حق العودة مقدس للكل الفلسطيني، ولا يوجد فلسطيني لاجئ أو مواطن أو مغترب ضد حق العودة، أو يناقش في أولويته وأهميته وقداسته، لأنه مرتبط أشد الارتباط بمسألة الأرض والحقوق الفردية والجمعية للشعب الفلسطيني، ولا يمكن الحديث عن حل سياسي للمسألة الفلسطينية يتجاوز أو يقفز عن التأكيد على حق العودة، ولا يجوز لقائد كائنا من كان أن يتخلى عن هذا الحق، أو يتجاهله، أو يساوم عليه؛ لأن هذا الحق كفله أولا الحق التاريخي، وثانيا القانون الدولي، وثالثا رسخته الشرعية الدولية في القرار الدولي 194 لعام 1948، والذي كان أحد القرارات التي التزم بها موشي شاريت، وزير خارجية إسرائيل الأول آنذاك للحصول على الاعتراف الأممي بالدولة اللقيطة. ورغم أن توقيعه على القرارين 181 و194 كان جزءا من المناورة. ولكن توقيعه وثيقة موجودة حتى الآن في هيئة الأمم المتحدة، وبالتالي ورغم مرور 75 عاما على تلك الواقعة والنكبة، بيد أنه لم يسقط، ولن يسقط بالتقادم، وسيبقى الاعتراف بإسرائيل غير قائم، ومحل طعن ما لم يتم تفيذ القرارين الأمميين المتعلقين بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من أراضي دولة فلسطين، وإعلان استقلالها الناجز، والسماح بعودة اللاجئين الـ950 ألفا وأبنائهم وأحفادهم، الذين بلغوا حتى الآن سبعة ملايين فلسطيني أو يزيد.
وعليه فإن محاولة حركة الانقلاب الأسود حماس ومن يتساوق معها من الجاليات في المهاجر الأوروبية العبث بمستقبل القضية الوطنية بذريعة الدفاع عن حق العودة مرفوض، وغير مسموح به، لأنه يشكل خطرا على وحدة الأرض والشعب والقضية والمشروع الوطني، ولا يخدم من قريب أو بعيد أي شخصية وطنية انساقت وراء العواطف والشعارات الغوغائية وتماهت مع دعوة وخيار جماعة الإخوان المسلمين فرع فلسطين، التي وجدت بهدف تمزيق وحدة الأرض والشعب والمصالح الوطنية العليا.
ومن يرد حقا الدفاع عن حق العودة، فعليه التراجع الفوري عن الانخراط في مخطط حركة حماس ومن يقف معها من القوى والشخصيات المأزومة، أو المشخصنة للصراع مع القيادة الشرعية الفلسطينية، لأن المصلحة الفلسطينية الأولى ترتكز على تعميق الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وتعميق الكفاح الشعبي والسياسي والقانوني والثقافي لتعزيز مكانة القضية والشعب على المسرح الإقليمي والدولي. وحماية الشعب من التشرذم والانقسام والانقلاب الأسود، التي تصب جميعها في خدمة المشروع الصهيوني شاء المتورطون أم لم يشاءوا، النتيجة واحدة، وهي ذاتها، ولا توجد أي فائدة وطنية مهما كانت محدودة من المؤتمر العبثي.
أضف إلى أن عقد المؤتمر المشبوه تزامنا مع الذكرى الـ75 للنكبة، وفي الوقت الذي تحتفل فيه الأمم المتحدة للمرة الأولى بذكرى النكبة، ومع ذهاب رئيس منظمة التحرير ودولة فلسطين ليلقي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمناسبة لأهميتها، يعتبر خرقا فاضحا لأولويات وبديهيات العمل الوطني. ويخدم أعداء القضية والشعب الفلسطيني، الذين أوجدتهم ورعتهم إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول العربية والإسلامية خدمة للمشروع الصهيوني، وحملت لهم الأموال بالحقائب الدبلوماسية، ومررها لهم من مطار بن غوريون بنيامين نتنياهو ووزراء الحرب والحكومات الفاشية الإسرائيلية المتعاقبة ليمنحوا التكفيريين والانقلابيين والتخوينيين الحياة، واعتبرها زعيم الليكود الفاسد، السلاح الأمضى للقضاء على القضية الفلسطينية، وتبديد المشروع الوطني.
أيها الوطنيون والديمقراطيون المضللون أو المتورطون في لعبة حركة حماس، عودوا لرشدكم، وابتعدوا بإرادتكم وبقراركم الوطني الخاص عن حقول ألغام فرع جماعة الإخوان المسلمين خدمة لخياراتكم الوطنية. لا سيما أنكم بتم تدركون حقيقة مشروع حماس، أو بدت الصورة أوضح أمامكم من الانقلاب الأسود على الشرعية في غزة، الذي لم يكن أكثر من معول هدم للمشروع الوطني، وهدف وما زال يهدف لتدمير الذات الوطنية تحت يافطة "المقاومة" وهم براء من المقاومة، ولو كانوا مع المقاومة لما فكروا للحظة بالانقلاب الأسود عام 2007، ولخاضوا النضال السياسي والبرلماني لتصويب أية نواقص أو أخطاء أو حتى خطايا. لكنهم نشأوا وتأسسوا ودعموا من أعداء القضية ليكونوا خنجرا في ظهر الشعب ومشروعه الوطني. وليراجع كل منكم تجاربهم في مصر وسوريا والعراق وليبيا والجزائر وتونس والسودان والمغرب وحيثما شئتم لتتيقنوا أنهم ليسوا رواد عودة ولا دفاعا عن المشروع الوطني، إنما هم تجار دين ودنيا.