كشفت وسائل اعلام اسرائيلية وعربية ودولية مشاهد لاعتقال عشرات الشبان الفلسطينيين، من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي، في شمال قطاع غزة. واحتجازهم في ظروف غير انسانية، وبما يخالف القانون الدولي الانساني، وقانون حقوق الانسان.
ونشرت هيئة البث العبرية يوم الخميس الماضي السابع من شهر كانون الأول/ ديسمبر ، صورا ومقطعا مصورا لعشرات الفلسطينيين من قطاع غزة، يتم اقتيادهم عراة في ظل أجواء باردة إلى مراكز اعتقال إسرائيلية. ويظهر الفلسطينيون في الصور والمقطع المصور محتجزون وهم يجلسون في شارع بملابسهم الداخلية السفلية في مشهد صادم، وحولهم عدد من الجنود الإسرائيليين. وظهر المعتقلون وهم يحاولون تغطية صدورهم بأيديهم، فيما يبدو أنهم يحاولون تفادي برودة الطقس. بينما تعمّد عدد منهم تغطية وجوههم بأيديهم، أو باستخدام أيديهم وأرجلهم. وتظهر صورة عددا آخر من المعتقلين مكبلي الأيدي وهم بملابسهم الداخلية السفلية في أحد شوارع مدينة غزة.
وفي صورة أخرى يظهر المعتقلون العراة إلا من ملابسهم الداخلية، مكدسين في مؤخرة شاحنة عسكرية إسرائيلية. وقالت هيئة البث الرسمية: "اعتقلت قوات الجيش الإسرائيلي عشرات الرجال خلال عملية في شمال قطاع غزة". وأضافت: "الهدف هو التحقق مما إذا كان بعضهم من مسلحي حماس أو نشطاء فيها". وكانت هيئة البث قالت في وقت سابق، إن إسرائيل "اعتقلت 700 فلسطيني من داخل قطاع غزة منذ بداية الحرب". وتم إعلان هذا الرقم قبل الكشف عن اعتقال هؤلاء الفلسطينيين، بحسب ما أوردت هيئة البث الإسرائيلية، دون تحديد العدد.
وقال موقع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان معلقا على نفس هذه المشاهد و اللقطات، إن إسرائيل اعتقلت "عشرات المدنيين الفلسطينيين بعد التنكيل الشديد بهم وتعريتهم كليا من ملابسهم، على إثر حصارهم داخل مركزين للإيواء في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة. وقال المرصد أنه تلقى "إفادات بشن القوات الإسرائيلية حملات اعتقال عشوائية وتعسفية بحق النازحين وبينهم أطباء وأكاديميون وصحفيون ومسنون، من داخل مدرستي (خليفة بن زايد) و (حلب الجديدة) وكلاهما تابعتان لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
ونقل المرصد عن شقيقة الصحفي، ضياء الكحلوت، قولها، إن "القوات الإسرائيلية أجبرته على ترك طفلته المعاقة البالغة سبعة أعوام، واعتقلته تحت تهديد السلاح، وجردته كحال جميع المعتقلين من الملابس." وقال أحد سكان بيت لاهيا، للصحيفة، إن الجيش اعتقل جميع الشباب في المنطقة، بمن فيهم المدنيون العزل. وقد جرت عمليات الاعتقال حسب المرصد، بعد اقتحام وحشي للمنازل السكنية وإخراج كل من فيها تحت السلاح بما في ذلك كبار السن، إذ وثق الأورومتوسطي اعتقال كل من خليل هاشم الكحلوت (65 عاماً)، ورفيق أحمد الكحلوت (60 عاما)، ومحمد إسماعيل الكحلوت (57 عاما).
وأبدت المؤسسات الفلسطينية الفلسطينية المعنية بالدفاع عن الأسرى والمعتقلين، قلقها الشديد على مصير المعتقلين الفلسطينيين الذين جرى اعتقالهم من قطاع غزة، منذ السابع من شهر تشرين الأول/ اكتوبر الماضي. وأكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس تعليقا على مشاهد اعتقال الفلسطينيين وهم عراة، أنه لا توجد معلومات رسمية عن أعداد أو أسماء أسرى قطاع غزة في السجون الإسرائيلية. وأضاف أن "هذا التعتيم من قبل إسرائيل مريب وحذرنا سابقا، من خطورة ذلك وطالبنا بالضغط على إسرائيل، لتفصح عن المعلومات حول أسرى قطاع غزة الذين اعتقلوا منذ السابع من أكتوبر".وأضاف "إسرائيل لا تسمح لمحامي الهيئة أو الصليب الأحمر بزيارتهم أو استلام أسمائهم".
وتابع فارس "حاولنا منذ اليوم الأول ومن خلال المؤسسات الدولية أن نحصل على معلومات عن الأسرى لكن إسرائيل ترفض دون أن توضح الأسباب". وحذر فارس من أن إخفاء هذا الأمر يترتب عليه مخاطر كبيرة وكارثية، أهمها أن إسرائيل بإخفاء هذه المعلومات تتمكن من التعامل مع الأسرى بحرية كاملة، من ناحية التحقيق معهم وحتى لو قتلتهم لن يعلم أحد بذلك، وبذلك ستتمكن لاحقًا بالإعلان عن معلومات من تبقوا على قيد الحياة دون حساب لما ترتكبه من مجازر". وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين "منذ 7 أكتوبر وحتى الآن لدينا 6 شهداء في السجون الإسرائيلية نتيجة الاعتداءات والتعذيب والقتل العمد، 4 منهم من الضفة واثنان من قطاع غزة أحدهما لا يزال مجهول الهوية".
جاء ذلك، بعدما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لعشرات من المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة بملابسهم الداخلية فقط يجلسون على الأرض ويحيط بهم عدد من الجنود. وأظهرت صور نشرها الجيش الإسرائيلي عددا كبيرا من الفلسطينيين، وهم عراه يتكدسون في سيارة لنقلهم إلى جهة مجهولة. بدورها، قالت مؤسسات حقوقية فلسطينية أخرى إن هناك مخاوف حقيقية على مصير المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة منذ العدوان الاسرائيلي في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ان اعتقال قوات الاحتلال لهؤلاء المدنيين العزل، وتعريضهم للتعذيب، وتعريتهم بهذه الصورة في ظل الأجواء الباردة في شوارع مدينة غزة، وأثناء نقلهم في السيارات العسكرية، ونقلهم إلى مواقع غير معروفة، يعتبر امتهان لكرامتهم الانسانية، ويشكل مخالفة جسيمة لاتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949، والقانون الدولي الانساني، وللشرعة الدولية لحقوق الانسان. وهذا يقتضي من المنظمات الدولية الحقوقية التحرك الفورى للضغط على حكومة الاحتلال، للكشف عن مصير هؤلاء المعتقلين المدنيين العزل، والتحقيق في الانتهاكات غير الانسانية التي مورست بحقهم، وتحميل قوات وحكومة الاحتلال المسؤولية عن مصيرهم وحياتهم.* محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.