جاء ذلك في اجابته على سؤال الهيئة عن مطالب "إسرائيل" من الأردن للإفراج عن النائب عماد العدوان المعتقل لدى الكيان المحتل منذ السبت الماضي.
كوهين حدد استراتيجية الكيان المحتل في التعامل مع حادثة اختطاف واعتقال النائب العدوان خلال توجهه إلى الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 بتأكيده مصداقية روايته، والأهم سيادة الاحتلال على غور الاردن ومعبر الكرامة (النبي) المنفذ الرئيسي للضفة الغربية المحتلة، فعندما سُئل كوهين عما إذا كانت "إسرائيل" ستطلب وعدًا أردنيًا بمقاضاته في حال تسليمه، أجاب كوهين أن وزارة الخارجية و"جهات أمنية" يجرون محادثات حول هذه القضية.
وأكد أن القرارات لن تتخذ إلا بعد عمليات الفحص والتحقيق في الحادث، "لكن على أية حال، نحن على يقين من أنه يجب أن يحاكم".
جهود الاحتلال لمناقشة الخيارات الممكنة علنًا وعلى لسان وزير الخارجية لم يقابله نشاط مماثل من الحكومة في الاردن؛ إذ اقتصر على معلومات شحيحة حول الحادثة، وطرق التعامل معها، الى جانب الإعلان عن لقاء مرتقب سيجمع السفير غسان المجالي بالنائب عماد العدوان للاطلاع على احواله والاستماع لروايته.
حتى اللحظة لم تتضح معالم الاستراتيجية الاردنية في التعامل مع ملف اعتقال النائب العدوان؛ اذ تفتقد الساحة السياسية والحكومية والنيابية لتصريحات واضحة ومركزية، رغم وجود أصوات من مجلس النواب والاعيان تدين، وتطالب بالإفراج عن النائب الى جانب تحركات عشائرية وعائلية تدعو الحكومة للتحرك وتؤكد الثقة بأدائها.
في خضم عملية الرصد للساحة في الاردن، برزت تعليقات قانونية على الحادثة بعضها اكد ان النائب لا يتمتع بالحصانة الدبلوماسية، في حين اكدت اخرى وجود سوابق وبنود تسمح بتوفير هذه المظلة للنائب، إلا أن ابرز المداولات القانونية ما قدمه استاذ القانون الدولي محمد الموسى التي اكد فيها الحق في دعم الشعوب التي تعاني من الاحتلال بالدعم والإسناد أسوة بما يحدث في اوكرانيا على سبيل المثال، مستشهداً بقرار محكمة العدل الدولية حول جدار الاحتلال العازل؛ اذ دعت المحكمة في لاهاي عام 2002 لإسناد الشعب الفلسطيني، وتقديم الدعم له لمواجهة الاحتلال.
المداولات السياسية والاعلامية والقانونية الخجولة يمكن تطويرها لتتحول الى استراتيجية اردنية رسمية للتعامل مع ملف النائب عماد العدوان للضغط على الاحتلال بفتح معركة قانونية تشكك بحقه في السيطرة على المعابر الحدودية مع الاراضي المحتلة.
وبفتح معركة قانونية واعلامية تحرجه وتستنزف طاقاته السياسية والاعلامية، وتنقل الملف الى المحافل الدولية محولة النائب العدوان الى سابقة قانونية وسياسية يمكن نقلها الى مجلس الامن ومناقشتها، محرجةً بذلك الدول الاوروبية واميركا التي تخوض صراعا في اوكرانيا امام خصومها الروس والصينيين.
الانتقال الى مجلس الأمن لمناقشة حادثة اختطاف النائب على معبر حدودي يعتبر الصلة الوحيدة للضفة الغربية المحتلة بالعالم الخارجي يمثل ذروة التصعيد والازعاج للكيان، ومجرد التلويح به أمر سيدفع اميركا واوروبا إلى المسارعة لإغلاق الملف.
في حين ان رفض الرواية الاسرائيلية وتقديم رواية موازية من ناحية اخرى يمثل المسار والمخرج الممكن لتسوية سريعة؛ فالعالم بات يملك الى جانب الآذان والعيون الاوروبية والامريكية آذاناً وعيوناً صينية وروسية لما يمكن روايته وتصديقه.
الخيار الامثل للكيان المحتل امام هذا الاحتمال التصعيدي اطلاق سراح النائب، وتغيير روايته المقدمة لوسائل الاعلام او ابتلاعها، مقابل رفض الحكومة والخارجية في الاردن لرواية الاحتلال وتشكيكها بالحادثة وبشكل متواصل.
أما الحديث عن محاكمة النائب العدوان محلياً فيجب ان لا يختلف الرد فيها عن حادثة استقبال نتنياهو لحارس السفارة في عمّان.
ختامًا..
لقد أوضح كوهين إستراتيحية وسقوفه، وحان الوقت للخارجية الاردنية لتحديد إستراتيجيتها وسقوفها، بل تحديد مدى زمني مفتوح للازمة قد يمتد لعام او عامين وهي اضافة نوعية لم يقدمها كوهين لإظهار النفس الطويل في التعامل مع الملف محليا واقليميا ودوليا: فهل تحتمل حكومة نتنياهو ذلك في ظل المتغيرات الدولية وفي ظل ازمتها الداخلية؟