في قراءته للمشهد السياسي لدى المستعمرة الإسرائيلية، يسأل رأس الدولة الأردنية الملك عبدالله: «إلى أين تتجه المستعمرة»؟؟ و»كيف يمكننا التوصل إلى تفاهم معها حول الأفق السياسي؟؟».
بداية يجب أن تتضح الصورة، صورة المشهد السياسي ونتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي رقم 25 يوم 1/11/2022، التي أنتجت تحالفا بين فريقين هما: 1- الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة، 2- الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، وشكلا الحكومة من الأحزاب الأربعة: 1- الليكود وله 32 مقعداً في الكنيست، برئاسة نتنياهو، 2- الصهيونية الدينية وله 14 مقعداً برئاسة الثنائي سموترتش وبن غفير، 3- شاس وله 11 مقعداً برئاسة أريه درعي، 4- يهود التوراة وله 7 مقاعد برلمانية برئاسة موشيه غفني.
هذا التحالف يقوم على مسألتين هما:
أولاً أن القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، أي أنها ليست محتلة وليست عربية وليست جزءاً من خارطة عام 1967.
ثانياً أن الضفة الفلسطينية، ليست فلسطينية وليست عربية وليست محتلة، بل هي يهودا والسامرة أي جزءاً من خارطة المستعمرة.
في ضوء هذه المعطيات يجب أن يتوقف الموقف الفلسطيني الأردني العربي برمته، وغير ذلك تضليل للنفس، وتحاشي الصدام مع الواقع السائد على الأرض حيث التوسع الاستيطاني الاستعماري، وعدم إعطاء أي اهتمام في تقديم أي تنازل لأي طرف عربي مقابل التطبيع.
إدراك معطيات وسياسات المستعمرة ونتائج انتخاباتها، والجموح نحو اليمين المتطرف واليهودي المتشدد ليست بعيدة عن العوامل السياسية والإقليمية والدولية بل هي نتائجها، وهي:
1- إفرازات هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي وانتصار المعسكر الأميركي الأوروبي وحليفتهم المستعمرة، أي نتائج الحرب الباردة عام 1990 .
2- هزيمة العراق ودماره واحتلاله من قبل الولايات المتحدة وأدواتها وتأثيرات التدخل الإيراني والتركي في مسامات العراق وإضعافه، نتائج خطيئة اجتياح العراق للكويت في 2/8/1990.
3- نتائج الربيع العربي الذي دمر سوريا وليبيا واليمن، وأضعف البلدان العربية الأخرى من بداية عام 2011 .
4- الانقسام الفلسطيني، الذي قدم خدمة مجانية للعدو الإسرائيلي على أثر الانقلاب الدموي في حزيران يونيو عام 2007.
هذه العوامل صنعت ما تعانيه حركة التحرر العربية، وفشلها في تحقيق الحرية والاستقلال والديمقراطية والوحدة، واستفادة المستعمرة منها، حيث كانت طرفاً في تحقيقها سواء في تغذية الانقسام الفلسطيني وتحول طرفي الانقسام إلى حالة من الضعف وكلتاهما أسير لخيارات المستعمرة وتقديم خدمة مجانية لها على حساب الحقوق الفلسطينية والنضال الفلسطيني، مثلما لعبت دوراً تحريضياً لدى مؤسسات صنع القرار الأميركي لغزو العراق واحتلاله، ولا يقل دورها عن دعم التحريض على سوريا ودعم معارضتها المسلحة باتجاه تدمير سوريا وجيشها وشل فعاليتها.
فرض الرؤية والمصالح الوطنية والقومية العربية، يحتاج أولاً لمعالجة الأمراض السياسية العالقة: فلسطينياً سواء في مناطق 48 أو مناطق 67، وسورياً وعراقياً لإعادة التماسك القومي العربي، وعندها فقط، تدرك المستعمرة وقياداتها أهمية الاستجابة و»التوصل إلى تفاهم نحو أفق سياسي» واقعي مع المستعمرة ولجم تطلعاتها التوسعية الاستعمارية.