ماكرون نموذجاً لانهيار فلسفة الأنوار

ماكرون نموذجاً لانهيار فلسفة الأنوار
عبد الحميد اجماهيري
أخبار البلد -   أضاع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فرصته ليكون أحد رؤساء الجمهورية الخامسة، كما وضع ملامحها الجنرال ديغول، ثم فرانسوا ميتران ومن بينهما ومن بعدهما ( جاك شيراك وفاليري جيسكار - ديستان وفرانسوا هولاند )، والذين سيذكرهم التاريخ في منطقة المتوسط وفي العالمين العربي والاسلامي بغير قليل من الاحترام .

بدا ماكرون ديكا أعرج عندما غيَّر رقصته من رقصة حمامة جمهورية تغنّي للسلام المبني على الحقّ إلى نذير استسلام وانبطاح للقوى المناهضة للأغنية ذاتها ، والقاتلة لهوية الحقّ المزدوج، في الحياة وفي الأرض، لشعب ٍ يرزح تحت الاحتلال منذ عقود عديدة

لقد تذكّر كل العرب ، وأولهم من يقطنون دول الغرب الإسلامي ، مواقف ديغول، وهو يفكّك الأسطورة الإسرائيلية في الدفاع عن الاستعمار البغيض للأراضي العربية، بعد قرار الأمم المتحدة بوجود الدولتين وبناء أسطورة مبنية مجدّدا على المظلومية التاريخية في تبرير وحشيّتها ضد العرب الفلسطينيين. لقد تحدّث بلسان العقل التاريخي المنصف ، بالرغم من أنه كان من الشخصيات التي تلاقت فيها دروب الحرب، بكل أزقّتها بما فيها دروب العدوان الثلاثي بدروب السلام ، والتقت في شخصيته أزقّة البحث عن الحرية ضد النازية، وبالبحث عن استمرار النفوذ الفرنسي في أفريقيا الشمالية، وفي ما وراء البحار

ولكنه مع ذلك ترك إرثا وجيها وبناءً مفاهيميا جعل أحد ورثته المعلنين، جاك شيراك، يصبح صوت العرب الغاضبين، وهو في قلب القدس، محتجّا ومصارعا ضد القرارات التي اتّخذها رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، بنيامين نتنياهو سابقا، إثر إحدى زياراته فلسطين .

لعب ماكرون دور الحامل الجمهوري لقيم تبشيرية تلمودية يدسّها في قيم الأنوار والجمهورية الفرنسية

الأخطر من مواقف رجال الدول ورؤساء الجمهورية، وما تركوه من أسلوب جيواستراتيجي ، إسقاط ماكرون ما يعتبر إرثا تنويريا ، بالرغم من محدودية انتمائه إليه، من لوحة الشرف الفرنسي بخصوص القضية الفلسطينية . وفي البال أن باريس كانت أولى العواصم الغربية التي استقرّ فيها أول ممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية القائد الشهيد محمود الهمشري، الذي كان هدفا لشحنة ناسفة وضعها الموساد الإسرائيلي، في هاتفه، ليصاب بجروح بالغة، استشهد على أثرها في مستشفى كوشان

توالى كثيرون من الرؤساء الفرنسيين على خيطٍ حاد ّ بين الحفاظ على بعض من تعاطف العرب والمسلمين وبين الانتصار الثابت لوجود إسرائيل بقرار دولي . ولم يبلغ أحد منهم هذا الانزلاق الشعبوي اليميني المتطرّف الذي بلغه إيمانويل ماكرون .

وقد أحسن وصفه الوزير الأول السابق، دومينيك دوفيلبان، الذي قال إن فرنسا سقطت في فخّ كبير نصبته إسرائيل للغرب، وهو " فخّ المعسكر الاستغرابي "، الشيء الذي أتاح اختزال الغرب كله في دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتقزيمه إلى درجة الدفاع عن نفسه من خلال الدفاع عن وحشيّتها !

ما يزكّيه موقف ماكرون بالالتحاق المبرمج كدخول سينمائي إلى الشرق الأوسط هو النزعة العسكرتارية المستجدّة في الدبلوماسية الفرنسية، والتي فشلت في مواقع أخرى من العالم ، وكان ثمنها السياسي طرد الوجود الفرنسي من معاقل تاريخية في القارّة الأفريقية ، الشيء الذي زاد من عزلته دوليا، وعلى مستوى خرائط صناعة القرار الدولي . ولن نجانب الصواب إذا ما ترافعنا بأن ماكرون، في خروجه المكروه، على هامش ما يقع في غزّة من تقتيل وإبادة جماعية ووحشية، لعب دور الحامل الجمهوري لقيم تبشيرية تلمودية يدسّها في قيم الأنوار والجمهورية الفرنسية والإرث الفلسفي التنويري الشامل . وهو أخطر ما يتم اليوم على يده ولسانه، وبعد أن سبق أن حاول توظيف هذه القيم في التعامل الاستعلائي القذر مع دول لا تساير منطقه في استرجاع الإرث الاستعماري

ما يحدُث حاليا هو إيجاد شروط إضعاف القيم نفسها، كالديمقراطية وحقوق الإنسان والعقلانية والحداثة

لقد تابعنا مثلا الدفاع المستميت لنخبه في ردهات المنظمات الأوروبية ضد دول عربية بعينها، ومنها قطر والمغرب، باسم حقوق الإنسان والديمقراطية والحقّ في التعبير، حتى عندما مسّ ذلك الحقوقَ الروحية لملياري مسلم بالتشهير بنبي الإسلام وإحراق القرآن الكريم، وغير ذلك من المواقف المتطرّفة بدعوى احترام قيم الديمقراطية والأنوار والتعدّدية ... إلخ .

سيسقط " زعيم الأنوار " المستحدَث الذي يتقدّم كما لو أنه جندي استطلاع في جمهورية مهدّدة بالضباب، في خِزي سقراطي بغيض، وهو التناقض تحت مظلّة قيم الأنوار عندما سيتحرك، بدون أدنى انشغال فلسفي أو سياسي أو قيمي لمنع مناصرة الحق الفسلطيني في الحياة والحرية . وقام في ذلك بتجربتين : أولا، استكثر على الفلسطينيين حقّهم في القتال من أجل حرية بلادهم، ومنع بأبوية استبدادية التظاهر لمناصرتهم أو للمطالبة بوقف الدمار والتقتيل الجماعي ، وهدّدت حكومته، من خلال وزيرها جيرالد موسى دارمانان في الداخلية وإريك دوبوند موريتي في العدل، باعتقال كل من يتظاهر ضد التقتيل الجماعي وضد الإبادة وضد التنكيل العنصري بشعبٍ لا يريد أكثر من تراب وطنه

ما يحدُث حاليا هو إيجاد شروط إضعاف القيم نفسها، كالديمقراطية وحقوق الإنسان والعقلانية والحداثة ، بالرغم من أنها أصبحت قيما كونية وطموحا إنسانيا، أمام أجيال كثيرة من العرب والمسلمين وغيرهم من شعوب العالم التي تنظر إلى تاريخ وحشي أمام عينيها، كما سيحصل من حملة هاته القيم، سواء كانوا من النخب أو من الأنظمة في وضع صعب للغاية أمام شعوبهم. وسيقوّي لا محالة نزعة النفور منها والتفكير في هوّيات جديدة بعيدا عنها، ما لم ينهض المؤمنون حقّا بالانسان لتدارك هذه الاختلالات ، عبر الحقّ الفلسطيني باعتباره أبا كل الحقوق واعتبار معركته أم المعارك !
شريط الأخبار إسرائيل تقصف 100 موقع بلبنان في ثاني موجة ضربات خلال ساعات تفاصيل جديدة حول جريمة قتل شاب والدته وشقيقته في الأردن جمعية البنوك توضح حول انعكاس تخفيض أسعار الفائدة على قروض الأردنيين منتدى الاستراتيجيات يدعو لإعادة النظر في الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية الأردن: إرسال من 120 إلى 140 شاحنة مساعدات أسبوعيا لغزة وسعي لرفع العدد هيئة الطيران المدني: لا تغيير على حركة الطيران بين عمّان وبيروت وزير الشباب الشديفات يلتقي الوزير الأسبق النابلسي البقاعي رئيسا لمجلس إدارة شركة مصفاة البترول الأردنية وزارة "الاقتصاد الرقمي" حائرة بين 079 و077: من الهناندة إلى السميرات! مقال محير يعيد ظهور الباشا حسين الحواتمة الى المشهد.. ما القصة البنك المركزي الأردني يقرر تخفيض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس وصول طواقم المستشفى الميداني الأردني نابلس/4 استقاله علاء البطاينة من مجلس أدارة البنك العربي طقس بارد نسبياً ليلاً وفي الصباح الباكر مع ظهور السحب المنخفضة في عطلة نهاية الأسبوع التعليم العالي: نتائج القبول الموحد نهاية الشهر الحالي الحكومة تطفي ديونا بقيمة 2.425 مليار دينار منذ بداية العام الملخص اليومي لحجم تداول الاسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الخميس ما قصة حركات بيع وشراء اسهم الاردنية لانتاج الادوية بين اعضاء مجلس الادارة ؟! الوزير خالد البكار.. "تقدم" نحو لقب "معالي" هل باع محمد المومني ميثاق من أجل لقب "معالي"؟!