الكذب بالأرقام

الكذب بالأرقام
أخبار البلد -   أخبار البلد - يروي الإحصائيون قصة تُجسد إمكانية خداعهم للناس بالأرقام! فتخيل أن صحافياً في ولاية سياتل الأميركية قد ركب حافلة ما، ليجد في مقدمتها أغنى أغنياء العالم بيل غيتس، مع 9 شخصيات مرموقة. فجادت قريحته بكتابة تقرير صحافي يسأل فيه كل ركاب الحافلة عن معدل دخولهم السنوية. فلو كانت الدخول السنوية لكل شخصية 100 ألف دولار في السنة وكان دخل بيل غيتس 6 مليارات سنوياً، فكتب في تقرير تصدره مانشيت: «معدل الدخول السنوية لسكان سياتل نحو 600 مليون دولار سنوياً! وذلك بقسمة جميع الدخول على عدد الأفراد (10 أفراد). في حين أنه لو ترجّل الملياردير من الحافلة سيتحول المتوسط (average) إلى 100 ألف دولار بقسمة دخولهم على العدد المتبقي (9 شخصيات) من دون الملياردير. وشتان بين المعدلين.

هذه القصة الرمزية تشخّص لنا التلاعب بالأرقام. ولذلك قال لنا بروفسور كبير في الإحصاء في بداية مادة الإحصاء: «نحن الإحصائيين أخطر كَذباً، لأننا نستطيع أن نكذب عليكم بالأرقام، إنْ شئنا، وسوف تصدقوننا»، (انتهى كلامه).

ولذلك تعلمنا في مادة الإحصاء كيف تؤثر القيم المتطرفة في مجموعة بيانات على متوسطها ووسطها ومنوالها. وهذا ما يدفعنا لاستبعاد الأرقام الاستثنائية حتى لا ينخدع المتلقي بحوادث فردية أو نادرة الحدوث. فعندما ترتفع نسبة حوادث السيارات في سنة واحدة إلى 35 في المائة لزلزال أو كارثة، وتبقى في حدود زيادة 2 في المائة طوال السنوات العشرين الماضية يُفترض أن ننوه إلى استبعاد السنة الاستثنائية في تقاريرنا أو قراراتنا مع تبرير ذلك.

إذن ما تقدمه الإحصائيات أمر مهم لنا لكنه خطير. وهذا ما دفع بنيامين دزرائيلي، رئيس الوزراء البريطاني في عام 1868، إلى قول عبارة شهيرة بأن هناك «أكاذيب (عادية)، وأكاذيب كبرى، وإحصائيات»! وقال خليفته لاحقاً، رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل، إن «الحقيقة غالية جداً، ولذا يجب أن نحميها بجيوش من الأكاذيب».

بغضّ النظر عن دوافع الكذب أو التلاعب بالأرقام، فإنه أمر ليس محصوراً في الاقتصاد والسياسة، فهو يدخل في التسويق والمبيعات والإدارة بل حتى في محاولات الموظفين إيهام مسؤوليهم بمستوى رضا العملاء أو المراجعين بالاستناد إلى إحصائية مضخَّمة لينعموا بالمكافأة السنوية، أو يتجنبوا مواجهة فتح تحقيق، أو ملاسنة كلامية! وكثيراً ما أتساءل، عندما أقرأ ما تزعمه منصة أفلام ومسلسلات عبر الإنترنت من أن هذه القائمة هي الأكثر مشاهدة، ثم نلاحظها تنسى أو تتناسى أن تذكّرنا، هل أكمل المشاهدين الحلقات كلها، أم بُنيت إحصائياتهم على «النقرة الأولى» على صورة البوستر الجميلة، ثم جاءتهم خيبة الأمل بمسلسلات سخيفة فغادروها فوراً؟!

مشكلة التهاون في الإحصائيات أنها قد تدفع متخذ القرار إلى اتخاذ قرارات جوهرية وخطيرة في تغيير قانون أو نسف قرار مهم، بسبب عدم إحاطة نفسه بمستشارين ضليعين في علم الإحصاء إلى جانب نظرائهم من تخصصات أخرى. فلا يُعقل أن نصدق مثلاً نسبة الطلاق السنوية مقابل الزواج، فنقول: «مَن تطلق أكثر ممن تزوج» هذا العام، فكيف نقارن زيجات قديمة لسنوات طويلة، بزيجات جديدة في العام الجاري. المقارنة تكون بين تفاحتين، كما يقال، وليست بين تفاحة وبرتقالة.

صحيح أن حبل الكذب قصير، لكنّ بعض الأكاذيب تنجح ثم تصبح جرحاً غائراً في وجدان مَن خدعهم مسؤول رفيع كانوا يكنّون له الاحترام والمودة. ولهذا قال الفيلسوف نيتشه: «لستُ منزعجاً لأنك كذبت عليّ، لكنني منزعج لأنني لن أصدقك بعد هذه المرة».
 
شريط الأخبار عشرات الآلاف يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى 3 وفيات وإصابة إثر تسرّب غاز في عمان الجيش: القبض على شخصين حاولا التسلل من الواجهة الشمالية عبيدات: تقليم أشجار الزيتون يلعب دورا كبيرا في تحسين الإنتاج شهيد باقتحام الاحتلال بلدة أودلا جنوبي نابلس الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة "درون" على الواجهة الغربية الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026 الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025 "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026!