغي أن يتوقف عنده كل الليبيين بوعي شديد بالمصالح الوطنية ود رء الأخطار المحدقة بوطنهم .
في النهاية، أدرك بأن هذا الكلام لن يعجب البعض ، او بالاحرى سيغضبهم في زمن التضليل والتعمية على الحقائق ، ولكن لا بد من وضع النقاط على الحروف ولا بد من تسمية الأشياء بمسمياتها. ولايسعني إلاَ أن اعتذر لكل من ذكرتهم ، والله والوطن من وراء القصد.