هزيمة حزيران وتداعياتها المباشرة والبعيدة المدى

هزيمة حزيران وتداعياتها المباشرة والبعيدة المدى
أخبار البلد -   أخبار البلد- 

بعد 56 عاما من هزيمة حزيران / يونيو لا تزال هذه الحرب الخاطفة تستحوذ على اهتمام كبير بالتحليل والدراسة، خاصة بما يتعلق بنتائجها وتداعياتها التي غيرت الشرق الأوسط والحال العربي بشكل عميق واستراتيجي. والحرب بحد ذاتها وكيف استطاعت إسرائيل في غضون ستة أيام هزيمة ثلاثة جيوش عربية قد أشبعت تحليلا، ومع ذلك تبقى هناك فصول مهمة غامضة ولم تتضح معالمها حتى الآن، فالعرب، أقصد الأنظمة، لم تقم بعملية تقييم حقيقية، وحتى لو جرى ذلك لم يطلع عليها الجمهور لأنها قد تكشف كم هي هذه الأنظمة هشة، وانشغالها بخلافاتها البينية وتنافسها فيما بينها على زعامة فارغة، وتكشف أنها كانت أكثر انشغالا في قمع شعوبها على حساب الإعداد الحقيقي للحرب والمواجهة مع إسرائيل ومشروعها التوسعي.

بالنسبة للشعب الفلسطيني فقد مثلت هذه الهزيمة كارثة لا تقل بحجم أثرها السلبي عن نكبة عام 1948، فلم يخسر الفلسطينيون ما تبقى من وطنهم، الضفة والقدس الشرقية وقطاع غزة، وليس فقط ما أضيف إلى حساب اللاجئين حسابا إضافيا، بل الأخطر أن هدف التحرير والعودة قد أصبح أصعب منالا، إلى جانب أن إسرائيل، التي كانت لا تزال مشروعا، قد ثبتت أركانها جيدا في المنطقة وأصبحت مسألة تجاهل وجودها أمرا مستحيلا. كما منحت الهزيمة الدولة العبرية الفرصة لممارسة عملية تهويد أكثر جذرية لفلسطين كلها من البحر إلى النهر.

والعرب الذين احتلت إسرائيل أراضيهم (شبه جزير سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية) قد سارعوا للاجتماع في العاصمة السودانية الخرطوم، وعلى وقع الهزيمة الفادحة أصدروا اللاءات الثلاث، لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل. ولكن ما لبثوا حتى وافقوا على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 ، والذي عبر عن ميزان القوى الجديد في المنطقة. لأنهم أدركوا حجم هزيمتهم. فإذا كانت اتفاقيات الهدنة التي أبرمها العرب في نهاية حرب عام 1948، تعتبر اعترافا عربيا ضمنيا بواقع وجود إسرائيل، فإن الاعتراف بالقرار 242 مثل اعترافا واقعيا بوجود إسرائيل كدولة من دول المنطقة، وهو الاعتراف الذي مهد لاحقا للمفاوضات والصلح والاعتراف العربي الرسمي بإسرائيل.

ورغم أهمية حرب تشرين الأول / أكتوبر عام 1973، فإن العرب لم يتمكنوا من تجاوز نتائج حرب حزيران. وكل ما فعلته حرب أكتوبر أنها فتحت الباب أمام إجراء مفاوضات مع إسرائيل، والتي أفضت عام 1978 إلى توقيع اتفاقية صلح بين مصر وإسرائيل، والتي بموجبها انسحبت إسرائيل من سيناء. اتفاق الصلح المذكور أنهى عمليا أي فرصة لخوض حرب عربية شاملة مع إسرائيل، والتي كانت أولى نتائجه استفراد إسرائيل بالثورة الفلسطينية في لبنان عام 1982. وإنهاء وجودها ليس في لبنان وإنما أصبحت خارج كافة دول الطوق.

ولم يكن ينقص الأمة العربية تفككها وانقسامها المزمن، والذي كان ملموسا في حرب 1948 وما بعدها، فإن اجتياح العراق للكويت في آب / أغسطس عام 1990، قد قصم ظهر الأمة العربية وقاد إلى الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية مع حلفاء آخرين. بهدف إخراج الجيش العراقي من الكويت في مطلع عام 1991، إلا أن النتيجة النهائية أدت إلى هيمنة أميركية كاملة على الشرق الأوسط، خصوصا أن هذا التطور قد تزامن مع انهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي.

كل هذه التطورات تمت عمليا كنتيجة لحرب حزيران / يونيو 1967 الكارثية على الأمة العربية التي توجت في نهاية المطاف بعملية سلام تقوم على أساس القرار 242 ومبدأ الأرض مقابل السلام. والترجمة العملية هي الاعتراف بإسرائيل كدولة قائمة في المنطقة مقابل انسحابها من الأراضي العربية التي احتلتها في حرب عام 1967. وهي العملية التي بدأت بانعقاد مؤتمر مدريد في خريف عام 1991.

باختصار فإن حال العرب. وخاصة الشعب الفلسطيني أصبح بعد حرب حزيران ليس كما كان قبله، بالرغم من فداحة النكبة، وكما أن منظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية قد نهضتا من رحم الكارثة وبذلتا الجهود وقدمتا التضحيات، إلا أن الوقائع التي فرضتها إسرائيل في حربي عام 1948، وعام 1967، لم يكن من السهل تغييرها من قبل الفلسطينيين وحدهم، وما نحن به اليوم من واقع عربي وفلسطيني مرير قد جاء بسبب هذا التسلسل من الأحداث والتي مثلت حرب حزيران واحدة من أسوأ فصولها.


 
 
 
شريط الأخبار تنفيذ مشروع المدن المرنة الشاملة للأشخاص ذوي الإعاقة في العبدلي خلال العامين المقبلين "مكافحة الفساد": نطور أدواتنا وإمكاناتنا ونعمل على استخدام الذكاء الاصطناعي توزيع أرباح الشركات المساهمة العامة بعد أن أصبحت من صلاحيات مركز الايداع... من المستفيد ومن الخاسر؟ المحاكم النظامية تفصل بأكثر من 417 ألف دعوى خلال عام 2024 رئيس الوزراء يدشن بدء العمل بمشروع التوسعة الجنوبي في شركة البوتاس العربية بكلفة تصل إلى 1.1 مليار دولار مكافحة الفساد: ضبط شبهات تهرب ضريبي بنحو 110 ملايين دينار في 2024 الدين العام يتجاوز 35 مليار دينار خلال الربع الأول من 2025 تحسينات مرورية على تقاطع الملكة علياء لتخفيف الازدحام على شارع الأردن الأمن: لا قضايا خطف أطفال بالأردن.. والبحث عن متحرش بطفلة في الرصيفة الحكومة تنفي تعرض السفير الأردني للاعتداء في رام الله مصدر رسمي: لا صحة لما يتم تداوله من استهداف السفير الأردني في رام الله الملكية الأردنية توقع اتفاقية قرض تجمّع بنكي بقيادة البنك العربي بقيمة 250 مليون دولار جامعة الزيتونة تعلن نتائج مسابقة "قاص الجامعات الأردنية 2024-2025" بمشاركة 21 جامعة إطلاق نار من الاحتلال باتجاه وفد دبلوماسي في جنين.. من بينهم وفد أردني الجغبير يدعو لإعداد دراسات جدوى حول فرص التصدير للأسواق الأوروبية راصد: 1.4٪ من أسئلة النواب نوعية و16.7٪ متقدمة و44.5٪ مقبولة و37.4٪ شكلية بورصة عمان تغلق تداولاتها لجلسة الأربعاء بنسبة انخفاض 0.18% نائب يسأل الحكومة: ليش صفيتوها مستجدات جديدة حول الباخرة التي احترقت في البحر الاحمر وعلى متنها بضائع لتجار اردنيين تجارة الأردن ترحب بنتائج زيارة الوفد الحكومي إلى سوريا