الرواية الأهم.. والأفخم!

الرواية الأهم.. والأفخم!
أخبار البلد -   أخبار البلد - يكتب إلي أديب عربي، صاحب تجربة روائية بهارة لما فيها من جمال عاشق لما هو سراني، وبعيد في أعماقه، وأحلامه النافرة من لوثة السطحية والهشاشة والرضا الكذوب. يسألني: قل لي ماذا تقرأ في هذه الأيام؟ وما هي الرواية التي تقلب صفحاتها الآن؟ فكتبت إليه:
منذ وقت بعيد، وهو وقت أسطوري لا يفارقني، أقلب رواية دانية مني، لكأن عقلي وقلبي يكتبانها، أو لكأن نظري ودمعي يتشاركان في تحبير أسطرها، أو لكأن النهارات، في طلوعها البهي، تبدي صورها الطافحة بالدهشة والذهول، أو لكأن الليالي الطوال بصبرها تضاء بقولاتها، أو لكأن الحياة تستند إلى معانيها كيما لا تسقط أو تميل.
رواية لم أفارق صفحاتها فهي تتحدث عن أريحا، المدينة الفلسطينية التي بنى بيوتها التاريخ/ الجد، وأثثها بالناس، ومحبة القرى، وألفة الاجتماع، المدينة الفلسطينية التي يحاصرها الآن عدونا الإسرائيلي الهرم الذي يجري بحقده، في دروبنا التي شقها الأجداد، كي يطاردنا ويحاصرنا ويقتلنا، ويمنع طلوع النهارات على قرانا وبيوتنا وحقولنا وملاعب أطفالنا، كي يمنع الدفء الروحي من أن يقرع أبوابنا، أقلب الصفحات التي يكتبها أهل أريحا الذين تحاصرهم المصفحات والطائرات وسيارات الجيب والبلدوزرات الإسرائيلية، وأقف عند صفحة طويلة تكاد لا تنتهي سطورها، تتحدث عن مخيم /عقبة جبر/ وتفتيش البيوت منزلا منزلا، وحاكورة حاكورة، والسؤال عن أحمد، ورحيم، وجبارة، وإلياس، وإيلي، وتوهان، وناصر، وفرحان.. المتهمين بكراهيتهم للاحتلال، وعدم الرضا عن براعته في القتل والمطاردة وسرعة القبض على المطلوبين وشتائمه التي تطال المقدسات والمعاني العوالي والأمهات والتاريخ والمستقبل والكتب؛ أقرأ في سطور صفحة مخيم /عقبة جبر/ ما يفعله الإسرائيلي وبخارقية فذة كي يمنع الشمس من دخول البيوت، وكي يحول دون مرور الهواء في حارات المخيم، لأنه قرر حرمان المخيم من الهواء أيضا، وليس عدم التجول والخروج فحسب.
وأقلب الصفحات، فأقرأ عن سيرة طفل فلسطيني عمره ست سنوات اسمه شاهين، اعتقله الإسرائيلي من غرفة صفه، ومن مقعده المدرسي صباحا، أخذه عنوة من بين رفاقه، ومن بين يدي معلمته، ليخبرهم أين ذهب أخوه الكبير /شمدين/ وأين يختبئ؟ وفي باحة المدرسة، وقد خرج طلابها جميعا، وأحاطوا به، وبالجنود المدججين بما يليق بهم ليصبحوا وحوشا، قطع شاهين، ابن السنوات الستة، بكاءه، لا لكي يتنفس، أو يمسح ندى أنفه، بل ليقول لكبير الجنود، إنه يعرف تماما، أين ذهب أخوه شمدين، وأين يختبئ، فصرخ كبير الجند: قل، أين؟ قال: رأيته يطير، مثل حمام العم قسومة، من سطح بيت إلى سطح بيت، وعندما انتهت سطوح البيوت رأيته يطير إلى الأعلى، مثل حمام العم قسومة، ليدخل في غيم كثيف ويختبئ هناك!
أقلب الصفحات، وقد أغرقتني بالذهول، لأرى صورة لأسير ابتلعت زنزانته أكثر من سبع وثلاثين سنة من عمره، حفظ خلالها كل الرسوم والكتابات التي خطها سابقوه إليها، على جدرانها وفوق أرضيتها، وزرع داخل لبابات خبزه بذور الزيتون التي آنسته بخضرة، كلما داسها سجانوه، عاد ليستنبتها من جديد، إنه أسير يشكو ألف ألم، ولا يصرح بأنه مريض، إنه يشكو من السرطان الذي أفقده وزنه كله أو يكاد، لا يطلب شيئا سوى أن يكمل قراءة كتاب فرانز فانون للمرة الثلاثين.
أقلب الصفحات، فأقرأ عن سيدة في السبعين من عمرها في مخيم جنين، اسمها سعدية أم درويش، هي اليوم عروس، بلا زوج، لأن الإسرائيلي قتله على باب البيت بشفرة البلدوزر، لقد ظن الزوج أنه سيمنع البلدوزر من هدم البيت وتخريبه إن وقف أمامه، لكن البلدوزر المتوحش جعله وجدران البيت والسقف والأواني والفرش عجينة من دم؛ سعدية أم درويش، سبعينية العمر، أراها بين السطور واقفة أمام دالية البيت التي بقيت، رغم ارتطامها بالأرض، ومغادرتها لعريشها، تقول لها ها قد غدونا وحيدتين نحرس الجذور.
وأقلب الصفحات، فأقرأ عن بهلول مخيم بلاطة، توحة، الذي يحب أكل النابلسية في الصباح الباكر، وكيف قتله الإسرائيلي فجر هذا اليوم، حين واجه /الجيبات/ الإسرائيلية المسورة بأقفاص الشبك الحديدي، وصرخ بالجنود: ارجعوا، ارجعوا، أهل المخيم نيام، والمدارس لم تفتح أبوابها بعد، حتى فرن الخبز لم يفتح  بعد، لقد قتلوا توحة في عتمة مطبقة تشبه العتمة التي يعشش فيها العالم المتحضر اليوم، ولم تسمع صرخته، وقد سح دمه تحته، سوى طيور الحمام التي راحت تهدل وتهدل كيما يقترب الفجر أكثر فأكثر!
بلى، يا صديقي الأديب العزيز، هذه هي الرواية الأهم، والأفخم التي أقرأ صفحاتها.. اليوم! 
 
شريط الأخبار موقوف يشنق نفسه داخل نظارة أحد المراكز الأمنية في محافظة إربد متى سيقبل نتنياهو بإعادة البيت الذي سرقه أبواه من عائلة كنعان؟ الحياري يوضح تفاصيل تصويب أوضاع المكلفين بخدمة العلم نقابة الصحفيين تعلن أسماء المرشحين للانتخابات إلقاء القبض على شخص حاول تصنيع ألعاب نارية في مصنعه بالزرقاء الحكومة تقرِّر إعفاء القضايا الجمركيَّة من الغرامات بنسبة 90% الملكة رانيا تلتقي مجموعة من الشباب أصحاب المشاريع الإنتاجية هل يمكن إنهاء مشكلة التشويش على الـ GPS في الأردن؟... هيئة الاتصالات تجيب هذا ما قاله وزير الزراعة بشأن استيراد الليمون من عدمه "المركزي": منع اعتماد أي شركة استعلام غير مرخصة عند دراسة الوضع الائتماني للعميل رقم قياسي لأسعار الذهب في الأردن وفاة 6 أشخاص بحادث تدهور مروع في العدسية قافلة مساعدات أردنية جديدة تصل إلى شمال قطاع غزة المركزي يصدر تعليمات حماية المستهلك المالي لقطاع البنوك جيش الاحتلال: إصابة 123 جنديا على جبهتي لبنان وغزة منذ السبت حزب جبهة العمل الاسلامي يدعو أعضاء المؤتمر العام لانتخاب أمين عام جديد في 9 تشرين الثاني القادم أجواء باردة بانتظار الأردنيين.. تفاصيل الطقس حتى الخميس الأشغال تدعو أوائل الجامعات للمقابلة الشخصية (أسماء) الجيش: قرار تأجيل دفتر خدمة العلم "لم يكن مفاجئا" واتخذ قبل 5 أشهر قناة الـ "MBC" أم "WC" ..عبرية تلبس شماغ وعقال ويديرها "أذرعي"!