ويشير استمرار قوة الاقتصاد الأميركي حتى الآن إلى إمكانية مضي البنك المركزي الأكبر في العالم قدماً في سياسة التشديد، من خلال رفعات صغيرة للفائدة، وربما على فترات متباعدة، بحيث لا يكون هناك رفع في كل اجتماع، من أجل القضاء التام على التضخم الذي مازال يفرض كلمته على البلاد.
ورغم التوقعات السابقة من المحللين بتعرض الاقتصاد الأميركي لتباطؤ حاد، مع الرفع المتتالي لمعدلات الفائدة، تشير الأرقام المعلنة إلى أن سياسة البنك لم تضغط بالقوة الكافية على مكابح النمو، حتى الآن، وهو ما قد يدفع البنك الفيدرالي للاستمرار في التشديد.
وفي مقال حديث نشرته جريدة نيويورك تايمز الأميركية، اعتبرت جينا سميالك، المحللة الاقتصادية المتخصصة في متابعة سياسات البنك الفيدرالي، أن استمرار الشركات في رفع أسعارها دون خسارة العملاء وبقاء الطلب قوياً ربما يؤدي إلى "بقاء التضخم شديد الارتفاع، ما يجبر المستهلكين على دفع المزيد مقابل خدمات الفنادق والطعام ورعاية الأطفال، وهنا يصبح البنك الفيدرالي مجبرًا على فعل المزيد من أجل تقييد النمو".
وأشار مسؤولو البنك الفيدرالي، في أكثر من مناسبة، إلى حاجتهم لمزيد من الوقت لرؤية التأثير الفعلي لرفع معدلات الفائدة على الأسعار والأسواق، ومن ثم للتمكن من توقع السيناريو الأكثر احتمالية، حتى يتجنبوا المبالغة في رد الفعل، والتسبب في آلام اقتصادية غير مطلوبة، أو يكون مستوى رد فعلهم أقل من القدر المطلوب، ما قد يتسبب في بقاء التضخم على ارتفاعه.
وتقولسميالك إنأسعار الفائدة المرتفعة قد تستغرق شهورًا أو حتى سنوات، حتى يظهر تأثيرها الكامل، إلا أن تأثيرها يظهر عادة سريعاً في إبطاء أسواق السيارات والإسكان، وكلاهما يدور حول عمليات الشراء الكبيرة، التي تتم بأموال مقترضة.
ويراهن المستثمرون حالياًعلى "تجاوز" البنك الفيدرالي رفع الفائدة في اجتماعه الأسبوع القادم، قبل رفعها مرة أخرى في الاجتماع التالي في يوليو/تموز، مع التأكيد على أن هذا التجاوز لا يعني التوقف نهائيًا، في إشارة إلى أنهم مصممون على السيطرة على الأسعار.
ووصلت أسعار الفائدة لأعلى نقطة لها عند نطاق 5% - 5.25%، وهو أعلى مستوى للفائدة على الأموال الفيدرالية تشهدها البلاد منذ عام 2007.