يبدو أن الحكومة، في غمرة انشغالها بما يجري من مسيرات وإضرابات واعتصامات، قد وضعت إعادة هيكلة رواتب المتقاعدين المدنيين على الرف ريثما تنتهي من ما يجري على الساحة الآن، ولا ندري لماذا؟ هل لأن المتقاعدين المدنيين يعيشون في بحبوحة، ولا ضرورة للاستعجال في تعديل أوضاعهم في الوقت الحاضر؟ أم لأنهم اعتادوا العيش على الكفاف، فلا مانع من أن يقضوا ما تبقى لهم من العمر على هذا النمط من الحياة؟ أم لأنهم "الحيط الواطي" كما يقول المثل الشعبي؟
كانت الحكومة قد وعدت بصرف الرواتب الجديدة للمتقاعدين المدنيين نهاية هذا الشهر وبأثر رجعي اعتبارا من بداية العام، لكننا لا ندري إن كانت الحكومة ستلتزم بوعدها أم لا، إذ لم يعد أحد يتحدث عن ذلك، كل الذي قيل هو أن الحكومة رفعت مشروع إعادة هيكلة رواتب المتقاعدين المدنيين إلى الجهات المعنية، وانقطعت الأخبار بعد ذلك، فلا حس ولا خبر.
الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام المختلفة هذه الأيام تدور حول إعادة هيكلة رواتب المتقاعدين العسكريين وأئمة المساجد وغيرهم، فماذا عن المتقاعدين المدنيين؟ سؤال يطرحه المتقاعدون المدنيون على الحكومة، ويريدون له جواباً.
المتقاعدون المدنيون ليسو الحيط الواطي، صحيح أن الغالبية العظمى من هؤلاء الغلابى قد بلغوا من الكبر عٍتيِّا، ويتناقص عددهم يوماً بعد يوم، بحكم العمر الافتراضي والاستهلاك، لكنهم في الوقت ذاته قادرون على أن يرفعوا الصوت عاليا للمطالبة بحقوقهم المشروعة أسوة بغيرهم من المتقاعدين وغير المتقاعدين.
العدالة تقتضي المساواة بين جميع الموظفين، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين أو موظفي المؤسسات الأخرى، في الرواتب والمكافآت والحوافز والرواتب التقاعدية والتأمين الصحي والتسهيلات وغيرها، وهذا ما أعلنته الحكومة مشكورة جهاراً نهارا، لكن المشكلة تكمن في التنفيذ، والفارق بين النظرية والتطبيق كبير جداً، فمتى يكون التطبيق؟