من شتوة المساطيح إلى شتوة المواسير!

من شتوة المساطيح إلى شتوة المواسير!
أخبار البلد -   أخبار البلد- 

هطلَ المَطرُ الأول في الشّمال، والذي كنا نسمِّيه " شتوة المساطيح"، نُطلق هذه التسمية التي تأتي عادة في بعد منتصف أيلول/ سبتمبر، ولكنها قد تبكِّر أو تتأخّر بضعة أيام. هذه التسمية كما سمعناها من الأهل والأجداد تعني مساطيح التين، وكانت بلدتنا مجد الكروم مشهورة في التِّين وكان كثيرًا جدًا، وكان يزيد عن حاجة الأهالي وعمّا يتاح تسويقه إلى التُّجار وإلى المدن مثل عكا وحيفا، وكي لا يتلف ويذهب هباء، فقد كان الفلاّحون يصفّون الثمار تحت أشعَّة الشَّمس على فُرُشٍ من الحصير أو القماش أو أوراق الصُّحف، حتى يجف تمامًا ويصنعوا منه قطّينًا، يخزّنوه في صندوق خشبي خاص يسمَّونه الزَّنبيل، وهي تسمية عربية فصيحة، تعني القُفَّة الكبيرة، التي يخزنون فيها الخُضَر وغيرها.

كانت شتوة المساطيح تحثُّ الفلاحين على جمع القُطين ونقله إلى بيوتهم، لأن بقاءه تحت المطر يعني تلفَه.

انتهى عصر المساطيح، ولم يبق من التين إلا القليل جدًا للأكل المباشر، وصرنا نشتري التين من دكاكين الخضار.

موعد شتوة المساطيح عادة في النصف الثاني من أيلول، وهو أيضًا موعد قريب جدًا من عيد العرش العبري.

بعد شتوة المساطيح يأتي مطر الوسمي، وهو غزير وقوي، يروي الأرض المتعطِّشة، وهو فاضح للبنى التحتية، سواء في البيوت حيث يجب أن تكون المزاريب جاهزة لتصريف المياه، أو في البلدة والمدينة حيث يجب أن تصرف مياه الأمطار، وعمليًا فإن الوسمي يكشف قدرة الشّبكات على تصريف مياه الأمطار، وكثيرًا ما يتّضح أنَّها عاجزة وصغيرة في بقاع كثيرة في الأرض، وخصوصًا في المدن القديمة ذات الشَّبكات القديمة الضيِّقة.

هل هذا يعني أن الفيضانات قضاء محتوم؟

إذا كانت البنى التحتية قد بُنِيت على أسسٍ سليمة وهندسة صحيحة، فلا يعقل أن تعجز الشَّبكة عن التصريف، وخصوصًا أنها شبكات حديثة، هذا يعني أو يُفترض أنّ الهندسة والتنفيذ تأخذ في عين الاعتبار، جميع المسائل المتعلقة، مثل حجم الأنابيب وكمّيات الأمطار المتوقعة، إضافة إلى المساحات الكبيرة التي بات يغطيها الأسفلت والباطون، ما يعني أن معظم الكميات الهاطلة سوف تنتقل إلى شبكة التصريف.

إذا كنا نلتمس الأعذار للشَّبكات القديمة، فلا عذر للشبكات الحديثة.

إضافة إلى هذا، فالمطر يكشف الغش في المواد التي عُبِّدت الشوارع فيها، والتي يُفترض أن تصمد لسنين طويلة، إلا أن المغشوش منها يتفتت وكأنه قد تعرَّض إلى غارات حربية، ويتحمَّل مسؤوليته مهندسو البلديات والمقاولون الذين ينفِّذون الأعمال، وقسم الرقابة في كل مجلس بلدي.

الجمهور يدفع الضرائب للسُّلطتين المركزية والمحلّية، ويعاد قسم من هذه الضرائب على شكل ميزانيات، والمفروض أن تعود على المواطنين بشوارع وبنى تحتية متينة وشبكات ملائمة.

صحيح أن التمييز في الميزانيات واضح بين العرب واليهود، ولا جدال فيه، وصحيح أنَّنا نُحمِّل المسؤولية الأساسية لتأخُّر بلداتنا إلى عنصرية السُّلطة المركزية، ولكن تقع على سلطتنا المحلية مسؤولية بأن تُحْسِنَ استخدام الميزانيات التي تحصل عليها.

لا يعقل أن يُعبَّد الشّارع نفسه عدة مرّات خلال عام أو عامين، ولا يعقل أن يتفتت الزِّفت وينخسفَ وينكشفَ ما تحته من "كركار" بعد موسم شتاء واحد، لأنَّ العمل لم يُتقن، أو أنجز بتجاهل للمعايير الحقيقية.

لا يعقل استمرار مشروع واحد لسنوات، يضر بمصالح اقتصادية كثيرة من حوله، ويلوِّث البيئة ويُحدِثُ انسدادات مرورية لفترات تستمر لسنوات، وهذا يعني اضطرار السُّلطة إلى تعويض أصحاب هذه المصالح التضرِّرة، وهذا على حساب أموال الجمهور التي يفترض أن تكون أموال وَقف.

بعض بلدياتنا تنتظر الانتخابات لتنفيذ مشاريع بسرعة لأظهار إنجازات، مشاريع كان يجب تنفيذها منذ أشهر أو سنين، أو أنها يجب تنفّذ بعد إعداد جيّد، تُسرع لإنجازها قبيل الانتخابات، فيضطر بعضهم إلى التوجُّه إلى البنوك للحصول على قروض مستعجلة، وهذا يضاعف تكاليف المشاريع وبدلا من المليون ندفع ثلاثة.

لا أقصد سلطة محلية عربية بذاتها، ولكن أتناول الظاهرة، وكلٌ منا أدرى في شعاب بلدته وما يجري فيها، وواجبنا كمواطنين أن لا نصمت، وأن نتحمَّل المسؤولية، فليس من الإنصاف أن تكون السُّلطة المركزية ضدنا، ثم يضاف إليها إهمال السُّلطة المحلية، لتتحول بدورها إلى أداة أخرى لقمع الحقوق من خلال تبذير الميزانيات القليلة التي نحصل عليها في غير مكانها ووجهتها.

 
شريط الأخبار قراءة في مؤشرات البيانات المالية لمستشفى ابن الهيثم للربع الثالث لعام 2024 الخرابشة: مشروع قانون الكهرباء يحسن كفاءة المنظومة الكهربائية واستمرارية عملها إطلاق الجولة الثانية لبرنامج ترويج الصادرات/صندوق دعم و تطوير الصناعة وظائف شاغرة ومدعوون لحضور الامتحان التنافسي (أسماء) "400 يوم من الإبادة الجماعية".. المكتب الحكومي بغزة ينشر إحصائيات مرعبة طقس لطيف اليوم وانخفاض قليل على درجات الحرارة غداً وفيات الأردن اليوم الأحد 10/11/2024 7 ملايين مسافر عبر مطارات الأردن خلال 9 أشهر العرموطي: لهذه الأسباب ترشحت لـ”رئاسة النواب” بتوجيهات ملكية...طائرة إخلاء طبي إلى السعودية اليوم ذكرى عودة أرض الغمر والباقورة .. سياسيون: الأردن يدرك نوايا الاحتلال الخبيثة مجلس الوزراء يوافق على الأسباب الموجبة لعدة مشاريع وأنظمة وآليات رقابية رئيس تطوير كتاب التربية الإسلامية: لم يتم تقليص آيات الجهاد بالمناهج الأردنية وفد صناعي أردني يلتقي ممثلي مراكز تجارية كبرى في دبي السفير الأردني ببغداد يبحث تفاصيل مباراة النشامى والعراق الاحتلال يرتكب 4 مجازر جديدة ترفع حصيلة الشهداء في قطاع غزة بشراكة حكومية..مساعي لتأسيس شركة مقاولات ضخمة لتنفيذ مشروع المدينة الجديدة الخبير الشوبكي: كميات الغاز المعلنة تكفي الأردن لـ 80 سنة وتقدر قيمتها بـ 70 مليار دولار.. والحكومة تسرعت !! "اعتصام الزحف الكبير" لمتقاعدي "الفوسفات": غضب عارم يهدد بزلزال أمام الشركة إذا لم تُلبَّ مطالبهم بعد مناشدات "أخبار البلد" حول "طريق الموت".. وزارة الأشغال تتحرك أخيرًا لتأهيل طريق العدسية - البحر الميت