رسالة إلى ولدي / محمد بدر
.....وبعد، فاني أستميح القرّاء الأعزّاء عذرا إذ أبثّ لهم من مكنونات القلب والنّفس والتي تبدو في ظاهرها شخصيّة إلاّ أنّني أّوجّهها لكلّ أبناء الوطن من هم في مثل سنّ ولدي . وقد كتبتها بمناسبة تخرّج ولدي البكر ( أسامة ) من كليّة الهندسة ، فإليك والى كلّ الأبناء على امتداد الوطن هذه الرّسالة
ولدي الحبيب : إن ظروف الحياة ومتطلّباتها وكثرة الأشغال والاهتمامات والواجبات تجعلنا أحيانا ـــ دون قصد ــــ ننسى أشياء أكثر أهميّة ربّما لأيماننا بأنّ ذلك من المعروف بداهة .... فينسى الأب مثلا التّعبير عن مشاعره أو إظهارها باستمرار....ولكن أريدك يا ولدي...يا متغلغلا في خلايا جسمي ودمي...أن لا تشك لحظة واحدة أو يخطر لك خاطر أنّي أحبك حبا لا يعلم مداه إلا من يعلم السّر وأخفى سبحانه.. وغداـــ إن شاء اللّه ـــ عندما تصبح أبا ستعلم مقدار وقيمة هذا الحبّ .
ولدي يا رعاك اللّه: اعلم يا ولدي أنّ الأب من حبّه لأبنه يحبّ أن يكون أفضل النّاس...وانّ الإنسان لا يحبّ أن يكون من هو أفضل منه إلا ولده . لذلك ترانا (نحن الآباء) نفعل أيّ شيء لتحقيق هذه الرّغبة...نجوع ليطعم ...نعرى ليلبس...نتخلّى عن كثير من متطلّباتنا وحاجاتنا لنوفّرها للأبناء ...فكم رأينا آباء يبيعون ..ـــــ ما فوقهم وما تحتهم ــــ ليوفروا لأبنائهم حاجاتهم أو تعليمهم لإيصالهم إلى الأفضل ...وهم يفعلون ذلك عن طيب خاطر وبمنتهى اللّذة والاستمتاع والفرح...ودون منّ أو أذى... أو طلب .
أي بنيّ : ربّما تعجب أحيانا عندما أخاف عليك أو من كثرة سؤالي ولهفتي ....فتقول لي ...لقد أصبحت كبيرا يا أبي....ولكنّي وأنت تكبر على عيني ... ما زلت في نظري ذلك الطّفل الجميل الصّغير الّذي يحتاج لحمايتي واهتمامي ...أشتري له الألعاب والحلوى ويفرح بها .. مقبلا عليّ عند عودتي لأضمّك وأقبّلك ...
أتذكرُ ... يا بنيّ ... ذات رمضان بعيد ...وقبيل الإفطار بقليل .. بدأت تتلوّى وتبكي من الألم ...فحملتك وأمّك مسرعين إلى المستشفى وبقينا ننتظر وبقلق حتّى تحسّنت وزال ما بك فعدنا ....يومها كان إفطارنا بعد السّاعة الواحدة بعد منتصف اللّيل ...حامدين شاكرين ......أن منّ الله عليك بالشّفاء .
عندما تخرج إلى الحياة ـــ ولدي الحبيب ـــ ستجد أشياء كثيرة لا تخضع للقواعد والقيم الّتي حاولت غرسها...ستجد البعض يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم... وستجد أناسا ينظرون إلى الحياة والكون والنّاس والأشياء من خلال ذواتهم ... ستعامل أناسا يستعملون الآخرين كسلّم ليتسلّقوه فان أنهوا ركلوه بأرجلهم كي لا يستعمله غيرهم . وهناك من كلّ مؤهلاته الهمز واللّمز والدّس وإحباط العاملين المجدّين والإيقاع بين النّاس ونقل الأخبار والتّقرّب إلى المسئولين بما لا يليق بأصحاب الهمم والمروءة.
معذرة يا بنيّ إن فصّلت في ذكر هذه النّماذج ـــ فليس كلّ النّاس بهذه الصّفات ـــ فالخيّرون كثيرون كما علّمنا رسولنا صلّى اللّه عليه وسلّم ( الخير فيّ وفي أمّتي إلى يوم القيامة ) وكما قال الصّحابيّ ( حذيفة بن اليمان ) رضي اللّه عنه موضّحا هذا المنهج ...كان الصّحابة يحدّثون النّاس عن الخير وكنت أحدّثهم عن الشّر مخافة أن يصيبني .
سترى ـــ بنيّ ـــ أنّ الحياة ليست نمطا واحدا وأنّ كثيرا ممّا ستراه لم يسبق لك مواجهته فاستعمل عقلك وحكمتك فالحياة مدرسة كبيرة نتعلّم فيها ومنها كلّ يوم أشياء جديدة . وللّه درّ إيليا أبي ماضي وهو يقول :
فذا الكون جامعة الجامعات * * * * * * * وذا الدّهر أستاذها المعتبر
آمل بنيّ أن لا تنسى من لهم فضل عليك وأوّلهم والدتك وأهلك ومعلّموك وتبقى شاكرا معترفا فمن لا يشكر النّاس لا يشكر اللّه . واحرص على دينك وصلاتك وحسن الخلق..احترم الكبار واحفظ مقامهم وأعطف على الصّغار والضّعاف ومن هم بحاجة إليك ..أوصيك بإخوانك خيرا وأخصّ الإناث من رحمك ...حفظك اللّه واسلم لأبيك ...
ملحوظة : الولد يطلق على الذّكر والأنثى ...
abo_ossama1@yahoo.com
.....وبعد، فاني أستميح القرّاء الأعزّاء عذرا إذ أبثّ لهم من مكنونات القلب والنّفس والتي تبدو في ظاهرها شخصيّة إلاّ أنّني أّوجّهها لكلّ أبناء الوطن من هم في مثل سنّ ولدي . وقد كتبتها بمناسبة تخرّج ولدي البكر ( أسامة ) من كليّة الهندسة ، فإليك والى كلّ الأبناء على امتداد الوطن هذه الرّسالة
ولدي الحبيب : إن ظروف الحياة ومتطلّباتها وكثرة الأشغال والاهتمامات والواجبات تجعلنا أحيانا ـــ دون قصد ــــ ننسى أشياء أكثر أهميّة ربّما لأيماننا بأنّ ذلك من المعروف بداهة .... فينسى الأب مثلا التّعبير عن مشاعره أو إظهارها باستمرار....ولكن أريدك يا ولدي...يا متغلغلا في خلايا جسمي ودمي...أن لا تشك لحظة واحدة أو يخطر لك خاطر أنّي أحبك حبا لا يعلم مداه إلا من يعلم السّر وأخفى سبحانه.. وغداـــ إن شاء اللّه ـــ عندما تصبح أبا ستعلم مقدار وقيمة هذا الحبّ .
ولدي يا رعاك اللّه: اعلم يا ولدي أنّ الأب من حبّه لأبنه يحبّ أن يكون أفضل النّاس...وانّ الإنسان لا يحبّ أن يكون من هو أفضل منه إلا ولده . لذلك ترانا (نحن الآباء) نفعل أيّ شيء لتحقيق هذه الرّغبة...نجوع ليطعم ...نعرى ليلبس...نتخلّى عن كثير من متطلّباتنا وحاجاتنا لنوفّرها للأبناء ...فكم رأينا آباء يبيعون ..ـــــ ما فوقهم وما تحتهم ــــ ليوفروا لأبنائهم حاجاتهم أو تعليمهم لإيصالهم إلى الأفضل ...وهم يفعلون ذلك عن طيب خاطر وبمنتهى اللّذة والاستمتاع والفرح...ودون منّ أو أذى... أو طلب .
أي بنيّ : ربّما تعجب أحيانا عندما أخاف عليك أو من كثرة سؤالي ولهفتي ....فتقول لي ...لقد أصبحت كبيرا يا أبي....ولكنّي وأنت تكبر على عيني ... ما زلت في نظري ذلك الطّفل الجميل الصّغير الّذي يحتاج لحمايتي واهتمامي ...أشتري له الألعاب والحلوى ويفرح بها .. مقبلا عليّ عند عودتي لأضمّك وأقبّلك ...
أتذكرُ ... يا بنيّ ... ذات رمضان بعيد ...وقبيل الإفطار بقليل .. بدأت تتلوّى وتبكي من الألم ...فحملتك وأمّك مسرعين إلى المستشفى وبقينا ننتظر وبقلق حتّى تحسّنت وزال ما بك فعدنا ....يومها كان إفطارنا بعد السّاعة الواحدة بعد منتصف اللّيل ...حامدين شاكرين ......أن منّ الله عليك بالشّفاء .
عندما تخرج إلى الحياة ـــ ولدي الحبيب ـــ ستجد أشياء كثيرة لا تخضع للقواعد والقيم الّتي حاولت غرسها...ستجد البعض يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم... وستجد أناسا ينظرون إلى الحياة والكون والنّاس والأشياء من خلال ذواتهم ... ستعامل أناسا يستعملون الآخرين كسلّم ليتسلّقوه فان أنهوا ركلوه بأرجلهم كي لا يستعمله غيرهم . وهناك من كلّ مؤهلاته الهمز واللّمز والدّس وإحباط العاملين المجدّين والإيقاع بين النّاس ونقل الأخبار والتّقرّب إلى المسئولين بما لا يليق بأصحاب الهمم والمروءة.
معذرة يا بنيّ إن فصّلت في ذكر هذه النّماذج ـــ فليس كلّ النّاس بهذه الصّفات ـــ فالخيّرون كثيرون كما علّمنا رسولنا صلّى اللّه عليه وسلّم ( الخير فيّ وفي أمّتي إلى يوم القيامة ) وكما قال الصّحابيّ ( حذيفة بن اليمان ) رضي اللّه عنه موضّحا هذا المنهج ...كان الصّحابة يحدّثون النّاس عن الخير وكنت أحدّثهم عن الشّر مخافة أن يصيبني .
سترى ـــ بنيّ ـــ أنّ الحياة ليست نمطا واحدا وأنّ كثيرا ممّا ستراه لم يسبق لك مواجهته فاستعمل عقلك وحكمتك فالحياة مدرسة كبيرة نتعلّم فيها ومنها كلّ يوم أشياء جديدة . وللّه درّ إيليا أبي ماضي وهو يقول :
فذا الكون جامعة الجامعات * * * * * * * وذا الدّهر أستاذها المعتبر
آمل بنيّ أن لا تنسى من لهم فضل عليك وأوّلهم والدتك وأهلك ومعلّموك وتبقى شاكرا معترفا فمن لا يشكر النّاس لا يشكر اللّه . واحرص على دينك وصلاتك وحسن الخلق..احترم الكبار واحفظ مقامهم وأعطف على الصّغار والضّعاف ومن هم بحاجة إليك ..أوصيك بإخوانك خيرا وأخصّ الإناث من رحمك ...حفظك اللّه واسلم لأبيك ...
ملحوظة : الولد يطلق على الذّكر والأنثى ...
abo_ossama1@yahoo.com