بداية" أود التوضيح أن دعوتي هي خصخصة (المعلم شخصيا") لا التعليم فقد (تخصخص) التعليم سواء" في المدارس الخاصة أو الجامعات الحكومية والأهلية منذ أمد بعيد حتى لم تعد تفوقه خصوصية سوى غرف النوم!! لا يا سادتي, ليست نكتة؛ ولا ضربا" من ضروب الجنون؛ بل دعوة أكثر من منطقية للخروج بالأزمة من عنق الزجاجة وحلا" عقلانيا" لعودة المعلم إلى مكانة الطبيعي في مدرسته وصفه وإخراج الحكومة العتيدة من موقفها الذي لم يعد أُحدَ يحسدها عليه.
فكرة خصخصة (المعلم) لم تأت من فراغ.. ودعونا نستعرض واقع المعلم قبل أن نصل إلى فكرة (خصخصته)!! فمثلا" يتقاضى المعلم الجامعي من حملة البكالوريوس الذي بلغت خدماته خمسة عشر عاما" راتبا" (قبل الهيكلة) يبلغ حوالي أربعمائة دينار أردني وبعلاوة تعليم بلغت 90% وكان من المنتظر أن تصل إلى 100% في بداية عام 2012, ويعلم الجميع أن هذه العلاوة كان يفترض أن تكون 100% قبل عشرة أعوام؛ وعليه كان يجب أن تكون الزيادة للمعلم المثال المقهور أعلاه هذه السنة –مع الزيادة السنوية- حوالي عشرين دينارا" (بدون هيكلة ولا ما يحزنون).. وبعد الهيكلة المتعملقة جاءت الزيادة لتبلغ خمس وعشرين دينارا" لا غير وبفارق خمسة دنانير علما" أن هذه الزيادة تجاوزت الستين دينارا" لبعض حملة الدبلوم المتوسط في وزارات أخرى ممن لم تتجاوز خدماتهم عامين أو ثلاثة ووصلت لدى (البعض) إلى ما يفوق هذا الرقم بأضعاف وهذا ما ضاعف الاحتقان والإحساس بالقهر لدى المعلم ودفعه إلى الإضراب ولم يكن إضرابه أبدا" (دلع وغنوجة)!!
المعلمون أصحاب حق والحكومة عاجزة" لا تملك حلا" لمشكلتهم وربما يكون هذا العجز هو ما دفعها لتجييش غالبية الشعب الأردني ضدهم سواء" بواسطة ما قيل على ألسنة أئمة المساجد أو ما كتب على شاشات التلفاز خصوصا" مناشدة العديد من مسؤولينا الأكارم لأولياء الأمور المبادرة بإرسال أبنائهم للمدارس بالسرعة الممكنة لحشر المعلم في الزاوية وإحراجه أمام من يتمثل به ويتخذه قدوة صالحة.. وكأني بهؤلاء يدفعون باتجاه تصادم بين المعلم من جهة والطالب وولي الأمر من جهة أخرى؛ وهذا للأسف ما حصل في بعض المدارس التي رشق فيها المعلمون بالحجارة أو تشاجر أولياء الأمور والمعلمين للأسف (كزعران الحارات) في بعضها الآخر!! وهنا تأتي المطالبة بخصخصة (المعلم) كفكرة رائدة تنجينا جميعا" من مخاطر ما قد يجرنا إليه إضراب المعلمين وردود أفعال (بعض الحكومة) عليه التي ربما يكون وصفها باللامسؤولة (قليل عليها).. فبدلا" من إعارة المعلمين لدول عربية شقيقة نقوم ببساطة بخصخصة معلمينا على أرض الوطن دون سفر أو غربة (وخلي زيتنا في دقيقنا واللي بده يغمس ييجي عندنا).. الفكرة ببساطة هي تطبيق نفس المبادئ التي تم استخدامها عند خصخصة الكلية الفندقية وشركة الكهرباء الأردنية وشركات الفوسفات والبوتاس والاسمنت والاتصالات.. نفس المبادئ تماما", وهنا أؤكد للجميع أن النتيجة ستكون مربحة" للجميع: الحكومة والشعب والطلاب والمعلمين.. فكيف؟!
تحتاج العديد من دول الجوار الغنية للمعلمين الأردنيين وعادة" تقوم وزارة التربية بإعارة بعض معلميها لهذه الدول ويتعاقد بعضهم مع وزارات التربية فيها بعقود شخصية؛ وهنا تأتي فكرة الخصخصة وهي لغويا" عكس (عمعمة أو تعميم) فبدلا" من إرسال المعلمين لتلك الدول على شكل إعارات أو تعاقدات تحتكر وزارة التربية والتعليم (المعلمين) وتمنعهم من التعاقد بل وحتى من السفر مطلقا" (كإجراء احتياطي), ومن ثم تضطر تلك الدول للبحث عن بديل فتعرض وزارة التربية عليها إرسال طلابها إلى مدارسنا ليدرسوا هنا في الأردن في مدارس الوزارة وبرعاية من معلمي الوزارة لكن.. على حساب دولهم أو على حسابهم الشخصي حيث يتم الحساب (بالحبة وعلى الرأس) تماما" كالجامعات الحكومية والخاصة التي تعج بالآلاف من الطلاب غير الأردنيين الذين يساهمون بشكل فعال في دعم ميزانيات تلك الجامعات وكل ما سيتطلبه الأمر هو ضغط الغرف الصفية لطلابنا بحيث تتسع الغرفة الصفية لمئة طالب بدلا" من خمسين وبهذا يتم توفير ما نسبته 50% من البناء المدرسي وآخذين بعين الاعتبار وجوب (تدليع) الطلاب غير الأردنيين بحيث يجلس الطالب الوافد في مقعد كامل لوحده بينما يوضع طلابنا في مقعد مماثل على شكل ثلاثيات نكون قد استوعبنا فائضا" يتجاوز الثلاثين بالمئة من العدد الإجمالي للطلبة في مدارسنا وهكذا يبقى طلابنا في مدارسنا كما هم ربما مضغوطون قليلا" لكن سعداء, وفي نهاية كل شهر تقوم الحكومة بجمع المبالغ المدفوعة من قبل الحكومات والطلاب بواسطة لجنة من الخبراء تعينهم بنفسها, وبعدها تقسم المبالغ المحصلة بنسبة (51% للحكومة و 49% للمعلمين) ومن ثم تضاف حصة المعلمين إلى رواتبهم الحالية بنسب متفاوتة حسب شخصية المعلم ومقدار عطاءه وترتيب هندامه ولون عيونه وشعره وحسن علاقته برئيسه المباشر وغير المباشر وكيفية تعامله مع جيرانه وكمية ما يستهلك من طعام وسجائر وبعض الصفات والقدرات الأخرى التي تقررها أيضا" لجنة من الخبراء يتم تعيينهم بواسطة الوزير أو الأمين العام أو من ينوب عنهما, وهكذا سيداتي وسادتي تنتهي القصة وللمرة الأولى نهاية سعيدة ويفرح الجميع.. فمن جهة تكسب الحكومة أضعاف ما كسبته من مشروع الكازينو ومن بيع شركات أمنية وزين والاتصالات وتصبح بالتالي قادرة ربما للمرة الأولى على تغطية العجز في ميزانيتها العامة بل ربما حققت فائضا".. ومن جهة أخرى تعود الابتسامة لتغطي وجوه الوزراء والمسؤولين وأولياء الأمور والطلاب والمعلمين جميعا" بلا استثناء ويعود المعلم آدميا" من جديد ويصبح قادرا" على دفع فاتورتي الكهرباء والمياه وإيجار المنزل وشراء الكاز والغاز والخبز والجبن واللبن والبندورة والخيار وقد يتمادى بعض المعلمين ويفكرون بشراء الدجاج واللحم والهامبرغر والموز والتفاح بل وحتى الكاكا والكيوي.. (لم لا فقد أصبح مخصخصا"؟!), وتعود مدارسنا مملوءة بالحيوية والنشاط والحب والحنان والرحمة كما اعتدنا رؤيتها وتعود شوارعنا مرتبة, منظمة, هادئة, نظيفة, خالية من كل ما يمكن أن يعكر صفو المواطن السعيد الحامد الشاكر الممتن الذي اعتاد أن يتمشى على ما تبقى من أرصفتها, فما رأيكم (يا رعاكم الله).. أو ليست خصخصة (المعلم) أجدى لهذا الوطن وشعبه وطلابه وحكومته ومعلميه من خصخصة الكثير مما أشبعنا أصابعنا عضا" على خصخصته وللحديث بقية....