المثقفون العرب ومعركة الطوفان

المثقفون العرب ومعركة الطوفان
د. صلاح جرار
أخبار البلد -  
أخبار البلد- الثقافة العربية بمفهومها الواسع الذي يشمل الهويّة والقيم والمعتقدات والمقدّسات والتراث ليست في منأى عن التوتّرات والصراعات التي تدور على أرض فلسطين والأراضي العربيّة، فهي مستهدفةٌ كما هي الأرض والإنسان والمسجد الأقصى الذي لا يكفُّ الاحتلال الصهيوني عن اقتحامه وتدنيسه هو رمزٌ ثقافي بالغ الأهمية، والاعتداءات الصهيونية على المساجد ومنع وصول المصلّين إليها هي مساسٌ بالعقيدة الإسلامية التي هي من المرتكزات الأساسيّة للثقافة العربيّة، وقصف المساجد والكنائس هو أيضاً اعتداءٌ صارخ على رموز ثقافية عربيّة وعلى روح الث?افة العربية، والاستيلاء على الأرض العربيّة وقتل السكّان وتهجيرهم وتشريدهم هو استهدافٌ خطير للهويّة الثقافية العربيّة. إنّ ما يسعى إليه الاحتلال هو اقتلاع الجذور الثقافية العربيّة من عقيدة وقيم وعادات ومفاهيم وتراث من الأراضي المحتلة ومن الأراضي العربيّة المحيطة بفلسطين، لأنّ هذا الاحتلال يدرك أنّ هذه المقوّمات الثقافية تملك قدرةً منقطعة النظير على التأثير في وعي الجماهير وضميرهم وسلوكهم ومواقفهم وأفعالهم ودافعيتهم نحو مجابهة كلّ ما يمسّ الأمّة من قريب أو بعيد.

ولذلك فإنّ للمثقفين العرب دوراً كبيراً ومسؤولية تكاد تكون مقدّسة في المحافظة على الثقافة العربيّة والذبّ عنها والإعلاء من مكانتها وأهميتها كي تبقى خطّ دفاع منيعاً في وجه المعتدين والمحتلّين والطامعين بالأرض العربيّة، فالحرب على الفلسطينيين وعلى غزّة في هذه الأيّام ليست حرباً عسكريّةً وسياسيّة وإعلامية ونفسية فقط بل هي في الأساس حربٌ ثقافية، وهذا ما يفسّر القصف الهمجي الذي تقوم به الطائرات الصهيونية للمساجد والكنائس والجامعات والمدارس في غزّة، فهي جميعها مراكز إشعاع ثقافي وتربويّ، إذ يعتقد الصهاينة أنّهم بت?ميرهم لهذه المراكز أو المنارات يستطيعون اقتلاع الجذور الثقافية للصمود الفلسطيني.

إنّ للمثقفين قدرات لا حدود لها على تعزيز الصمود الذي يتمتع به أهل غزّة البطلة وأهل الضفّة الغربيّة أمام الهجمات الوحشية الصهيونية؛ فالمثقف قادرٌ على تعزيز المرتكزات الفكرية التي ينطلق منها أبناء المجتمع في سلوكهم ومواقفهم وأفعالهم وردود أفعالهم، وذلك لامتلاكه وسائل الإقناع وأدوات الحوار وقدرته على التأثير. والمثقف هو من يستطيع بأدواته المختلفة أن ينشر المعرفة بين الناس ويغنيها بتحليلاته وقراءاته ونظراته العميقة، والمعرفة هي أساس كلّ تخطيط، والتخطيط أساس كلّ بناء والمثقف هو من يستطيع إحداث تغيير في وعي الجم?هير وأفكارها ومشاعرها، وهو من يوظّف معرفته في خدمة مجتمعة.

وقد تساءل كثيرون خلال هذا العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزّة وتدمير المنازل على رؤوس أهاليها وقصف المستشفيات ومنع وصول الماء والطعام والدواء والكهرباء للمدنيين، تساءلوا عن دور المثقفين العرب في مثل هذه الظروف وفي التصدّي لهذه الحالة الخطيرة والعسيرة. والذي لا شكّ فيه هو أنّ المثقفين العرب في كلّ أقطار الوطن العربي يحاولون ممارسة دورهم المؤثّر في جماهير الأمّة بالفكرة وبالكلمة وبالصورة وبالصرخة، ويحاولون إيقاظ من غفلوا عن القيام بواجبهم، ولا شكّ في أنّ الشعراء وكتّاب القصّة وكتّاب المقالة والفنانين الت?كيليين ورسامي الكاريكاتير وأصحاب الأصوات الغنائية والمسرحيين وغيرهم يبذلون ما يستطيعون في هذه الظروف جهوداً للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وإنجاز أعمال إبداعية تتناول هذه الأحداث الخطيرة الجارية، والعمل على إعلاء قيم البطولة والشجاعة والصمود والتضحية والبذل والصبر والاحتمال وغيرها.

ومما يقع على عاتق المثقفين والأدباء والفنانين والمفكرين العرب في مواجهة ما يعاني منه الأهل في غزّة وفلسطين كافّة أن يسعوا من خلال أعمالهم الفكرية والإبداعية إلى الإعلاء من قيمة النجاح والإنجاز وتعزيز الثقة بالنفس والقدرة على الصمود وتعزيز الدافعية نحو الاستمرار في العمل والمواجهة، والمحافظة على معنويات الناس، وتطوير مفاهيم إيجابيّة وراسخة لدى أبناء المجتمع.

ومن أهمّ ما يقع على عاتق المثقف في ظلّ هذا العدوان الوحشي هو مواجهة أكاذيب العدوّ وتفنيدها وإثبات بطلانها، ولا سيّما أنّ العدوّ لديه قدرة عالية على استخدام الحرب النفسية مستفيداً من سيطرته على وسائل الإعلام العالميّة، كما أنّ على المثقف أن يلتفت برأيه وفكره وأدواته المعرفية والإبداعية وقدرته على الإقناع والتأثير إلى داخل المجتمعات العربيّة ليواجه ما قد تصاب به هذه المجتمعات من التصدّع والإحباط وتبعاته السلبيّة على الميدان، وأن يحرص على بقاء المجتمع متماسكاً قوّياً يشدّ بعضه أزر بعض، وذلك بالاستفادة من جميع?الوسائل الإعلامية المتاحة.

إنّ عيون الناس تنظر الآن وفي مثل هذه الظروف إلى المثقفين وآرائهم وقراءاتهم للمستقبل القريب والبعيد ورؤاهم لتخطّي المصاعب والأزمات والتغلب على التحدّيات وتحقيق الأهداف والطموحات؛ كما تنظر إلى جهودهم في مواجهة التحدّيات والأخطار.

وإذا أحجم المثقّف عن القيام بدوره في مثل هذه الظروف وعند حلول الأزمات والتحدّيات فإنّه يفقد أهمّ شرط من الشروط التي أكسبته صفة «مثقف» وأهّلته له.

شريط الأخبار افتتاح المؤتمر العربي السادس للمياه نحو تحقيق التنمية المستدامة في المياه.. صور "التأمين الأردنية" تدعو مساهميها لحضور إجتماعها العمومي العادي الشهر المقبل الساكت يكتب.. تنويع صادراتنا الوطنية الجيش اللبناني يدعو للتريث بالعودة إلى مناطق توغل بها الاحتلال الإسرائيلي بدء تدفق السيارات لجنوب لبنان مع سريان وقف إطلاق النار وفيات الأردن الأربعاء 27-11-2024 طقس بارد نسبياً في أغلب مناطق المملكة اليوم الأرجنتين تحيي ذكرى وفاة مارادونا… وابنته تثير الجدل برسالة حادة "لم تمت لقد قتلوك" "الإندبندنت": سجون بريطانيا تكتظ بالسجناء والقوارض والبق والعناكب ماذا قالت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل عن بوتن وترامب في حوارها مع بي بي سي؟ بهذه الطريقة المؤلمة ماتت ناقة رسول الله.. أغلى ناقة فى التاريخ التربية: اختيار 1000 مدرسة وتزويدها بـ20 ألف جهاز حاسوب لإجراء امتحان "التوجيهي" إلكترونيًا جامعة العلوم التطبيقية الخاصة تعلن عن مبادرة بحثية مع جامعة غرب إنجلترا.. صور جلالة الملك يوجه رسالة إلى رئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني الموافقة على اتفاقية لتمويل إنشاء 5 مدارس مهنية غيث الطيب مديرا عاما للأحوال المدنية والجوازات الحكومة تقرر تمديد العمل بقرار الدعم النقدي للمخابز وتثبيت أسعار الخبز التخليص على 550 سيارة كهربائية منذ إصدار قرار تخفيض الضريبة "الادارية" تنتصر لمفصولي "العلوم الاسلامية".. والجامعة تطعن بالقرار !! "الضمان الاجتماعي".. أكبر عشيرة في الأردن.. أين تسير ؟! وعقلية الإدارة جعلتها بألف خير